اعتقد انه لا يختلف اثنان على ان حركة فتح منذ انطلاقتها - رغم ما لها وما عليها - هي الرافعة الحقيقية للقضية الفلسطينية والجسد الأكبر والأهم في مواجهة المخطط الصهيوني لتصفية القضية الفلسطينية وطمس الهوية الفلسطينية . ؤشكلت م ت ف الحاضنة الأوسع لكل القوى الوطنية الفلسطينية ولكل قطاعات شعبنا في فلسطين والخارج .
كانت الثورة الشعبية الفلسطينية ( الانتفاضة ) الاولى عام ١٩٨٧ بعد خروج المقاومة الفلسطينية من لبنان عام ١٩٨٢ التي اعتبرها الصفحة الأكثر نصاعة والأكثر رصيدا في تاريخ نضال شعبنا الفلسطيني عبارة عن بداية مرحلة جديدة تجسدت في ثورة شعب موحد متكافل ثورة شعب سماتها الشمولية والوحدة لكل أبناء واجيال شعبنا وعلى امتداد كل الجغرافيا . لست هنا بصدد الحديث عن ثورة الشعب بقدر ما أود الحديث عن نتائجها وواقع الحال الذي وصل اليه شعبنا هذه الأيام .
النتيجة التي يعرفها الجميع للثورة الشعبية التي يرغب البعض بتسميتها بالأنتفاضة هي اتفاقية أوسلو عام ١٩٩٣ التي عارضتها شخصيات فلسطينية وازنة في الداخل والخارج . لقد كانت اتفاقية أوسلو سببا في ان فقدت حركة فتح أكثر من ثلثي أعضائها من الداخل والخارج كما عبر عن ذلك احد الاخوة في مركزية فتح القدامى . وكان نتيجة اتفاقات أوسلو قيام السلطة الفلسطينية على جزء من اراضي الضفة الغربية وغزة . استوعبت السلطة غالبية أبناء حركة فتح في الوظائف والمناصب وهذا طبيعي ولكن ما هو ليس طبيعي ان تبتلع السلطة فتح ثم م ت ف بطريقة او بأخرى. ولتدارك الخطأ كانت المحاولة اخيرا الفصل بين السلطة وفتح حتى تحافظ فتح على تنظيمها كتنظيم رائد ضمن معادلة معينة بين التنظيم والسلطةوالنتيجة الواضحة ان حركة فتح اصبحت ما يشبه حزب السلطة وهنا كان الخطأ الكبير .
ما اريد الوصول اليه هو ان حركة فتح رغم كل الظروف التي مرت بها تبقى هي التنظيم المستهدف من أطراف عدة وخاصة بعد وصول حكومة بن غفير إلى سدة الحكم في إسرائيل . نعم ما تبقى من حركة فتح هو المستهدف وليست السلطة رغم المزج الموجود بينهما . مهما ضعفت او هانت الحركة تبقى حركة ولادة واثبتت التجارب في كل مرحلة انها تعود للمواجهة وفي داخلها الحراك الدائم نحو التجديد والولادة بعد كل مخاض صعب . ولعلني ادرك ان بعض الأخوة ممن يقرؤون قد يختلفون معي هنا وهم من أبناء فتح بسبب انعدام الافق السياسي ووجود الفساد الإداري والتنظيمي وخلافه واتفق معهم لكن صعوبة المرحلة وخاصة بعد سماعي لبعض التصريحات لبعض القيادات في حركة حماس الشركاء في الدم والقرار تدفعني للقول ان شعبنا يمر في مرحلة من أخطر وأصعب مراحله وهذا يتطلب من كل القوى الوطنية والإسلامية الإبتعاد بل الحذر الشديد من لغة قد تقود للفتنة التي يسعى لها المحتل .
الوحدة الميدانية هي المطلب والقاعدة التي يجب البناء عليها.
حماس وفتح مشروعان نقيضان والحقيقة الواضحة ان لا جهة يمكن أن تجتث او تلغي الأخرى. ولعل البنود التي وردت في وثيقة جنين رغم الفشل للمؤتمر قبل فترة وجيزة يمكن اعتبارها خارطة طريق لمرحلة جديدة رغم صعوبة ذلك بحكم المواقف المسبقة لكل طرف من الأطراف .
ختاما اقول ان مسؤولية تاريخية وكبيرة جدا تقع على عاتق كل الحريصين على حركة فتح والوطن في إنهاء حالة الصراع الداخلي سواء على مستوى حركة فتح التي باتت تفتقد لوحدة الرؤية والموقف ووحدة التنظيم او على المستوى الفلسطيني بشكل عام وتحقيق الوحدة الوطنية خاصة وان السنين الطويلة التي مضت لم تحقق اي من تطلعات أبناء شعبنا بسبب المواقف الإسرائيلية التي عصفت بكل الاتفاقات وتمارس أبشع الوسائل لانهاء القضية الفلسطينية . والحقيقة التي لا يجب القفز عنها هي ان شعبنا الفلسطيني هو صاحب القول الفصل وهو اكبر من كل الفصائل والقوى وحتى يقول كلمته لا بد من إعادة النظر في إجراء الانتخابات وفي كل المستويات وهذا هو المخرج الذي يمكن أن ينهي حالة الصراع بين القوى التي لا تحمد عقباه .
وختاما اقول ان بقي الحال على ما هو عليه فإن المشروع الوطني الفلسطيني معرض للأنحسار - ولا أريد قول أكثر من ذلك - والوضع الاجتماعي والقيمي لشعبنا الفلسطيني في تاكل وتراجع غير مسبوق مما يعني سهولة تنفيذ مخططات بن غفير وسموترش المتحكمان في ارادة نتنياهو وحكومته والتي تهدف إلى إنهاء القضية الفلسطينية وكل حقوق شعبنا المشروعة .