صدى نيوز - دخلت خامس هدنة في السودان حيز التنفيذ، وسط هدوء حذر يسود العاصمة الخرطوم بعد تسجيل اشتباكات متقطعة وتحليق للطيران في مناطق بالخرطوم بحري.
وكان الجيش السوداني وافق على تمديد الهدنة لمدة 3 أيام إضافية، وجاء في بيان للناطق الرسمي باسم الجيش أن موافقته جاءت لتهدئة الأوضاع وتهيئة الظروف المناسبة لإجلاء المقيمين من مختلف الجنسيات، وتيسير النواحي الإنسانية للمواطنين السودانيين.
وأعرب الجيش عن أمله في أن يلتزم من سماهم المتمردين بمتطلبات سريان الهدنة وعدم خرقها.
بدورها، أعلنت قيادة الدعم السريع موافقتها على مقترح الآلية الثلاثية واللجنة الرباعية بتمديد الهدنة الإنسانية لمدة 72 ساعة إضافية.
وقالت قيادة الدعم السريع إنها تؤكد التزامها التام بشروط الهدنة الإنسانية تقديرا للظروف التي يمر بها الشعب السوداني، ولتسهيل إجلاء البعثات الدبلوماسية والرعايا الأجانب.
وأضافت أنها تود لفت الانتباه إلى وجود أكثر من مركز لاتخاذ القرار بين قادة القوات المسلحة الذين وصفتهم بالانقلابيين وفلول النظام البائد.
وأوضحت أن هذا تسبب في تضارب قراراتهم، مما أدى إلى عدم الالتزام بشروط الهدنة الإنسانية، والهجوم المتواصل على معسكرات قوات الدعم السريع والأحياء السكنية بالطائرات والمدافع، حسب تعبير قيادة الدعم السريع.
ترحيب أميركي ووساطة أممية
وقد رحب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بالهدنة الخامسة بين طرفي الصراع في السودان.
وحث بلينكن في تغريدة على تويتر طرفي الصراع على الالتزام بإنهاء القتال وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
وقالت الخارجية الأميركية في بيان إن بلينكن تعهد خلال لقاء مع الأمين العام للأمم المتحدة أنتوني غوتيريش بالضغط من أجل وقف دائم للقتال في السودان وحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية.
وأعرب بلينكن خلال استقبال غوتيريش عن أمله في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في السودان والعودة إلى مسار سياسي يقوده المدنيون، مشيرا إلى أن الجانبين يعملان بشكل وثيق لمعالجة الأزمة في السودان.
من جانبه، قال غوتيريش إنه يحاول إلى جانب وزير الخارجية الأميركي التوسط للتوصل إلى وقف إطلاق النار في السودان.
وأعرب عن امتنانه للدعم الأميركي في عملية نقل الموظفين، والتي استفاد منها 1200 موظف من الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والبعثات المختلفة من الخرطوم إلى بورتسودان في خضم وضع صعب للغاية.
وفي تأكيد أميركي على أولوية وقف إطلاق النار، قال المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية سامويل وربيرغ في مقابلة مع الجزيرة إن بلاده لديها أدوات للضغط على طرفي الصراع بما فيها العقوبات، لكنه أشار إلى أن الأهم هو وجود صوت موحد من قبل المجتمع الدولي لفرض وقف إطلاق النار.
ومع استمرار موجة الفرار من المعارك قالت الأمم المتحدة إن تقديراتها تشير إلى احتمال فرار أكثر من 200 ألف من السودانيين إلى دول الجوار.
وقد استبعدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير تحسن الوضع في السودان، وحثت الأميركيين الراغبين في مغادرة السودان على الخروج خلال اليومين القادمين.
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية العقيد بات رايدر إن البنتاغون يتواصل مع وزارة الخارجية والشركاء والحلفاء للتخطيط لإجلاء الأميركيين الراغبين بمغادرة السودان.
وأوضح رايدر ردا على سؤال للجزيرة أن خيار اعتماد الطرق البرية لإجلاء الأميركيين يحقق أهدافا، منها تفادي عبور نقاط التفتيش للوصول إلى مطار الخرطوم.
الآليتان الثلاثية والرباعية ترحبان بالهدنة
وأصدرت الآلية الثلاثية المكونة من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية، والمجموعة الرباعية المكونة من السعودية والإمارات وبريطانيا والولايات المتحدة بيانا رحبتا فيه بإعلان الجيش السوداني وقوات الدعم السريع تمديد الهدنة لمدة 3 أيام.
كما رحب البيان بإبداء كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع استعدادا للدخول في حوار لوقف القتال بشكل دائم وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
وذكر البيان أن الترتيبات الإنسانية ستساهم في تطوير خطة خفض التصعيد الواردة في بيان الاتحاد الأفريقي في 20 أبريل/نيسان الجاري، والذي أقرته الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والشركاء الدوليون.
قوة عسكرية للفصل بين المتحاربين
وعلى وقع احتدام المعارك في غرب دارفور، قال رئيس حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي إن قيادات الحركات المسلحة قررت تحريك قوة عسكرية مشتركة للفصل بين المتحاربين بالتعاون مع السلطات المحلية، وذلك منعا لتوسع دائرة الانفلات بعد تصاعد المواجهات المسلحة في الخرطوم وامتدادها إلى عدد من المناطق، خاصة دارفور.
وكانت مصادر محلية للجزيرة أفادت بوقوع اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.
وأضافت المصادر أن قوات الدعم السريع هاجمت مقر حكومة الولاية، وأن قوات الجيش والحركات المسلحة اشتبكت معها.
