قد تكون هدأت العاصفة في تل ابيب بين المعارضة والائتلاف الحاكم بتعليق نتنياهو خطة اصلاح القضاء لفترة محدودة والاتفاق مع بن غفير للبقاء في الحكومة مقابل موافقة الحكومة على تشكيل وحدات الحرس الوطني التابع لوزارة الامن القومي الإسرائيلي وهذا يعني ان نتنياهو يتجه لحل ازمته الداخلية علي حساب الفلسطينيين وحسم الصراع عبر تصعيد الاستيطان في الضفة الغربية والقدس وتشريع البؤر الاستيطانية. ومؤخراً أعلنت "حركة السلام الان" ان حكومة الاحتلال نشرت عطاءات لبناء 1029 وحدة استيطانية برغم اتفاق شرم الشيخ وقد نشرت سلطة أراضي دولة الاحتلال مناقصات لبناء هذه الوحدات في مستوطنات (افرات) جنوب نابلس و(بيتار عليت) جنوب غرب القدس و(عليت) و(جيلو) يأتي ذلك بعد ان صوت الكنيست في دولة الاحتلال بالقراءة الثانية والثالثة على اقتراح تعديل قانون خطة الانفصال الذي مهد الطريق لتفكيك مستوطنات قطاع غزة واخلاء اربع مستوطنات في شمالي الضفة الغربية وهذا يعني عودة المستوطنين الى مستوطنات ( غانييم- كاديم- حومش – سانور ) التي تم اخلاؤها عام 2005 بالإضافة الى اخلاء مستوطنات قطاع غزة بالكامل والانسحاب منها من طرف واحد.

هذا الاجراء يعني ان حكومة اليمين المتطرف بزعامة نتنياهو بن غفير سموترتش تمضي قدما في تنفيذ اتفاقيات الائتلاف العلنية والسرية وبرامج أحزاب الليكود والقوة اليهودية والصهيونية الدينية التي كانت أساس تكوين هذا الائتلاف وما تمثله من امداد هذا الائتلاف ببلازما الحياة والاستمرار رغم الازمة الداخلية وما يجري من احتجاجات واسعة على الرغم من تعليق الحكومة مؤقتا خطة الإصلاح القضائي التي اغضبت الشارع الإسرائيلي. خطة الغاء الانفصال الغت موانع عودة المستوطنين الإسرائيليين الي منطقة (الشمرون ) في الضفة الغربية كما يسمونها حيث تم الغاء المادتين 23 و 27 امن قانون فك الارتباط اللتان تمنعان الدخول والمكوث في المناطق التي اخليت في العام 2005 وتخول قوات الاحتلال بمنع وصول المستوطنين الى هذه المستوطنات ما يعني مخالفة للقانون ما يتطلب فرض عقوبات على المخالفين، مكتب نتنياهو أصدر بيانا عن حيثيات المشروع قال فيه "ان الغاء بنود من قانون فك الارتباط يضع حداً لقانون تميزي مهين يمنع المواطنين اليهود من العيش في مناطق شمال الضفة الغربية" زاعماً ان هذه المناطق جزء من ارض الوطن القومي اليهودي التاريخي على ارض فلسطين. هذا يكشف هدف حكومة (نتنياهو بن غفير سموترتش لشرعنة) البؤر الاستيطانية غير القانونية ويكشف نواياها في المضي قدما "بخطة الحسم" التي قدمها (سموترتش) عام 2017 عندما كان عضو كنيست من الدرجة الأخيرة واليوم بعد ان اصبح (سموترتش) وزيرا للمالية ومسؤولا عن " مديرية الاستيطان" عاد الى الخطة القديمة التي من خلالها يريد إزالة معالم الخط الأخضر وهو الخط الوهمي الذي رسمه الاحتلال كفاصل بين أراضي الضفة الغربية والاراضي المحتلة عام 1967 الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1948.

