صدى نيوز - أفادت مصادر محلية في السودان بسماع دوي انفجارات عنيفة نتيجة قصف جوي على الأجزاء الجنوبية الغربية من مدينة الخرطوم بحري وذلك رغم دخول خامس هدنة حيز التنفيذ بين الجيش وقوات الدعم السريع، في حين قال مسؤول أممي إن أكثر من 60% من المرافق الصحية في العاصمة السودانية الخرطوم مغلقة بسبب استمرار القتال.

وذكرت أن اشتباكات وقعت في محيط القصر الجمهوري صباح اليوم الجمعة، كما سقطت قذائف في جزيرة توتي وسط الخرطوم.

وردت مضادات الدعم السريع على نيران طائرات الجيش شرقي الخرطوم بحري مع أولى ساعات الهدنة الخامسة.

ويسود هدوء حذر بعد أن وافق الجيش السوداني على تمديد الهدنة لمدة 3 أيام إضافية.

وجاء في بيان للناطق الرسمي باسم الجيش، أن موافقته جاءت لتهدئة الأوضاع وتهيئة الظروف المناسبة لإجلاء المقيمين من مختلف الجنسيات، وتيسير النواحي الإنسانية للمواطنين السودانيين. وأعرب الجيش عن أمله أن يلتزم من سماهم بالمتمردين بمتطلبات سريان الهدنة وعدم خرقها.

بدورها، أعلنت قيادة الدعم السريع موافقتها على مقترح الآلية الثلاثية واللجنة الرباعية بتمديد الهدنة الإنسانية لمدة 72 ساعة إضافية. وقالت قيادة الدعم السريع إنها تؤكد التزامها التام بشروط الهدنة الإنسانية تقديرا للظروف التي يمر بها الشعب السوداني ولتسهيل إجلاء البعثات الدبلوماسية والرعايا الأجانب.

وأضافت أنها تود لفت الانتباه إلى وجود أكثر من مركز لاتخاذ القرار داخل قادة القوات المسلحة التي وصفتهم بالانقلابيين وفلول النظام البائد.

وأوضحت أن هذا تسبب في تضارب قراراتهم، مما أدى إلى عدم الالتزام بشروط الهدنة الإنسانية والهجوم المتواصل على معسكرات قوات الدعم السريع والأحياء السكنية بالطائرات والمدافع، حسب تعبير قيادة الدعم السريع.

ويأتي تمديد الهدنة بعد يوم من مبادرة "الإيغاد" التي قوبلت بضبابية في ردود الأطراف بشأن الجلوس إلى طاولة التفاوض، فقد قالت وزارة الخارجية السودانية، في بيان، إنه لا صحة لدخول القوات المسلحة في تفاوض مع قوات الدعم السريع.

وأضافت الخارجية السودانية، أنه لا خيار أمام قوات الدعم السريع سوى الاستسلام أو الفناء، بحسب تعبير البيان.

وكان الجيش السوداني قد ذكر في وقت سابق أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وافق بشكل مبدئي، على مبادرة من منظمة "إيغاد"، تضمنت مقترحات لحل الأزمة الحالية.

وحسب بيان الجيش السوداني، فإن المقترحات تتضمن تمديد الهدنة 72 ساعة إضافية، كما تشمل المبادرة إيفاد ممثلين عن القوات المسلحة وقوات الدعم السريع إلى جوبا للتفاوض.

وكان يوسف عزت المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع، قد قال في تصريح للجزيرة، إن القوات ترحب بكل المبادرات، لكن التفاوض يبقى رهن وجود طرف حقيقي ووقف الحرب، وطالب بوجود طرف حقيقي قادر على وقف القتال.

ترحيب أميركي

وقد رحب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بالهدنة الخامسة بين طرفي الصراع في السودان.

وحث بلينكن في تغريدة على تويتر طرفي الصراع على الالتزام بإنهاء القتال وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.

وقالت الخارجية الأميركية، في بيان، إن بلينكن تعهد خلال لقاء مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالضغط من أجل وقف دائم للقتال في السودان وحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية.

وأعرب بلينكن خلال استقبال غوتيريش عن أمله في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في السودان والعودة إلى مسار سياسي يقوده المدنيون، مشيرا إلى أن الجانبين يعملان بشكل وثيق لمعالجة الأزمة في السودان.

من جانبه، قال غوتيريش إنه يحاول إلى جانب وزير الخارجية الأميركي التوسط للتوصل إلى وقف إطلاق النار في السودان.

وأعرب عن امتنانه للدعم الأميركي في عملية نقل الموظفين، التي استفاد منها 1200 موظف من الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والبعثات المختلفة من الخرطوم إلى بورتسودان في خضم وضع صعب للغاية.

