خاص صدى نيوز - تشهد جنين ومخيمها مؤخرًا حالة يمكن أن يُطلق عليها "الفوضى الخلاقة"، بعد الاستهداف المتكرر لمقر المقاطعة في المحافظة (تجمع الأجهزة الأمنية في جنين)، والتي كان آخرها بشكل غير اعتيادي الليلة قبل الماضية بعد اعتقال أحد المطاردين، من قبل الأجهزة الأمنية، عندما كانت تحاول فض شجار وقع أمام مقر المقاطعة، وتواجد هو هناك للمساهمة في حل الخلاف، وتم الاعتداء عليه مع جموع المواطنين المتواجدين في مكان الشجار، وفقاً لمقربين للمعتقل. 

وبعدها أطلق مسلحون النار بكثافة وألقوا عبوات ناسفة محلية الصنع "أكواع" تجاه مقر المقاطعة، كما أظهرت مقاطع فيديو نشرت عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وتسببت بدوي انفجارات حتى أن البعض اعتقد أنها محاولة للسيطرة على المكان من قبل المسلحين الذين كانوا يطلقون النار من كل حدب وصوب.

وعقب الإفراج عن المعتقل الذي تم استهداف المقاطعة بسببه، خرج وغرد عبر صفحته على فيسبوك: " القصة منتهتش العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم".

والليلة الماضية شهدت جنين مسيرات مختلفة، إحداها كانت مؤيدة للسلطة الفلسطينية وظهر فيها عناصر مسلحون من حركة فتح وبحضور أمين سرها عطا أبو ارميلة، الذي دخل مع وفد إلى داخل مقر المقاطعة والتقى مع ضباط الأمن وأشاد بجهودهم بعد أن ألقى كلمة أكد فيها أن حركته ستتصدى لمحاولة استهداف قوى الأمن، وأخرى شارك فيها مسلحون من "كتيبة جنين" بعناصر من الجهاد الإسلامي وحماس، طالبوا فيها الأجهزة الأمنية بوقف ما قالت عنه "ملاحقة المطلوبين للاحتلال"، وأن لا تكون "خنجرًا مسمومًا" في ظهورهم. وفق تعبيرهم في كلمات ألقيت أمام الصحفيين.

وفرضت الحادثة المتكررة وما تلاها من أحداث مثل المسيرات، الكثير من التساؤلات حول أسباب تكرار الهجمات على مقر المقاطعة في جنين كلما أوقفت قوات الأمن شابًا من سكان المخيم خاصة من المنتمين لتلك المجموعات المسلحة، كما أن البعض تساءل حول دور السلطة الفلسطينية وقواتها الأمنية وضعفها أمام هذه الأحداث المتكررة، وفيما إذا كانت هذه مجرد بداية لإمكانية تمرد وربما مقدمة لمحاولة السيطرة لاحقًا على مقرات أمنية.

ولربما هذه الأسئلة المشروعة التي تطرح في أوساط المراقبين والشارع الفلسطيني، بمثابة رسالة تحذير من المجهول القادم، خاصة في ظل التساؤل حول دور هذه المجموعات المسلحة، وربط كل قضية توقيف واحتجاز لأي من عناصرها على قضايا جنائية، بأحداث أمنية وربطها بما يجري مع الاحتلال، كما أنها تثير مخاوف السكان من تبعات محاولات السيطرة على مقدرات السلطة الفلسطينية.

في محافظة جنين يتواجد مئات المسلحين بما فيهم عناصر مجموعات مسلحة من حركة فتح، ولربما أول ظهور من جديد لتلك المجموعات كان للجهاد الإسلامي منذ نحو عامين، ومع مرور الشهور ظهرت عناصر أيضًا من حركة حماس علنًا لأول مرة منذ سنوات طويلة، وبات يطلق بشكل أكبر على هذه المجموعات بمختلف مسمياتها "كتيبة جنين".

تقول مصادر لـ "صدى نيوز"، إن هذه المجموعات تتلقى دعمًا ماليًا من عدة فصائل، منها الجهاد الإسلامي وحركة حماس، وبعضها بات حديثًا يتلقى دعمًا ماليًا من خارج فلسطين.

وبينما بعض الشبان انضمو إلى هذه المجموعات بعد أن اشتروا الأسلحة من أموالهم الخاصة، إلا أن العديد منهم حصلوا عليها تنظيميًا من بعض المجموعات المسلحة والتي باتت تتوسع رغبةً من بعض الفصائل الفلسطينية بذلك، حتى بات عددهم في المحافظة ككل يفوق الأجهزة الأمنية في جنين، كما تقول مصادر مطلعة من جنين لـ "صدى نيوز".

وآثار بعض المراقبون أسئلة حول دور هذا العدد الكبير من المسلحين في مقاومة الاحتلال خاصة وأن غالبيتهم يتحصنون داخل المخيم فقط، وينتظرون دخول قوات الاحتلال ليخرج قلة قليلة منهم لمواجهة تلك القوات.

وتشير البيانات الرسمية وغيرها، بأن من نفذ العمليات انطلاقًا من جنين هم عناصر يعملون بشكل فردي ولا يتبعون لأي تنظيم، سواء تلك الهجمات التي نفذت داخل مدن الخط الأخضر، أو التي وقعت قرب مناطق عسكرية مثل ما يعرف بـ "كمين الجلمة" الذي أدى لمقتل ضابط إسرائيلي.