لا زالت الوفيات المهنية تحصد أرواح عشرات العاملين في شتى القطاعات الاقتصادية، فقد شهد العام المنصرم 2022 وفاة؛ 44 عاملاً بواقع 26 عاملاً في الضفة الغربية و18 عاملاً في داخل الخط الأخضر،بالمقارنة مع 55 وفاة حصلت في العام 2021 (37 في سوق العمل الفلسطيني و18 وفاة في سوق العمل في الداخل)، هذا إلى جانب آلاف الإصابات المسجلة وغير المسجلة، سيستعرض هذا التقرير تفاصيل هذه الوفيات التي حصلت في أماكن العمل وتوزيعها على القطاعات المختلفة، إضافة الى الفئات العمرية والتوزيع الجغرافي لها.
فكما هو معلوم تُعدّ حوادث العمل من التّحدّيات المؤرقة لجهات الاختصاصلِما لها من تأثيرات سلبية وتكاليفباهظة مباشرة وغير مباشرةترهق النظام المالي في الدولة،وذلك لما ينتج عنها من إصابات تسبب العجز، وإصابات مميتة، بالإضافة إلى حدوث الأمراض المهنية المختلفة والتي تؤثر على جودة حياة العاملين وعائلاتهم.وقد عرف قانون العمل الفلسطيني رقم (7 لسنة 2000)حادث العمل في المادة الأولى منه بأنه "الحادث الذي يقع للعامل في أثناء العمل أو بسببه، أو في أثناء ذهابه لمباشرة عمله أو عودته منه، ويعتبر في حكم ذلك الإصابة بأحد أمراض المهنة التي يحددها النظام".
بخصوص وفيات عمال الضفة الغربية، فقد شهدنا في العام الماضي 2022وفاة 26 عاملاً في سوق العمل الفلسطيني موزعين على القطاعاتالاقتصادية والصناعية التالية:
وحسبالشكل البياني السابق فإن 46% من الوفيات حصلت في قطاع التشييد والبناء، وأن أكثر من50% من هذه الوفيات حصلت بسبب السقوط من علوّ، ويعتبرقطاع التشييد والبناءمن القطاعات عالية الخطورة حسب قرار مجلس الوزراء رقم (9) لسنة 2020م بنظام تحديد قطاعات العمل ودرجة خطورتها. إضافة إلى ذلك، فإن23% من الوفيات حصلت في القطاع الصناعي، 8% حصلت في قطاعي المقالع والتعدين والزراعة على التوالي.واخيراً، وبنسبة متساوية بلغت 4%، تم تسجيل وفيات في قطاعات المطاعم والفنادق، والكهرباء، والنقل، والقطاع التجاري.
أما من ناحية أعمار المتوفين، فقد سجلت أصغر وفاة لحدث يبلغ من العمر 16 عاماً، وأكبر وفاة لعامل آخر يبلغ من العمر 55 عاماً، وأن ما نسبته 50% من الوفيات حصلت للفئة العمرية بين 20-30عاماً، يليها 23% للفئة العمرية من 31-40 عاماً، وأخيراً فإنّ 20% من العمال المتوفين هم دون العشرين عاماً وحسب الشكل البياني التالي.
ومن ناحية جغرافية، فقد تم تسجيل 11 وفاة في جنوب الضفة (محافظتي الخليل وبيت لحم) بواقع 42%، و8 وفيات في شمال الضفة (طولكرم، نابلس وجنين)وبواقع 31% وأخيرا 7 وفيات في وسط الضفة (أريحا، القدس، رام الله والبيرة) وبواقع 27% وحسب الشكل البياني التالي.
أما وفيات سوق العمل في الداخل، فقد تم تسجيل 73 وفاة تشمل العاملين العرب (عمال الضفة) والعاملين من عرب الداخل بالإضافة إلى العمال اليهود والأجانب.حيث بلغ عدد الوفيات التي حصلت لعمال من الضفة وغزة في داخل الخط الأخضر 18 وفاة؛13 منهم في قطاع البناء و5 في مهن صناعية مختلفة، مقارنة بنفس العدد للعام 2021. ولا يشمل هذا الرقم العمال الذين توفوا بحوادث السيراثناء توجههم الى عملهم، أو اثناء ملاحقة جنود الاحتلال لهم عبر الفتحات او في داخل المعابر نتيجة تعرضهم لنوبات قلبية.
أما بالنسبة لدقة تسجيل الوفياتالمهنية وتصنيفها، فالعديد من الجهات التي تسجل الإصابات كوزارة العمل، والمؤسسات الصحية الحكومية وغير الحكومية، وشركات التأمين ونقابات العمال، فإنّها تسجّل على عاتقها واجتهادها الشخصي، وذلك بسبب عدم وجود مرجعية تسجيل وطنية موحدةبمعايير قياسية.
وتتعدد الأسباب التي تؤدي إلى وقوع الحوادث المهنية، وبحسب إحدى الدراسات فإن 88% من مسببات هذه الحوادث تُعزى إلى العامل البشريبسبب تصرفات غير آمنةناتجة عنغياب ثقافة السلامة لديهم، و10% من أسباب الحوادث تتعلق بمكان وبيئة العملوذلك لعدم وعي أصحاب العمل بمتطلبات خلق بيئة عمل آمنة، وأخيراً ضعف آليات وعدد الزيارات التفتيشية وعدم كفايتها من قبل الجهات الرسمية على أماكن العمل للتأكد من تطبيق معايير السلامة والصحة المهنية.
وفي النهاية، يتوجب على الجهات الرقابية المختصة مثل وزارة العمل الفلسطينية، النقابات العمالية والاتحادات الصناعية تكثيف عملها للتفتيش على أماكن العمل المختلفة وتوعية العاملين بمخاطر مهنهم وطرق السيطرة عليها، بالإضافة إلى فرض عقوبات وغرامات رادعة للمخالفين وذلك حتى نضمن الالتزام التام باتباع اشتراطات السلامة والصحة المهنية وحسب التشريعات الوطنية، إضافة الى تطبيق متطلبات القرار بقانون رقم 3\2019، وتعيين أو تأهيل مشرف سلامة وصحة مهنية لتعزيز الرقابة على تطبيق اشتراطات السلامة والصحة المهنية وإيجاد بيئة عمل آمنة وخالية من مسببات الحوادث والأمراض المهنية.