كتب رئيس التحرير: بدأ المونديال في قطر، في موسم "حج رياضي" ضخم، واحتفال وصف بأنه أكثر من رائع، في أول بلد عربي يستضيف مثل هذا الحدث الرياضي الهام.
ومع انطلاق صافرة الشوط الأول لأول مباراة في هذا المونديال، تنطلق معها صافرةٌ فلسطينية لتلمُّس الفائدة المرجوة من هذا المونديال للقضية الفلسطينية والعالم العربي ككل، إيماناً بأن قوة العرب من قوة فلسطين، وقوة فلسطين من قوة العرب، فهل فعلاً انطبقت هذه المقولة على القضية الفلسطينية في ظل عقد المونديال في الدوحة؟
إسرائيل ودبلوماسيتها وأجهزتها لا تترك حدثاً محلياً كان أو عالمياً إلا وتحاول التأثير فيه على الرأي العام الدولي، كما أنها عملت المستحيل لتحقيق اختراق في الأنظمة العربية، ليتكلل ذلك باتفاقيات التطبيع المتتالية، والتي ضمت لمعسكر السلام العربي الفلسطيني عدداً من الدول العربية في آسيا وأفريقيا.
برز الحديث عن العلاقة العربية الإسرائيلية مع انتشار مقطع الفيديو الذي يرفض فيه مواطن قطري الظهور على وسيلة إعلام إسرائيلية خلال فعاليات كأس العالم لكرة القدم، والتي صاحبتها موجة تقدير وإطراء، وهو ما كشف عن الموقف الحقيقي للشعوب العربية والتي تختلف بشكل كبير مع مواقف أنظمتها.
لكن وفي نفس الوقت غاب الحديث عن سبب السماح لهذه الوسيلة العبرية من دخول الأراضي القطرية، خصوصاً بعد استشهاد مراسلة الجزيرة القطرية شيرين أبو عاقلة برصاص دولة وسيلة الأنباء تلك، أولم يكن من الواجب على قطر أن تحظر على وسائل الإعلام العبرية التواجد على الأراضي القطرية احتراماً لدماء شيرين التي لم تجف بعد في جنين؟
لماذا تفتح مكاتب اسرائيلية في عواصم الدول العربية ومنها قطر ولماذا تستضاف الوفود والفرق الاسرائيلية في دولنا العربية وبين شعوبها؟ ألم نلاحظ رفض بولندا خلال هذا الأسبوع استقبال وزير خارجية روسيا بسبب "العدوان على أوكرانيا"؟ فلماذا لم نعد نسمع رفض دول عربية لاستضافة سياسيين في دولنا العربية؟ أوليست قطر كانت السباقة في فتح قنواتها ومحطتها التلفزيونية وخاصة قناة الجزيرة للمجرمين الإسرائيليين ليبرروا جرائمهم ضد الشعب الفلسطيني ويدخلوا من خلالهم لكل بيت عربي؟
الغريب في الأمر، أن الجزيرة التي تفتح أبوابها للرواية الإسرائيلية تحتفل اليوم برفض المواطن القطري الظهور على وسيلة إعلام إسرائيلية، متناسية نفسها حين استضافت وتستضيف ناطقين باسم جيش الاحتلال!
زاوية أخرى من زوايا المونديال تهم الشأن الفلسطيني، وهي كتابة "غزة في قلوبنا" على برج كبير في الدوحة، حيث تم تداول هذه الصورة في الوسط العربي والفلسطيني بشكل كبير، لكن ألم يكن الأجدر أن تذكر فلسطين ككل؟ لماذا يختصر القطريون فلسطين بغزة؟
هل تريد قطر اختصار علاقتها مع فلسطين وحصرها في غزة، أليس الهدف تعميق الانقسام ودعم وجود دولة غزة كما يرغب الاحتلال الإسرائيلي؟ أليس هذا التوجه مطابقاً لتوجه تل أبيب بدعم أمريكي مع بعض الدول الأوروبية لزرع فكرة ان غزة هي فلسطين؟
أعلام فلسطين مرفوعة في قطر، لكن في المقابل هناك خط طيران مباشر لأول مرة بين تل أبيب والدوحة! هناك وجود إسرائيلي كبير على الأراضي القطرية وكأنها "طبّعت وزيادة"!
قطر التي أنفقت للاستعداد لاستقبال كأس العالم للعام 2022 حوالي 220 مليار دولار من إنشاء ملاعب وقطارات وفنادق فخمة وشوارع وأسواق لو كان لديها توجه عروبي لأخرجت كثيراً من الدول العربية من أزماتها بهذا المبلغ ولخلصت فقراء العرب على الأقل من فقرهم.
الشعوب لن تُخدع بالشعارات وبعض الصور التي ترفع لفلسطين، خصوصاً عندما يرى العربي بأم العين أن اسرائيل في قلب عواصمهم والتي تمتلئ شوارعها بالإسرائيليين والتجار والشركات الإسرائيلية، بل وبالسياسيين ومجرمي الحرب الذين قتلوا وأعدموا أطفال فلسطين ودنسوا مقدساتها الإسلامية والمسيحية، بل وأصبحت إسرائيل تقود عمليات اغتيال الفلسطينيين في قلب مدنهم وعواصمهم.