مرة أخرى وبعد مقالي السابق بعنوان "من في القدس الا أنت" الأسبوع الماضي ، فانني أثير هذا الأمر مجدداً أمام ما يتم تداوله من أخبار عن أستيلاء مجموعة أستيطانية على أرض الحمرا "٥ دونمات" في سلوان بمحيط القدس يوم أمس ، تعود ملكيتها لبطريركية الروم الأرثوذكس بالقدس .
- بالماضي لم يختلف أثنان على حقيقة وجود قضايا أبرام صفقات أراضي وعقارات منذ بداية قيام دولة الكيان مما أدى الى ضياع معظم ممتلكات الكنيسة الأرثوذكسية التي أوقفها أباؤنا وأجدادنا لمصلحتها خوفا عليها من الضياع وباعتبارها ارثاً وطنياً ، والتي تمت لصالح الكيرن كايميت أو لجهة مجموعات أستيطانية يهودية أهمها جمعية العاد وعطاريت كوهانيم . 
- اليوم اصبحت تتفاوت وجهات النظر من الوقائع القائمة على الأرض ، حول ان كانت تلك الوقائع بفعل أستيلاء أومصادرة بحكم القوة الغاشمة للأحتلال واذرعه الأستيطانية أو بفعل صفقات أو تسريبات مشبوهة تعود بالنفع فقط على طرفي الاتفاقيات السرية . 
- النتيجة القائمة والمؤلمة بغض النظر عن تباين الأراء ، هي غياب الحقيقة في أروقة الجهاز القضائي الإسرائيلي المُسيس والمنحاز لمصالح دولة الأحتلال وأختلاف الروايات ، وبالتالي ضياع معظم الأوقاف الأرثوذكسية وفرض وقائع جديدة بخصوصها . تلك الأوقاف كانت سابقا تشكل ثاني أكبر مساحة أراضي موقوفة في فلسطين التاريخية ، تقلصت تدريجيا حتى أنه لربما لم يتبقى منها شيئا وتحديداً في إطار اكبر خطة تهويدية متكاملة تجري بحق ألقدس ومحيطها شملت أيضاً خلال السنوات الماضية العديد من الممتلكات العربية الأخرى بالمدينة تحت واقع مسميات مختلفة والتي تبلغ نسبة الاوقاف المسيحية في البلدة القديمة منها بحدود ٣٥% من مساحتها إضافة إلى ما هو مفترض وجوده من مساحات شاسعة بأحياء أخرى من المدينة وفق السجلات التاريخية .
 رافق ذلك الأسبوع الماضي قيام بلدية الأحتلال للقدس بتنظيم سوق ميلادي في محاولة لسرقة احتفالات الميلاد في منطقة باب الجديد رغم ان قاتل ابيه لا يَرث ، أمام تحدي أبناء القدس المخلصين وبالتعاون مع عدد من الكنائس الذين اقاموا حفل إضاءة شجرة الميلاد في ذكرى مولد الرسول الفلسطيني في وسط ميدان عمر بن الخطاب في باب الخليل ومن على شرفة احد الفنادق المهددة من الجهات الأستيطانية بالأستيلاء عليه ، وذلك أمام الحقيقة الأخرى باستفحال الخطر المُحدِق على الوجود المسيحي العربي بالعاصمة المدينة المقدسة كجزء أصيل من مكونات فسيفساء شعبنا الفلسطيني الواحد ، في وقت تتصاعد به الأقتحامات الأستيطانية اليهودية على حرمة المسجد الأقصى المبارك لفرض التقسيم الزماني والمكاني فيه ، بل ولمحاولات إقامة الهيكل المزعوم ، خاصة مع وصول حكومة يمين ديني فاشي صهيوني إلى السيطرة على نظام الحكم الذي قامت دولته على أساس التطهير العرقي وفكر الأستعمار الأستيطاني. واليوم بعد ٧٥ عاما دون مسائلة من النظام الدولي القائم بل وبتشجيع على ارتكاب جرائمها فليس غريبا أن يَتسم النظام السياسي فيها الاَن بأعلى أشكال الفكر الصهيوني الفاشي والديني بالفوضى وبالأصرار على تطويع تشريعاتها ونظامها القضائي على هذا الأساس الذي يخدم الفكر التوراتي الديني لديهم والمتعلق بالقدس بل وبكل أرض فلسطين التاريخية وفق ما أعلن عنه في برنامج ائتلاف حكومتهم البشعة .