صدى نيوز - لم تكن قضية شركة تكنو إليت التي أكدت النيابة العامة في غزة خلال الأيام الماضية، أنها قامت بالنصب والاحتيال على المواطنين، هي الأولى التي تعمل في مجال العملات الرقمية، أو تقوم باستخدام وسائل مختلفة للنصب والاحتيال على المواطنين وحلب ما لديهم من أموال بحجة تشغيلها ودر أرباح كبيرة لم يعرف مصدرها.
ما بين العملات الرقمية، والتسويق الهرمي، وتجارة الأنفاق وغيرها، مر قطاع غزة منذ عام 2006 بشبكات نصب كبيرة، دفع خلالها المئات من المواطنين ثمن "السذاجة" التي ارتكبوها من جهة، واستغلال ضعفهم من جهة أخرى من قبل القائمين على تلك الشركات أو أصحاب المشاريع الوهمية التي درت على أصحابها أموال طائلة بطرق وصفت أنها مخادعة.
حكومة "حماس" القائمة في القطاع منذ أحداث سيطرتها وانقلابها على السلطة الفلسطينية، حاولت أن تلعب دور الوسيط بين المواطن الذي تعرض للنصب، وبين أصحاب تلك المشاريع، إلا أنها في حقيقة الواقع كانت في كثير من الأحيان جزءً من المشكلة الكبيرة، خاصة وأن كل ما يجري كان يتم تحت نظر عينيها بشكل مباشر أو غير مباشر، وكما أن العديد من الشخصيات التي كانت قائمة على تلك المشاريع تتلقى دعمًا إما ماليًا أو نوعيًا من بعض القيادات في "حماس" سواء على المستوى السياسي أو الحكومي بشكل أكبر، أو العسكري بأقل درجة.
تقول مصادر لـ "صدى نيوز"، أن محمود صبيح صاحب شركة تكنو إليت التي شغلت بال أهالي قطاع غزة في الأيام القليلة الماضية وحتى صباح اليوم، كان يجمع الأموال ويدعي تشغيلها في العملات الرقمية ويجلب أرباحًا كبيرة جدًا، دفعت كثرة الشكاوي في النهاية الجهات الحكومية بغزة للتحرك الجدي وخاصة بتعليمات من كتلة حماس البرلمانية في المجلس التشريعي الذي لا زال يعقد جلساته بشكل دوري بغزة.
ووفقًا للمصادر، فإنه تبين أن صبيح كان قد وضع لدى بعض الجهات الحكومية مبلغ 5 ملايين دولار، تم التحفظ عليها، بعد كشف حقيقة قضية النصب المتكامل من قبل النيابة التي أغلقت منذ أكثر من شهر الشركة وبدأت في التحقيق مع صبيح الذي تم مداهمة شركته فور عودته من تركيا.
واللافت كما تقول المصادر، أن صبيح كان يستغل اسم (ج.ص) ابن عمه القيادي البارز في كتائب القسام الذراع المسلح لحركة حماس، والذي أكدت المصادر أنه نفى علمه بما كان يقوم به أو أن يكون وفر له أي نوع من الحماية.
وتشير المصادر إلى أن عناصر من القسام وحركة حماس ومن مؤسسات تتبع لها دفعوا الكثير من الأموال في شركة إليت بسبب معرفتهم أن من يقوم عليها ابن عم القيادي في الكتائب واستغلال صاحب الشركة لاسم القيادي، إلا أن الدافع الحقيقي كان لهم ولمختلف المواطنين كان يتعلق بـ "الطمع المالي" في ظل الأرباح الكبيرة التي كانت توزعها الشركة والتي كانت توصف بالخيالية.
ويدور الحديث عن مبلغ فلكي وصل إلى 60 مليون دولار ما بين ما جمع وأرباح تم الوصول إليها بطرق وهمية.
وتقول المصادر إن كتلة حماس البرلمانية شعرت بالاستياء الشديد مما يجري، وطالبت بوقف عمل جميع الشركات الناشئة التي بدأت مؤخرًا تعمل بالعملات الرقمية، وتم فعليًا تجميد عمل شركة إليت و3 شركات أخرى من مدينة غزة وخانيونس.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن كتلة حماس البرلمانية تنظر في إمكانية سن قانون يحدد عمل هذه الشركات وترخيصها بشكل قانوني، أو منع عملها بشكل بات، مشيرةً إلى أنها ستحصل على فتوى دينية بذلك من مجلس الإفتاء في الجامعة الإسلامية ليكون بمثابة مرجع لقرارها في حال اتخذ.
وأصدر العديد من أهل الدين والفتاوى الإسلامية في الأيام الأخيرة، ومن قبل مع بداية ظهور مشكلة هذه الشركة منذ شهر، فتاوى تؤكد حرمانية التعامل بالعملات الرقمية خاصة في حال لم يثبت المجالات التي يتم التعامل فيها، أي لم تتضح صورة التجارة التي يتم فيها استخدام هذه الأموال.
وتقول مصادر أخرى لـ "صدى نيوز"، أن الشركة كانت تدعي أنها تعمل في مجالات واستثمارات مختلفة عبر العملات الرقمية، لكن التحقيقات أظهرت عدم صحة ذلك وأن ما كان يجري مجرد غسيل أموال لصالح صاحبها ولا يوجد أي استثمارات فعلية.
وطالبت النيابة في غزة، صباح اليوم الأحد، المواطنين الذين كانوا يتلقون أرباحًا إضافية غير الأموال الأساسية التي وضعت في الشركة، بأن يعيدوها للنيابة.
وبينت في بيان سابق لها، أنها أغلقت الشركة حسب الأصول، وأنه تم ضبط وتحريز محتوياتها، وضبط مبالغ مالية وتحريزها على ذمة القضية، وأن تحقيقاتها مستمرة، وسيتم التصرف في ضوء ما تسفر عنه التحقيقات.
ولم تكن هذه القضية هي الأولى من نوعها، فقد تم الكشف عن قضية نصب واحتيال أخرى قامت بها شركة للتسوق الهرمي، والتي نجحت منذ نحو عام بجمع عشرات الآلاف من الدولارات قبل أن يفر القائمين عليها وعددهم 4 من سكان مدينة غزة إلى تركيا، وسط محاولات جارية حتى الآن لجلب الأموال منهم بطرق مختلفة.
كما شهد قطاع غزة، لفترات مختلفة عمليات نصب واحتيال منها بالتسويق الهرمي أو من خلال تجارة الأنفاق التي ازدهرت في القطاع لعدة سنوات ومنها القضية الشهيرة "الروبي - الكردي" التي لا زالت لم تحل كليًا رغم مرور سنوات طويلة عليها، ولا زال بعض المواطنين لم يتلقوا كامل أموالهم.