خرم إبرة
نحن ننام في الليل لنستيقظ في الصباح ونجد أن الأسعار ارتفعت، ولم يعد هذا الأمر في مقدور الأسر أن تتحمله، فكل شيء آخذ في الارتفاع، أسعار الكهرباء والغاز والمواد الأساسية والضرائب، إلا الراتب فيتناقص، والمضحك المبكي أن الكل يريد منك دفع ما عليك من التزامات، وإلا سيتم عقابك مباشرة دون أدنى رحمة: فاتورة الهاتف، فاتورة الإنترنت، فاتورة الماء والكهرباء، فاتورة الموبايل، الأقساط الشهرية للمنزل وللحضانة والروضة والمدرسة. الجميع ينهش في جسدنا دون أي شعور بنا؟ من يستطيع إنقاذنا من هذه الدوامة؟!
على أصحاب الاختصاص والمسؤولية إيجاد حلول سريعة لقضية ارتفاع الأسعار المتواصلة والمتزايدة بشكل واضح ومتسارع، كمواطن أولاً، وموظف حكومي ثانياً، أرى أهمية وضرورة تدخل السلطة وفرض تسعيرة جبرية للمواد الغذائية حتى لا يكون شبح الغلاء مكان بيننا.
شهر رمضان على الأبواب لذلك أجد من الأهمية توعية المستهلك بعدم شراء السلع المحتكرة، والتي يرتفع سعرها مع مرور الوقت، وترك البضائع التي لا داعي لها. المسؤولية هنا جماعية بين الحكومة والمستهلك، ما يفرض علينا جميعاً أن نواجه غلاء الأسعار بمبادرات حاسمة وصارمة وخطط تتلاءم مع واقعنا، ويقع على وسائل الإعلام المحلية دور التوعية.
لنلاحظ أن هناك فواتير يدفعها المواطن الفلسطيني أعلى من بقية الدول، فكيف تريد إقناعه بتعزيز ودعم بعض الشركات وهذه الشركات تمتص دمه؟! إن ارتفاع الأسعار إلى هذا الحد المبالغ فيه مصطنع من قبل "أسماك القرش"، فبعض التجار الجشعين يتفقون فيما بينهم أحياناً لرفع أسعار بعض السلع.
للأسف هناك غياب للحلول الإبداعية وضعف أنياب تطبيق القانون للمحاسبة، بالإضافة لعدم الاهتمام من قبل من تقع عليهم المسؤولية، فماذا ننتظر؟! والى متى؟! المشكلة ما زالت مستمرة ومتزايدة، والغلاء يضرب في كل اتجاه وبلا هوادة، والأوضاع على أرض الواقع مهيأة لمزيد من الارتفاع بمعدلات أعلى من المعتاد.
لا بد من اتخاذ قرارات فورية لتشديد الرقابة ومنع الاحتكار، ووضع خطط لبعض المنتجات التي يزداد الطلب عليها، خصوصاً خلال الشهر القادم. وعلى المستهلك الاستغناء عن الكماليات، والشراء بكميات، ومقاطعة السلع التي تقدمها الشركات المحتكرة مهما كانت الحاجة لها، لكن لو نادينا بمقاطعة السلعة المرتفعة تجد البعض يلتزم والبعض لا يلتزم، وتجد المواطنين في انتظار قرارات تحميهم من ارتفاع الأسعار.
البديل لمواجهة ارتفاع الأسعار هو تغيير أسلوب الحياة، واعتماد البساطة في جميع نواحيها، مثل استبدال بعض العادات الغذائية والاجتماعية بأخرى أكثر بساطة وأقل تكلفة، فالإنسان قادر على التكيف مع أصعب الظروف وأقساها، المستهلك مسؤول مسؤولية مباشرة عن الترشيد في المأكل والمشرب، سيما أن الإسراف في الغذاء سيتسبب عاجلاً أم آجلاً في ارتفاع الأسعار، وبالذات إذا صاحب ذلك كميات كبيرة من الهدر؟!
في النهاية، أقول وبصوت عالٍ: إن التاجر الذي يقوم برفع الأسعار دون مبرر لتحقيق مكاسب دون وجه حق، هو كمن يسرق من جيوبنا، وهى جريمة تتضاعف خطورتها مع الظروف الاقتصادية الحالية والعقوبات التي تفرضها حكومة الاحتلال بقرصنتها أموالنا، وموجة غلاء الأسعار، خصوصاً في المرحلة المقبلة.
لهذا، فإن التجار المخالفين الذين يرفعون ويتلاعبون في الأسعار يجب توجيه عقوبات رادعة لهم، من خلال الغرامات المالية، والإعلان إعلامياً عن أسماء المخالفين لتحذير المواطنين منهم مستقبلاً، وانتهاءً بأشد العقوبات المقررة قانوناً كل حسب مخالفته.