صدى نيوز - اعتبرت التقديرات السنوية التي وضعتها شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ("أمان") حول التحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل خلال عام 2023، وأوردتها صحيفة "يسرائيل هيوم"، اليوم الأحد، أن مثلثا من الأخطار المترابطة والمتداخلة تحدق بإسرائيل، أهم أضلاعه ومحركه الأبرز، على المدى البعيد، هو تداعيات حالة عدم الاستقرار الدولي في ظل الحرب الأوكرانية، والنزاع الصيني الأميركي.
وبحسب تقديرات "أمان" فإن أضلاع مثلث التحديات التي تواجهها المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تتمثل بالتطورات على الساحة الدولية والتهديد الإيراني والمقاومة الفلسطينية، فيما برز تراجع التركيز على "التهديد الإيراني" رغم كونه التحدي "الأهم والأكثر تعقيدا" لإسرائيل، غير أنها جزء من رقعة تحديات واسعة "مترابطة الأجزاء، تؤثر وتتأثر من بعضها البعض".
وبحسب "يسرائيل هيوم" فإن القيادات في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عملت على صياغة تقديراتها السنوية خلال الأسابيع الماضية، وسترفعها للقيادة السياسية في إسرائيل، خلال الأيام المقبلة.
"عدم الاستقرار الدولي وتداعياته الإقليمية"
ووفقا للتقديرات التي أوردتها صحيفة "يسرائيل هيوم"، فإن ما يبرز في هذه المرحلة، ويأتي على رأس ترتيب التحديات التي تواجهها إسرائيل أمنيا خلال العام 2023، هو عدم الاستقرار الدولي الذي "ينبع بالأساس من النزاع الصيني الأميركي" الأمر الذي قد يتصاعد بفعل الحرب في أوكرانيا، التي تلقي بظلالها بالفعل على الأوضاع في أوروبا وتُعقد من مشهد عدم الاستقرار الدولي، في ظل التداعيات المحتملة لتقليص إمدادات الغاز الروسي وسلاسل الإمداد من الصين وتأثير ذلك في أوضاع أوروبا.
ولفتت تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية إلى التغييرات الداخلية في الولايات المتحدة وضرورة التعامل بالتنسيق معها للحفاظ على العلاقات الأميركية - الإسرائيلية الخاصة، وأشارت إلى تغييرات "ديموغرافية (في الولايات المتحدة) ذات تأثير سياسي واضح" (لم يظهر بعد)، تتطلب مراعاة من قبل إسرائيل منعا لـ"تضررها من الناحية الإستراتيجية".
ووفقا للتقديرات الإسرائيلية، فإن هذه التغييرات العالمية تؤثر كذلك على دول الشرق الأوسط، بما في ذلك الأردن ومصر اللتين تعانيان من أزمة اقتصادية وغذائية "غير مسبوقة"، نتيجة للحرب في أوكرانيا والارتفاع الحاد في أسعار الحبوب.
وحذّرت "أمان" كذلك من أن تتسبب الأزمة العالمية في تعميق الأزمة في لبنان، وتحويلها إلى "دولة فاشلة"، الأمر الذي قد تكون له "آثارا بعيدة المدى على المنطقة". وأوصى التقرير بضرورة تقديم المساعدات إلى مصر والأردن، مثلاً في تنفيذ مشاريع تحلية المياه ومشاريع تتعلق بالطاقة لتقليص خطر عدم استقرار الأنظمة.
"إيران منخرطة بالضفة"
وفي الشأن الإيراني، أشارت تقديرات الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية إلى أن إيران لا تزال تحتل موقعا في مقدمة المخاطر الأمنية المحدقة بإسرائيل، ليس فقط في سياق مشروعها النووي، بل باعتبارها "لاعبًا مستقلًا يمارس أنشطته على طول الميدان (الساحة الإقليمية والدولية)"، وادعى التقرير الذي أوردته "يسرائيل هيوم" أن إسرائيل رصدت مؤخرا أنشطة إيرانية تهدف إلى تعزيز عمليات المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة لإشعال الوضع.
