رام الله- خاص لـ صدى نيوز: يبدو أن الحكومة الفلسطينية وجدت في رواتب الموظفين العموميين الحل الأسهل لتقليص أزمتها، بعد أن فشلت في حل المشكلة عبر السبب الرئيسي للأزمة وهي المجالس القروية والبلديات وشركات المياه والكهرباء والتي تراكمت عليها الديون صالح الاحتلال الإسرائيلي، ليتسببوا بأزمة وعجز كبيرين للموازنة العامة، أثرت بشكل كبير على رواتب الموظفين الذين يتقاضون لأكثر من عام 80% من رواتبهمّ!
في هذه المادة أرقام رُبما تكشف جزءاً من المشكلة المالية الفلسطينية، وأعلى الأرقام التي اقتطعتها تل أبيب من أموال المقاصة خلال الأشهر الـ9 الأولى من العام الجاري.
الإيرادات خلال 9 أشهر 11.60 مليار شيكل
أظهر تقرير الميزانية الفلسطينية الصادر عن وزارة المالية أن إجمالي الإيرادات المالية للحكومة الفلسطينية بلغ 11.60 مليار شيكل في الشهور التسعة الأولى من العام الجاري، بينها 10.7 مليار شيكل، إيرادات ضريبية.
وبلغت إيرادات الجمارك على السلع المستوردة عبر "المقاصة" خلال نفس الفترة، حسب متابعة صدى نيوز، 3.8 مليار شيكل، فيما بلغ ضريبة المحروقات 2.4 مليار شيكل، وبلغت قيمة ضريبة القيمة المضافة المجباة من طرف إسرائيل والمجباة من طرف وزارة المالية 2.9 مليون شيكل.
وحسب التقارير المالية التي اطلعت عليها صدى نيوز، فإن الإيرادات الضريبية ورسوم المعاملات الحكومية وأموال المقاصة تشكل 85% من إيرادات الحكومة الفلسطينية و10% من المنح الخارجية و5% من القروض.
47.4 % من مجمل الاقتطاعات الإسرائيلية سببها ديون الماء والكهرباء!
وبلغ مجموع ما اقتطعته إسرائيل من أموال المقاصة في الشهور التسعة الأولى من العام الجاري 1.94 مليار شيكل، وهو ما يشكل 23% من مجمل أموال المقاصة لنفس الفترة، حيث بلغت ديون الماء والكهرباء لوحدها 920 مليون شيكل، وهو ما يشكل 47.4% من مجل الاقتطاعات!
وتوزعت الاقتطاعات الإسرائيلية على النحو التالي:ديون كهرباء: 650.3 مليون شيكل، إيرادات محتجزة (مخصصات الشهداء والأسرى): 450.6 مليون شيكل وهي قيمة ما تصرفه الحكومة لأسر الشهداء والأسرى خلال نفس الفترة، ديون مياه 270.2 مليون شيكل، خصم 3% رسوم تحصيل: 250.4 مليون شيكل، ديون المشافي الإسرائيلية 140 مليون شيكل، تسديد قروض: 86.8 مليون شيكل، غرامات الصرف الصحي 77.7 مليون شيكل، قرارات محاكم إسرائيلية 21.8 مليون شيكل.
تشكل الفقرة السابقة كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى لكل فلسطيني، وبمقارنة بسيطة نجد أن متأخرات المياه والكهرباء على البلديات والمجالس البلدية بلغت 920 مليون شيكل، في حين بلغت الاقتطاعات الإسرائيلية بسبب رواتب الأسرى والشهداء 450 مليون شيكل أي أقل من نصف ما تخصمه إسرائيل بسبب ديون الكهرباء والمياه.
لا يعني ذلك أن تتوقف الحكومة الفلسطينية عن مطالبة الاحتلال والعالم للتدخل لوقف هذه الخصومات الجائرة وغير القانونية، بل المعنى الصحيح هو أن تعالج الحكومة أزمتها من خلال فتح ملف (صافي الإقراض) الذي عجزت عنه كل الحكومات المتعاقبة، فتعالج ديون الكهرباء والمياه جذرياً للخروج من هذه الأزمة، إن امتلكت الحكومة القوة أو الإرادة لفتح هذه الملف، وأن لا يستخدم المال العام في سد عجز شركات خاصة وبلديات ومجالس قروية في ظل أزمة مالية خانقة طالت مئات آلاف المنازل الفلسطينية.
كذلك تشير الاقتطاعات الإسرائيلية إلى كارثة أخرى وهي غرامات الصرف الصحي، وهي الغرامات التي تفرضها تل أبيب على مياه الصرف الصحي الفلسطينية التي تمر من مناطق ما يسمى (ج)، حيث بلغت هذه الغرامات خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري 77.7 مليون شيكل، وهي أموال ربما تكفي لبناء محطات تنقية، ليستفيد الفلسطينيون من مياه الصرف الصحي في الري، وليوفروا أموالهم العامة حتى لا تدخل خزينة الاحتلال الإسرائيلي.
وتبلغ فاتورة الرواتب والأجور حسب متابعة صدى نيوز 950 مليون شيكل شهريا. وتشمل هذه الفاتورة، رواتب وأجور الموظفين العموميين ورواتب المتقاعدين، وأشباه الرواتب لـ 245 ألف مستفيد، بينما الإيرادات الشهرية 980 مليون شيكل، بحسب تصريحات سابقة لوزير المالية، الذي قال إن الحكومة بصدد تنفيذ خطة لتقليص فاتورة الرواتب لتستقر عند 50 %من مجمل الإيرادات خلال 2023.