حين عاد نتنياهو الى السلطة بأغلبية مريحة قوامها القوى اليمينية المتطرفة، انشغل المعنيون على مستوى العالم في جدل نشط حول تأثير حكومة نتنياهو السادسة على الحالة الفلسطينية الإسرائيلية، وعلى عملية التطبيع مع العرب، التي بدأ مسيرتها نتنياهو ووعد بمواصلتها وتحقيق إنجازات نوعية ملموسة من خلالها.

وقبل ان يتلاشى صوت نتنياهو من الاذان، لفت نظر العالم اول عمل قامت به حكومته وهو اقتحام احد ابرز اعمدتها بن غفير للمسجد الأقصى.


وفرضها عقوبات فردية وجماعية على الفلسطينيين سلطة وشعبا ومنظمات غير حكومية، ولم يتوقف الامر عند هذا الحد بل تم تدعيم الإجراءات الأولية بتصريح من القطب الاخر سموتريتش الذي اقتطع جزءا من أموال الفلسطينيين، حيث قال هذه هي البداية وانتظروا معشر المستوطنين ما يسعدكم من إجراءات خنق وتنكيل بالفلسطينيين.


وبالرغم من ارتفاع نغمة التهديد والوعيد والعقوبات الفردية والجماعية، الا ان كل الذي حدث والذي جرى الوعد به لم يحمل جديدا استثنائيا او لم يتخذ مثله او حتى ما هو اقسى منه في السابق.


واللاجديد في اللغة والسلوك عند الإسرائيليين يقابله لا جديد عندنا وعند أصدقائنا وحلفائنا يقابلون به الإجراءات الإسرائيلية الانتقامية بما يتناسب معها من ردود فعل، وعدا التنديد والادانة والتحذير فكل القطارات ظلت سائرة على قضبانها المعتادة بما في ذلك قطار التطبيع، وحتى التدخل الخارجي الذي تعودنا عليه زمن "شهر العسل التفاوضي" وكان له بعض نجاعة في وقف التدهور ولو الى حين، فقد اشهر افلاسه مبكرا وقلب جيوبه الفارغة الا من مناشدات للطرفين بعدم اتخاذ إجراءات أحادية، وكأن الفلسطينيين المعتدى عليهم متكافئي الوضع مع المعتدين الإسرائيليين، او كأنه لا يوجد احتلال واستيطان واقتحامات واعتقالات وهدم بيوت واراقة دماء، بل الذي يوجد هو مناكفات بسيطة بين شركاء يمكن ان تحل بالمناشدة!


واللاجديد عندنا كثير الجوانب والمظاهر منه عدم تحريك ساكن في احد اهم المسائل الجوهرية في حياتنا وهو الانقسام، واللاجديد كذلك هو مناشدة المجتمع الدولي لوقف التغول الإسرائيلي علينا وعلى حقوقنا وعلى قوانينه، واللاجديد أيضا وهو الدعوة لحوار شامل فوق الاف الحوارات الشاملة التي حدثت في العواصم العربية والاعجمية ، واللاجديد الدائم انتظار بلينكن او حتى هادي عمرو ليرش بعض الماء البارد على النار اللاهبة التي لا يعرف احد الى اين تصل وكيف تتوقف، غير ان هنالك مضاعفات تبدو جديدة للاجديد الذي وصفت به الحالة وهو العمل الإسرائيلي الحثيث لتطوير الاحتلال العسكري والاستيطاني بمظاهره التقليدية، بجعله اكثر شمولية واتساعا وعمقا وديمومة، وذلك من خلال زيادة الممنوعات ورفع منسوب التحكم من خلال العقوبات وهذا يشمل الفلسطينيين جميعا فرادا وتجمعات.


في زمن قريب مضى كانت الأمور تدار على طريقة العصا والجزرة اما الان فهي تدار على طريقة العصا من دون الجزرة حتى اشعار اخر.


الملاحظ ان هنالك سكونا عندنا قد يكون ما يقال عنه السكون الذي يسبق العاصفة، وهذا ما يكثر الإسرائيليون من الحديث عنه والتحذير منه، اما على صعيد الطبقة السياسية عندنا فهي في حالة انتظار لعل الاخرين يفعلون شيئا وما عدا ذلك فالجديد هو تواصل اللاجديد.


الا ان هنالك تخوفا يجاهر به الإسرائيليون اكثر من غيرهم وهو ما سينتج الشارع الفلسطيني غير المسيطر عليه من مفاجآت.