ببالغ الحزن والأسى الممزوج بالحب تبلغنا عبر وسائل الاعلام رحيل الاخ المحامي صلاح الحموري المعتقل منذ (9)أشهر لدى الاحتلال الأسرائيلي الى فرنسا،حيث أعلنت وزارة داخلية الاحتلال انها طردت صلاح الحموري الذي يحمل الجنسية الفرنسية،وان ترحيله اليوم الى فرنسا جاء بعد قرار من وزيرة الداخلية،والرفيق الحموري ينتمي الى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي تصنفها اسرائيل والاتحاد الأوروبي كمنظمة ارهابية،وقد جاء ترحيله بعد سلسلة من جلسات المحاكمة امام القضاء العسكري لدولة الاحتلال،وفي شهر اوكتوبر صادق المستشار القضائي لحكومة الاحتلال على قرار سحب هوية الحموري وحرمانه من الاقامة في القدس بحجة "خرق الولاء" لدولة الاحتلال،وقد سجن الحموري في الفترة الواقعة بين عامي 2005 و2011 بزعم مشاركته في محاولة اغتيال عوفاديا يوسف كبير حاخامات اسرائيل السابق، وأفرج عنه في عام 2011 قبل انتهاء مدة محكوميته وذلك ضمن صفقة وفاء الأحرار،وصلاح الحموري هو محام ومدافع ن قضايا وطنه،وعمل ايضا في مجال حقوق الانسان،وولد في مدينة القدس من أب فلسطيني وأم فرنسية،وهو متزوج وأب لطفلين،وقد تعرض لحمله ممنهجة ضده من قبل سلطات الاحتلال،بدءا من الاحتلال التسعفي والتجسس على هاتفه وصولا الى سحب اقامته وترحيله الى فرنسا،وكان من المفترض أن يتم اطلاق سراحه في الرابع من الشهر الحالي،ولكن سلطات الاحتلال ابقته قيد الأعتقال وأصدرت قرارا بترحيله الى فرنسا،بحجة انه مواطن فرنسي،وقد تم اصطحابه اليوم في وقت مبكر للمطار ليصعد على متن رحلة جوية متهجة الى فرنسا،ليحلق عاليا في سماء القدس ويراها من فوق السحاب لانه يعرفها جيدا على الأرض، وقد عرفته انا الكاتب عن قرب وتزاملت معه اثناء فترة دراستي للماجستير في جامعة القدس،وأشهد له بحسن الخلق وطيب المعشر ونقاء الروح،وقد احببته من القلب،وقد احزنني خبر ترحيله خارج مدينته المفضلة القدس.                                                                                                                                   

في هذا السياق لا بد ان نشير بأن طائر الفينيق الفلسطيني الحر صلاح الحموري سفير الاحرار في العالم،كان في وقت سابق قد وجه رسالة الى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون متسائلا فيها حول معاييره المزدوجة في التعامل مع الشعوب التي تخضع للظلم،رغم ادعائه بالتزام قيم الديمقراطية وشعار الجمهورية الفرنسية"حرية،ايخاء،مساواة"،وقد عبر الحموري عن شعوره بانه مواطن فرنسي من الدرجة الرابعة او الخامسة بالنسبة للدولة الفرنسية،في ظل تغاضي فرنسا عن السماح لدولة الاحتلال باعتقاله بدون محاكمة،وقد تم ابعاده اليوم ضمن سياسات دولة الاحتلال الممنهجة بأبعاد كل النشطاء السياسيين من كافة التنظيمات الفلسطينية خارج وطنهم،كوسيلة من وسائل العقاب لهم ولذويهم،ضاربة بعرض الحائط كافة الأعراف والمواثيق الدولية التي تحرم ذلك، وهذه السياسة بدات منذ العام 1967 واخذت تتصاعد تدريجيا ولم تتوقف،وزدات حدتها في انتفاضة الحجارة عام 1987،ثم اصبحت اكثر حدة بعد انتفاضة الاقصى في ايلول العام 2000،وقد كانت كافة قرارات الأبعاد بحق الفلسطينين تحظى بموافقة من اعلى هيئة قضائية(المحكمة العليا الاسرائيلية)،ما يعني أضفاء الضفة القانونية على جرائم الأحتلال،وتعكس مدى تواطؤ القضاء الأسرائيلي مع الجهات الأمنية وعدم استقلاليته،ليصبح قضاءا شكليا ومزيفا وشريكا في الجريمة،وتستند سلطات الاحتلال الأسرائيلي في ممارسة سياسة الابعاد ضد الشعب الفلسطيني الى نص المادة (112)من قانون الطواريء لسنة 1945،سواء كان المبعد الفلسطيني خارج البلاد،فتأمر سلطات الاحتلال ببقائه خارج فلسطين،او كان داخل البلاد ،فتأمر بتوقيفه ونقله بالقوة الى خارج فلسطين   .                                                                                                                         
                                                                                                          
        وأزاء هذا الرحيل الدراماتيكي للمناضل الحموري،لا بد من القول بأن التفسير الدولي للأبعاد القسري يعني نقل الشخص رغما عنه داخل او خارج حدود وطنه،ويشكل ذلك ممارسة قسرية غير قانونية للأشخاص المحميين،ويمثل انتهاكا خطيرا وخرفا فاضحا لاتفاقية جنيف الرابعة،خاصة المادة"147" التي تعتبر الابعاد جريمة حرب،وكذلك المادة "49" من ذات الاتفاقية تنص "عمليات الابعاد الفردية او الجماعية ،بالأضافة الى عمليات تسفير الأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة الى اراضي الدولة الى تحتلها او الى اراضي أي بلد اخر،سواء أكان محتلا ام غير محتل ،تعتبر محطورة بصرف النظر عن دوافعها،واعتبر قانون روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الابعاد جريمة حرب،وعرف الابعاد بأنه تهجير قسري للأشخاص المعنيين عن طريق الطرد او غيره من افعال الأكراه،كما اعتبر ابعاد جزء من سكان الأراضي المحتلة او جميعهم،سواء داخل اراضيهم او خارجها على ايدي قوة الاحتلال ايضا جريمة حرب،واعتبرت المادة السابعة من قانون روما الابعاد القسري جريمة ضد الأنسانية في حال تنفيذه على نطاق واسع او بطريقة منظمة كجزء من سياسة حكومية،هذا بالأضافة الى المادة التاسعة من الاعلان العالمي لحقوق الانسان التي نصت"لا يجوز اعتقال أي انسان او حجزه او نفيه تعسفيا" بمعنى ان الابعاد هو ممارسة محظورة وغير قانونية وفقا للقانون الدولي،ولا يجوز  اللجوء لممارسته،وتعتبر ممارسته ايا كانت الظروف والدوافع جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب تستوجب الملاحقة والمحاكمة الدولية.