وفي تأكيد أميركي على أولوية وقف إطلاق النار، قال المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية سامويل وربيرغ في مقابلة مع الجزيرة إن بلاده لديها أدوات للضغط على طرفي الصراع بما فيها العقوبات، لكنه أشار إلى أن الأهم هو وجود صوت موحد من قبل المجتمع الدولي لفرض وقف إطلاق النار.

وأصدرت الآلية الثلاثية المكونة من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية، والمجموعة الرباعية المكونة من السعودية والإمارات وبريطانيا والولايات المتحدة، أصدروا بيانا رحبوا فيه بإعلان الجيش السوداني وقوات الدعم السريع تمديد الهدنة 3 أيام.

كما رحب البيان بإبداء كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع استعدادا للدخول في حوار لوقف القتال بشكل دائم وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.

وذكر البيان أن الترتيبات الإنسانية ستساهم في تطوير خطة خفض التصعيد الواردة في بيان الاتحاد الأفريقي الذي نشر في 20 من الشهر الجاري، وأقرته الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والشركاء الدوليين.

قتال بالجنينة

وعلى وقع احتدام المعارك في غرب دارفور، قال رئيس حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي إن قيادات الحركات المسلحة قررت تحريك قوة عسكرية مشتركة للفصل بين المتحاربين بالتعاون مع السلطات المحلية، وذلك منعا لتوسع دائرة الانفلات بعد تصاعد المواجهات المسلحة في الخرطوم وامتدادها إلى عدد من المناطق، خاصة دارفور.

وكانت مصادر محلية للجزيرة أفادت بوقوع اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.

وأضافت المصادر أن قوات الدعم السريع هاجمت مقر حكومة الولاية، وأن قوات الجيش والحركات المسلحة اشتبكت معها.

من جانبه، وصف الجيش السوداني المعارك في ولاية غرب دارفور بأنها صراع قبلي تجري معالجته بواسطة السلطات المحلية.

وقد أعرب المبعوث الأممي إلى السودان فولكر بيرتس عن قلقه العميق إزاء التقارير الأخيرة التي تفيد بوقوع أعمال عنف في الجنينة، والتي يبدو أنها تتخذ أبعادا قبلية، على حد تعبيره.

المرافق الصحية

إنسانيا، وجهت منظمة الصحة العالمية نداء عاجلا لأطراف الصراع في السودان للانسحاب الفوري من جميع المرافق الصحية وعدم إعاقة عملها.

ودعت المنظمة في بيان صادر عن المدير الإقليمي، جميع الأطراف في السودان إلى حماية العاملين الصحيين والبنية التحتية الصحية، والالتزام بحماية خدمات الرعاية الصحية وعمل مرافق الصحة العامة في جميع حالات النزاع.

وأضاف البيان أن احتلال أطراف النزاع المستشفيات في الخرطوم تسبب في تعذُّر حصول المرضى على الرعاية الصحية الأساسية.

كما أعربت المنظمة عن قلقها إزاء احتمال إساءة التعامل من طرف الجهة التي سيطرت على المركز الوطني لمختبرات الصحة العامة مع العينات المختبرية المعدية، مشيرة إلى أن المختبر يحتوي على مسببات أمراض مثل الحصبة والكوليرا والسل المقاوم لأدوية متعددة، وفيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاحات، ومواد خطرة أخرى.

من جهته، قال فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن أكثر من 60% من المرافق الصحية في العاصمة السودانية الخرطوم مغلقة بسبب استمرار القتال. وأكد حق تعطل علاج ما يقرب من 50 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد.

من جانبه، قال مسؤول بوزارة الصحة السودانية للجزيرة إن قوات من الدعم السريع سيطرت على مستشفى الخرطوم الذي يعتبر أكبر مستشفى في البلاد.

وأضاف أن قوات الدعم السريع طردت طواقم تأمين المستشفى وكل الكوادر الصحية وأدخلت إليه أسلحة وناقلات جند، على حد قوله.

وحذر المسؤول السوداني من استغلال المؤسسات الصحية كمرافق عسكرية، وقال إن ذلك يلحق أضرارا كبيرة بتلك المؤسسات.

ومع استمرار موجة الفرار من المعارك، قالت الأمم المتحدة إن تقديراتها تشير إلى احتمال فرار أكثر من 200 ألف سوداني إلى دول الجوار.

في الأثناء، أشارت منظمات إنسانية، بينها منظمة اليونيسيف وبرنامج الغذاء العالمي، إلى عجزها عن إيصال المساعدات للسودانيين بسبب القتال، وطالبت بممر إنساني لحماية موظفيها.

ويواجه سكان جنوب الخرطوم صعوبات جمة في الحصول على مشتقات الوَقود نتيجة إغلاق محطات توزيع الوقود، وعدم توفر السيولة النقدية لديهم وارتفاع أسعار السلع الغذائية والمواد الأساسية الأخرى.