الغاء خطة الانفصال يعني ان حكومة نتنياهو الفاشية بدأت تنفذ مخطط ضم الضفة الغربية عبر العديد من المخططات الاستيطانية لحسم موضوع الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية وما "الحرس الوطني" الذي تم الموافقة على انشائه الا لحماية أي بقع استيطانية يتم شرعنتها وحماية ظهر المستوطنين عند شنهم هجمات إرهابية على البلدات والقرى المجاورة لهذه المستوطنات. ان خطة حسم الصراع بالطريقة الدينية المتطرفة هي الخطة الوحيدة للتعامل مع الصراع المطروحة على طاولة حكومة نتنياهو حيث تقترح الخطة التي تحدث عنها الوزير الفاشي المتطرف سموترتش اكثر من مرة بان يتنازل الفلسطينيون عن حقوقهم المدنية ويتنازلوا أيضا عن تطلعاتهم السياسية وحلمهم في كيان سياسي مستقل بل ان التنازل يفترض على الفلسطينيين التوقف عن السعي لتحقيق هذه الاحلام والقبول بالعيش تحت الوصاية الإسرائيلية للابد ,كما تقضي الخطة أيضا بتفكيك السلطة الفلسطينية الممر الشرعي نحو الدولة المستقلة وفرض القانون الإسرائيلي على كل مناطق الضفة الغربية وشطب نموذج الدولة الفلسطينية من الوعي الوطني وعلى الأرض. البديل الثاني لهذا الطرح هو تهجير الفلسطينيين الذين لا يرغبون بالعيش تحت الوصاية الإسرائيلية والرحيل عن الأرض الى دول أوروبا وأميركا او الى دول عربية او حيث يرغبون حيث اقترحت الخطة تهجير عشرات الالاف من الفلسطينيين كل عام حتى العام 2035 وستقدم دولة الاحتلال لهم التسهيلات والمساعدات المالية اللازمة , والبديل الثالث هو تكليف الجيش بحل الوجود الفلسطيني بالقمع والقتل والتصفية في حال قرر الفلسطينيون الاستمرار بالمقاومة ومناهضة الاحتلال الإسرائيلي واعاقة خطة حسم الصراع التي تسعي حكومة الاحتلال لتنفيذها .

التصعيد الصهيوني الممنهج على الأرض هو أسلوب احتلالي لحسم مسألة القدس اولاَ بعزل الاحياء العربية عن محيط القدس الشرقية وتقسيم المسجد الأقصى وفرض السيادة الإسرائيلية علية وزيادة وتيرة الاستيطان وتوسيع المستوطنات وهذا ما يفسر عدم التزام حكومة نتنياهو ببنود تفاهمات العقبة وشرم الشيخ لوقف الاستيطان او حتى تجميده لبضعة اشهر محدودة ما يسمح بخلق افق سياسي معين يستطيع من خلاله الرعاة إعادة العملية السياسية للمسار الطبيعي وبالتالي إعادة الطرفين للطاولة. ما بات واضحا ان أي تفاهمات او اتفاقات مع الفلسطينيين ما هي الا لغرض تحقيق هدوء يمكن حكومة نتنياهو من تنفيذ خطة الحسم , هنا أقول انه اذا كان من غير الممكن لإدارات البيت الأبيض السابقة الضغط على حكومات الاحتلال وإعادة العملية السياسية للمسار الطبيعي فمن المستحيل على إدارة البيت الابيض اليوم اجبار هذه الحكومة الكافرة بالسلام العادل كحل استراتيجي للصراع فعل ذلك. على ما يبدوا ان هذه الحكومة لا نية لديها السماح للأطراف الراعية التوصل لهذا المسار وما برنامجها السياسي سوي الاستمرار في العملية الاستيطانية ومضاعفة إقرار مخططات بناء الوحدات الاستيطانية في كل مستوطنات الضفة الغربية والقدس وتقسيم الأقصى زمانيا ومكانيا ونشر وحدات الحرس الوطني وقتل وتصفية المقاومين الفلسطينيين كلما لاحت لها الفرصة عبر اقتحامات المدن الفلسطينية في مؤشر واضح انها لا تكترث بوجود السلطة او يعنيها أي سيادة للسلطة على الأرض ولا تكترث باي تفاهمات جديدة او قديمة معها.