صدى نيوز - وُصفت نهاية أسعار الفائدة المنخفضة تاريخيا بأنها أخبار جيدة للبنوك، والتي تجني المزيد من الأموال مع اتساع الفارق بين ما تفرضه من رسوم على المقترضين وما يدفعونه مقابل التمويل، لكن الأزمات الأخيرة بقطاع المصارف تظهر أن الواقع أكثر تعقيدا.
وأوضح تقرير -نشرته مجلة "فايننشال تايمز" (Financial Times) البريطانية- أن بعض البنوك خاصة بأوروبا عالقة في دفاتر قروض كبيرة بأسعار فائدة ثابتة أقل بكثير من المستويات الحالية، حيث يمكن للآخرين الذين لديهم حصة أعلى من دفترهم بأسعار متغيرة أن يفرضوا على الفور المزيد من القروض المستحقة ولكنهم يخاطرون بموجة من التخلف عن السداد من جانب المقترضين الذين لم يعد بإمكانهم تحمل خدمة ديونهم.
وأضاف أن هناك أيضا قضية السندات الحكومية، حيث تحتفظ البنوك بمزيد من السيولة بعد أن حدت لوائح ما بعد الأزمة المالية من المخاطرة، حيث انخفضت قيمة السندات التي تم شراؤها قبل عام لأنها تقدم أسعار فائدة أقل من تلك المبيعة اليوم، وهو أمر جيد ما لم تضطر البنوك إلى بيعها لتلبية طلبات المودعين.
خسائر محافظ السندات
تقوم البنوك بشراء ديون حكومية آمنة للغاية كطريقة لتلبية المتطلبات التنظيمية للاحتفاظ بكمية كافية من الأصول السائلة عالية الجودة، ولكن ارتفاع أسعار الفائدة أدى إلى انخفاض حاد بقيمة هذه السندات، حيث يقول مجلس الاحتياطي الفدرالي إن البنوك الأميركية لديها 620.4 مليار دولار من الخسائر في محافظ الأوراق المالية الخاصة بها نهاية 2022. وبموجب قواعد الولايات المتحدة، لا يتعين على المقرضين أن يأخذوا في الحسبان الخسائر المرتبطة بالسوق في أرباحهم أو نسب رأس المال، لذلك لم يقم معظمهم بالتحوط ضد هذا الاحتمال.
وعندما يجد البنك نفسه يعاني من نقص في السيولة لتلبية تدفقات الودائع الخارجة -كما حدث لبنك وادي السيليكون (سيليكون فالي SVB)- فقد يضطر لبيع جزء من محفظته "المحتفظ بها حتى تاريخ الاستحقاق" مما قد يؤدي إلى إثارة قلق المستثمرين والمودعين.
قروض بسعر فائدة ثابت
ويشكل ارتفاع أسعار الفائدة تحديا مزدوجا لجانب الإقراض في دفاتر أصول البنوك، فقد تمتع أولئك القادرون على تمرير زيادات الأسعار إلى العملاء -عن طريق قروض بسعر فائدة متغير- بارتفاع كبير في الأرباح عام 2022، حيث تتمتع القروض ذات السعر الثابت بفرصة أقل للتخلف عن السداد ولكنها أيضا تمثل عبئا على الربحية للبنوك التي ستزداد تكاليف تمويلها.
وأصبحت القروض ذات الأسعار المتغيرة أكثر شيوعا بمنطقة اليورو، لكن القروض العقارية الثابتة لا تزال تمثل حوالي 3 أرباع الإجمالي، وذلك وفقًا لبيانات البنك المركزي الأوروبي، في حين تبدو الصورة أكثر تعقيدا بالولايات المتحدة، حيث تمثل الرهون العقارية ذات المعدل القابل للتعديل أقل من 10% من إجمالي الرهون العقارية، ولكنها تمثل 36% من تلك الموجودة بالميزانيات العمومية للبنوك، وفقا لبيانات مؤسسة التأمين على الودائع الفدرالية.
الأصول الخاصة
يرى التقرير أن من المجالات -التي يتم التركيز عليها- علاقة البنوك بالعالم المزدهر للائتمان الخاص، حيث تأتي القروض ذات الرافعة المالية على رأس قوائم مراقبة الجهات التنظيمية، والتي تستخدمها مجموعات الأسهم الخاصة عادة لتمويل عمليات الاستحواذ الخاصة بها.
وتجمع القروض ذات الرافعة المالية عادة بين الرافعة المالية العالية، وافتراضات السداد القوية، والتعهدات الضعيفة، أو الشروط التي تسمح للمقترضين بزيادة الديون، بما في ذلك السحب على التسهيلات الإضافية.
ويعتبر الائتمان لصناديق التحوط -التي قامت بمراهنات كبيرة على أسعار الفائدة- مجالا آخر تراقبه البنوك بعناية.
تدفقات الودائع الخارجة
ويتوقع المدخرون عندما ترتفع أسعار الفائدة والتضخم أن تحقق ودائعهم نتائج أفضل، ولكن هذا لا يحدث دائما بالبنوك، مما قد يدفع العملاء إلى أخذ أموالهم لمكان آخر. ففي الولايات المتحدة، انخفض إجمالي الودائع المصرفية بنسبة 3.3% منذ أن بدأ "الفدرالي" في رفع أسعار الفائدة العام الماضي، وتسارع هذا الانخفاض بعد وقت قليل من انهيار بنكي وادي السيليكون وسيغنيتشر، حيث انخفضت الودائع بالبنوك الأميركية، الأيام السبعة حتى 15 مارس/آذار، بما يوازي نسبة انخفاضها خلال عام.
وفي منطقة اليورو، سحب المودعون 214 مليار يورو خلال الأشهر الخمسة الماضية، أو 1.5% من إجمالي الودائع، وذلك وفقا بيانات نشرها البنك المركزي الأوروبي هذا الأسبوع، وتسارع التراجع في فبراير/شباط، وهو آخر شهر تتوفر عنه بيانات، حيث خفض المودعون ممتلكاتهم بمقدار 71.4 مليار يورو، وهو أكبر انخفاض شهري منذ بدء السجلات عام 1997.