حلت علينا في الثلاثين من آذار هذا العام الذكرى ٤٧ ليوم الأرض الخالد في ظروف تفاقم أزمة دولة الاحتلال التي تتصاعد بها الفاشية الصهيونية بمختلف مكوناتها وأشكالها ضد شعبنا ومقدراته من جهة وصمود وتصاعد مقاومة شعبنا لمشروعهم الصهيوني وتمسكنا بحقوقنا السياسية فوق تراب وطننا في ظل متغيرات سياسية متسارعة على مستوى الاقليم والعالم من جهة اخرى .
لقد شكل هذا اليوم مرحلة فارقة متجددة في مسار الحركة الوطنية الفلسطينية وحلقة جديدة في حينه من تكامل مسلسل الكفاح الوطني منذ بداية ثلاثينات القرن الماضي ، حيث أكد على اعادة الروح الكفاحية التي هزمت روح انكسار جريمة النكبة وحولتها إلى روح من التحدي لدى ابناء شعبنا بالداخل ، حيث باتت في حينه أكثر اشتعالاً وحضورا منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا في مواجهة سياسات الحركة الصهيونية واداتها دولة الأحتلال من القهر القومي والقتل اليومي ومصادرة الأراضي والأستيطان الأستعماري والتمييز العنصري وفق قانون قوميتهم اليهودية .
"يوم الأرض" لم يكن حدثا عابرا ، بل بداية فصلاً جديدا منذ ذلك التاريخ ، أكد أن الهوية الفلسطينية لشعب أصيل صاحب أرض الأباء والاجداد لن تنالها كل مشاريع التهويد والتصفية التي عملت الحركة الصهيونية بفرضها على جماهير شعبنا في داخل دولة الأحتلال المارقة من خلال احزاب "الصهيونية العلمانية" التي ترى حتى اليوم انها نجحت في في تحقيق هدفهم على مدار ٧٥ عاما بموافقة ودعم النظام الدولي الذي يسيطر عليه الغرب الأستعماري حتى الآن والذي ميز إسرائيل بجوائز من عدم نفاذ الاتفاقات والقوانين والقرارات الدولية والإنسانية بحقها حتى مكنها من استمرار جرائمها.
هذه الجماهير بالداخل التي بقيت متمسكة بحقوقها وأرضها منذ جريمة نكبة شعبنا عام ١٩٤٨ رغم كل محاولات التطهير العرقي والتهجير والترحيل التي قامت بها حكومات إسرائيل المتعاقبة بعد إقامة كيانها الأستعماري على أرضنا بحق هذا الجزء الحي والأصيل القابض على جمر الصمود والبقاء والمتمسك بهويته القومية الفلسطينية التاريخية من خلال ما جسده مضمون يوم الأرض الخالد بكفاح شعبنا من خلال دور لجنة الدفاع عن الأراضي التي قامت بالجليل والمثلث والنقب وفي كل القرى والمدن الفلسطينية في حينه بقيادة رئيس بلدية الناصرة في حينه المناضل توفيق زيّاد ورفاقه الآخرين .
جماهيرنا هذه التي قدمت شهداء يوم الأرض الخالد الذين اعطوا أغلى ما يملكون من حياتهم لأجل حياة حرة وكريمة افضل لغيرهم من شعبنا ، وثبتت هويتها القومية داخل أسوار دولة الأحتلال الاستعماري ، وهي جماهير الجزء الحي والباقِ في حيفا كما قال عنها اِميل حبيبي في روايته من مجمل تعداد شعبنا المشتت في كل اصقاع الأرض والعائد إلى حيفا يوماً وفق رواية غسان كنفاني . تلك الجريمة "النكبة" التي لم يُحاسب العالم عليها حتى اليوم كما حاسبَ على غيرها من الجرائم بحق شعوب اخرى ارتُكبت عبر التاريخ .
لقد تعرض هذا الجزء من شعبنا أيضا لظلم ذوي القربى في مراحل سابقة حين كان يُشكِك البعض في انتمائهم وحضورهم وجذورهم وجذوتهم الكفاحية حين كانوا يَطلقون عليهم تسميات مختلفة لا تمت لهويتهم القومية بصلة ، "عرب إسرائيل" أو "عرب ٤٨ " . بل ووصلت الأمور بالبعض المتراجع أصلاً من وضع محظورات على اللقاء بهم في حينه ، فكانوا هم من دفع ضريبة مضاعفة لقاء هذه الطفولية السياسية الجاهلة بحقهم ولقاء البقاء بالوطن ومقاومة جرائم القمع وسياسات المجازر والتهجير الصهيوني انذاك.
وامتدادا لذلك ومنذ تاريخ يوم الأرض ، فقد رفعت الحركة الوطنية الفلسطينية بالأراضي المحتلة في أواسط السبعينات من القرن الماضي بالقدس والضفة الغربية وقطاع غزة والتي تأثرت بالنهج الكفاحي والثقافي لأهلنا هناك ، شعار " الأرض هي الهوية" ، لتؤكد بذلك على وحدة قضيتنا وشعبنا في مختلف أماكن وجوده وليتكامل كفاح شعبنا الفلسطيني اليومي ضد الأحتلال مع كفاح مكونات منظمة التحرير الفلسطينية الأخرى خارج الوطن المحتل ومع كفاحهم بداخل الخط الأخضر الذين ما زالوا يخوضون معركة وجودنا حتى هذا اليوم مع كل مكونات شعبنا في كافة أماكن تواجده في معركة الحرية وتقرير المصير والاستقلال الوطني واسقاط نظام الفصل العنصري في كل ارض فلسطين التاريخية وتنفيذ الحقوق السياسية والتاريخية الغير قابلة للتصرف لشعبنا ومن حقوقه بالعدالة والكرامة .
نحي هذه الذكرى الخالدة في وطننا هذا العام في وقت تتصاعد فيه الفاشية الصهيونية في دولة الأحتلال التي يتاَكل عقدها الأجتماعي والسياسي الداخلي بصراع اختلاف منابع مكونات مجتمعها العر…