ووفقا للتقرير فإن هذه التطورات تتطلب إنخراط جهاز الأمن الإسرائيلي العام (الشاباك) في مواجهة "التهديد الإيراني" بما في ذلك إنشاء فرق عمل مشتركة جديدة تضم أجهزة الاستخبارات الداخلية والخارجية والعسكرية في إسرائيل، بما في ذلك الشاباك والموساد و"أمان"، خصوصًا أن التقديرات تتوقع مواصلة الأنشطة الإيرانية في جبهات أخرى مثل قطاع غزة و"الجبهة الشمالية" عبر مواصلة تسليح "حزب الله" بأسلحة "دقيقة" وصواريخ جوالة وطائرات مسيّرة هجومية متطورة.
"حزب الله منشغل بالقضايا اللبنانية الداخلية"
وتقدر شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أنه "حزب الله" سيظل منشغلا بالقضايا اللبنانية الداخلية في عام 2023، وسيكون مرتدعا عن خوض حرب ضد إسرائيل، ولم تستبعد "أمان" احتمال نشوء "ديناميكية تصعيد بين الطرفين نتيجة لتحركات مختلفة، قد تشمل أنشطة تكتيكية ميدانية".
واعتبرت "أمان" أن هناك آثار بعيدة المدى للتطورات الدولية خصوصا تلك المتعلقة بالحلف العسكري الناشئ بين إيران وروسيا، على "الجبهة الشمالية" وحتى على جهود التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران. وفي السياق النووي، تقدر "أمان" أن إيران ستواصل نشاطها الحالي في التقدم بشكل "تدريجي وبطيء، ولكن دون قطع خط الرجعة".
وبحسب التقديرات، فإن "إيران ستواصل تعزيز عمليات تخصيب اليورانيوم، مع الحرص على نقل هذه الأنشطة إلى منشأة فوردو النووية ‘الآمنة‘، كما ستواصل العمل على تعزيز وتنويع ترسانتها من الأسلحة المختلفة وتجري جميع الاستعدادات اللازمة للحظة التي يعطي فيها المرشد الأعلى الأمر ببدء العمل على إنتاج أسلحة نووية".
"التصعيد ضد إيران سيدفعها للتصعيد"
وترى شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أن إيران لن تغيير سياستها في الملف النووي إذا ما تم اتخاذ خطوات تصعيدية أو "متطرفة" ضدها، محذرة من أن تصعيد الضغط على إيران قد يدفعها إلى رفع مستوى تخصب اليورانيوم إلى المستوى النووي بنسبة نقاء 90%؛ وأوصت "أمان" بمواصلة العمل بجميع الأساليب المتاحة في السياقين العسكري والسياسي.
وأشارت التقديرات إلى انعكاسات بعيدة المدى للحرب في أوكرانيا على المشروع النووي الإيراني، معتبرة أن "الدرس الذي استخلصته الدول من الحرب الروسية على أوكرانيا هي أن الدول يجب ألا تتخلى عن أسلحتها النووية، وأن الدولة التي تمتلك مثل هذه الأسلحة يتولد ليدها شعور بأنها لن تخسر في الحرب"، كما لفتت تقديرات "أمان" إلى أن العالم "اعتاد" في الأشهر الأخيرة على الحديث عن الأسلحة النووية"، الأمر الذي لم يكن دارجا في السابق.
"غزة والضفة... جبهة واحدة"
وخلافا لتقديراتها السابقة، تعاملت "أمان" مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والمقاومة في الضفة الغربية المحتلة على أنها "جبهة واحدة"، مشيرة إلى "اليوم التالي" لولاية الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، يشكل "مصدر قلق كبير" للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
ورجحت التقديرات أن تتواصل حالة "عدم الاستقرار الأمني" في الضفة خلال الأشهر المقبلة، مشيرة إلى تصاعد خطر "العمليات الفردية" وتشكل مجموعات المقاومة المحلية على غرار مجموعة "عرين الأسود" في نابلس، معتبرة أن هذه التنظيمات تكتسب الكثير من الزخم بشكل رئيسي على الشبكات الاجتماعية، وتتحدى الفصائل (الفلسطينية) التقليدية والسلطة الفلسطينية نفسها.