من جانبه، وصف الجيش السوداني المعارك في ولاية غرب دارفور بأنها صراع قبلي تجري معالجته بواسطة السلطات المحلية.
وقد أعرب المبعوث الأممي إلى السودان فولكر بيرتس عن قلقه العميق إزاء التقارير الأخيرة التي تفيد بوقوع أعمال عنف في الجنينة، والتي يبدو أنها تتخذ أبعادا قبلية، على حد تعبيره.
مبادرة إيغاد
ويأتي تمديد الهدنة بعد يوم من مبادرة إيغاد التي قوبلت بضبابية في ردود الأطراف بشأن الجلوس إلى طاولة التفاوض، فقد قالت وزارة الخارجية السودانية في بيان إنه لا صحة لدخول القوات المسلحة في تفاوض مع قوات الدعم السريع.
وأضافت الخارجية السودانية أنه لا خيار أمام قوات الدعم السريع سوى الاستسلام أو الفناء، حسب تعبير البيان.
وكان الجيش السوداني قد ذكر في وقت سابق أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وافق بشكل مبدئي على مبادرة من منظمة إيغاد تضمنت مقترحات لحل الأزمة الحالية.
وحسب بيان الجيش السوداني، فإن المقترحات تتضمن تمديد الهدنة 72 ساعة إضافية، كما تتضمن إيفاد ممثلين عن القوات المسلحة وقوات الدعم السريع إلى جوبا للتفاوض.
وكان يوسف عزت المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع قد قال في تصريح للجزيرة إن القوات ترحب بكل المبادرات، لكن التفاوض يبقى رهن وجود طرف حقيقي ووقف الحرب، وطالب بوجود طرف حقيقي قادر على وقف القتال.
جبهة مدنية لإيقاف الحرب
من ناحية أخرى، أعلنت مجموعة من الأحزاب السياسية والقوى المهنية ومنظمات مجتمع مدني وشخصيات أكاديمية وإعلامية وثقافية في السودان عن تشكيل الجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية.
وأكد المشاركون في تأسيس الجبهة أن الأهداف الرئيسية لهم ستكون العمل على إيقاف الحرب فورا، وإسكات صوت البنادق، والسعي لتوفير الاحتياجات الإنسانية والصحية والخدمية والبيئية العاجلة للمواطنين والمناطق المتأثرة.
وأضاف البيان التأسيسي للجبهة أنه سيتم العمل كذلك على استعادة مسار الانتقال المدني الديمقراطي الشامل، والإخراج الكامل للمؤسسة العسكرية من الحياة السياسية والاقتصادية، ومواصلة الإصلاح الأمني والعسكري، مما يقود إلى جيش مهني موحد عبر خطوات سلمية وتحت مظلة مشروع انتقالي مدني وطني ديمقراطي.
كما أكد المشاركون في تأسيس الجبهة على التصدي لما وصفوها بمخططات النظام البائد لاستعادة سلطته بالثأر من ثورة ديسمبر التي أسقطته، حسب تعبير البيان.
ومن أبرز الموقعين على البيان قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي، وتجمع المهنيين السودانيين، وحركة وجيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، وتجمع المهنيين السودانيين، ونقابة الصحفيين السودانيين، وحزب البعث العربي الاشتراكي الأصل.
وضع إنساني صعب
إنسانيا، وجهت منظمة الصحة العالمية نداء عاجلا إلى أطراف الصراع في السودان للانسحاب الفوري من جميع المرافق الصحية وعدم إعاقة عملها.
ودعت المنظمة في بيان صادر عن المدير الإقليمي جميع الأطراف في السودان إلى حماية العاملين الصحيين والبنية التحتية الصحية، والالتزام بحماية خدمات الرعاية الصحية وعمل مرافق الصحة العامة في جميع حالات النزاع.
وأضاف البيان أن احتلال أطراف النزاع المستشفيات في الخرطوم تسبب في تعذر حصول المرضى على الرعاية الصحية الأساسية.
كما أعربت المنظمة عن قلقها إزاء احتمالية إساءة التعامل من قبل الجهة التي سيطرت على المركز الوطني لمختبرات الصحة العامة مع العينات المخبرية المعدية، مشيرة إلى أن المختبر يحتوي على مسببات أمراض، مثل الحصبة والكوليرا والسل المقاوم لأدوية متعددة، وفيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاحات، ومواد أخرى خطرة.
وقال فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن أكثر من 60% من المرافق الصحية في العاصمة السودانية الخرطوم مغلقة بسبب استمرار القتال.
وأكد حق تعطل علاج ما يقارب 50 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد.
وكانت وزارة الخارجية السودانية قد سلمت عبر بعثة السودان الدائمة لدى الأمم المتحدة مذكرة رسمية إلى منظمة الصحة العالمية بشأن ما قالت إنه اعتداء صارخ أقدمت عليه قوات الدعم السريع على 12 مستشفى ومرفقا صحيا في الخرطوم.
وقالت الوزارة في بيان لها إن هذا الاعتداء يتنافى مع كل المبادئ والأعراف الإنسانية، وخرق صارخ للقانون الدولي الإنساني ومبادئ وقواعد الاشتباك الميداني.
في الأثناء، أشارت منظمات إنسانية -بينها منظمة اليونيسيف وبرنامج الغذاء العالمي- إلى عجزها عن إيصال المساعدات للسودانيين بسبب القتال، وطالبت بممر إنساني لحماية موظفيها.
ويواجه سكان جنوب الخرطوم صعوبات جمة في الحصول على مشتقات الوقود نتيجة إغلاق محطات توزيعه، وعدم توفر السيولة النقدية لديهم وارتفاع أسعار السلع الغذائية والمواد الأساسية الأخرى.