خاص صدى نيوز- على الرصيف الملاصق للسور الشمالي للجامعة الإسلامية في مدينة غزة، يفرش المعلم المتقاعد محمد حسن ماضي (62عاماً) مئات الكتب المتنوعة في محاولة منه لإحياء ثقافة القراءة التي بدأت تتلاشى في ظل التطور التكنولوجي.

منذ تقاعده قبل عامين من سلك التعليم امتد لعقود في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" يحضر ماضي مئات الكتب ويفرشها على الرصيف في منطقة تضم ثلاث جامعات كبرى في غزة وهي جامعة الأقصى وجامعة الأزهر والجامعة الإسلامية، ويدرس بها عشرات آلاف الطلبة والطالبات.

يقول ماضي في حديث لوكالة صدى نيوز:"بدل ما أفتح مكتبة في منطقة معزولة لا يوجد بها حركة ونشاط تعليمي وثقافي أبيع الكتب هنا".

يمر يومياً من أمام الكتب المعروضة مئات بل آلاف الطلبة والطالبات وكذلك محاضرين جامعيين دون بيع نسخة واحدة ما آثار استياء ماضي الذي كان يرقب المشهد وهو جالس تحت شجرة ويقرأ كتاباً. 

ويقول المدرس السابق للمواد الاجتماعية، لديّ مكتبة منزلية تحتوي على 7000 نسخة من الكتب المتنوعة ما بين ثقافية وعلمية وسياسية واقتصادية وتاريخية وما بين روايات وغيرها الكثير من العناوين المختلفة، مشيراً إلى أنه قام بشرائها من جيبه الخاص منذ أن كان شاباً صغيراً.

وتوجد في المنطقة، التي يبيع فيها محمد ماضي كتبه العديد من المكتبات والمطبعات الخاصة الكبيرة، التي تحتوي على آلاف العناوين من الكتب.

لا يريد المدرس السابق من مبادرته كما يقول أي مردود مادي، فقط يريد إحياء وتشجيع ثقافة القراءة بين هذه الأجيال التي تعزف عنها، مرجعاً أسباب ذلك إلى سوء الأوضاع الاقتصادية والسياسية وإلى التقدم التكنولوجي والإنترنت، حيث بات الهاتف المحمول بديلاً عن الكتاب.

ويعاني سكان قطاع غزة (2 مليون نسمة) من أوضاع اقتصادية سيئة بسبب الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ أكثر من 15عاماً.

يشير ماضي إلى الكتب المعروضة ويقول: "عمر بعضها أكثر من 40 عاماً هي كنز قمت بشرائها من جيبي الخاص وأبيعها اليوم بأسعار رمزية تتراوح ما بين 5 إلى 10 شواكل للكتاب الواحد".

ويعرب عن أسفه لأن المجتمع بات غير قارئ لأن الاقبال ضعيف جداً على شراء الكتب، ومن يشتريها فقط بحاجة إلى بحث علمي للجامعة أو لقراءة رواية أو كتاب معين.

يبيع ماضي في أحسن الأحوال من 3 إلى 5 كتب، وفي أيام أخرى لا يبيع كتاباً واحداً طوال فترة جلوسه على الرصيف من العاشرة صباحاً حتى الرابعة بعد العصر.

الناس تبحث اليوم عن رغيف الخبز وليس عن الكتب. يقول ماضي الذي حرم نفسه ليشتري تلك الكتب.

وتطرق مدرس المواد الاجتماعية المتقاعد إلى شغفه بالقراءة منذ العام 1975، منذ كان يتردد على المكتبات العامة وهو في الصف التاسع، ومنها مكتبة جمعية الهلال الأحمر ومكتبة الثقافة والنور، حيث قرأ عشرات الكتب والمجلات المتنوعة.

ولتشجيع القراءة، أنشأ عمار غربية "نادي غزة للقراءة"، حيث تقوم مجموعة من الشبان بالالتقاء بإحدى المكتبات الخاصة شهرياً لمناقشة كتاب تم اختياره وقراءته. 

ويقول غربية: "هدفنا من هذه المبادرة هو تشجيع قراءة الكتب التي بدأت تختفي من مجتمعنا".