صدى نيوز -(أ ف ب) -تواجه المحكمة العليا للولايات المتحدة، التي كانت تعدّ واحدة من أكثر المؤسّسات احتراماً في البلاد، جدلاً كبيراً يرتبط بشكل خاص بأخلاقيات قضاتها، التي سينظر فيها مجلس الشيوخ الثلاثاء.
وتدور جلسة الاستماع في الوقت الذي وصلت فيه شعبية المحكمة العليا، ذات الغالبية المحافظة، إلى أدنى مستوياتها حيث يرى 58 في المئة من الأميركيين أنّها تؤدي وظيفتها بشكل سيء.
ونظّمت اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ التي يسيطر عليها الديموقراطيون، جلسة الاستماع هذه بعد جدل طال قاضيَين محافظَين، قبِل أحدهما وهو كلارنس توماس هبةً من رجل أعمال.
ورفض رئيس المحكمة العليا جون روبرتس المحافظ أيضاً، الإدلاء بشهادته أمام الكونغرس، مشيراً إلى "مخاوف بشأن فصل السلطات وأهمية الحفاظ على استقلال القضاء".
وتقوم أعلى هيئة قضائية أميركية، التي تتمثّل مهمّتها الأساسية في ضمان دستورية القوانين، بحسم نقاشات اجتماعية مهمّة في الولايات المتحدة ومنها قضايا تتعلق بالإجهاض والزواج من الجنس نفسه، والتمييز العنصري وعقوبة الإعدام والنزاعات الانتخابية وحمل السلاح، وما إلى ذلك. ويعيَّن هؤلاء القضاة في مواقعهم مدى الحياة كما يتمتّعون بنوع من الحصانة.
بناء عليه، لن يكونوا حاضرين أثناء جلسة الاستماع التي تبدأ عند الساعة العاشرة صباحاً (14,00 بتوقيت غرينتش). ولكن قائمة الشهود الخمسة الذين تمّ استدعاؤهم تضمّ قضاة فدراليين سابقين - كان أحدهم وزيراً للعدل في عهد الرئيس جورج بوش الابن - وأستاذ قانون وأخصائيًا في الأخلاقيات.
صار كلارنس توماس، الذي يعدّ من القضاة الأكثر محافظة في المحكمة العليا، وسط جدل كبير عندما كشف موقع "بروبابليكا" أنّه قبِل هدايا باهظة الثمن من دون الإعلان عنها، بما في ذلك رحلات طيران خاصّة أو رحلات بحرية على متن يخت ضخم من الملياردير الجمهوري هارلن كرو.
ودافع عن نفسه مؤكداً أنّ القواعد التي تحكم التصريح عن هذا النوع من الرحلات تغيّرت، ومشيراً إلى أنّ كرو لم تكن لديه أي قضية عالقة أمام المحكمة العليا.
وكان هارلن كرو قد تبرّع بأكثر من عشرة ملايين دولار لمنظمات جمهورية، وفقاً لـ"بروبابليكا"، بما في ذلك 500 ألف دولار لمجموعة محافِظة أسّستها جيني توماس زوجة القاضي كلارنس توماس.
وكانت هذه الأخيرة، وهي ناشطة ضمن جماعات ضغط، قد أثارت جدلاً بسبب مشاركتها في حملة دونالد ترامب لإثبات أنّ الانتخابات الرئاسية للعام 2020 كانت قد سُرقت منه.
غير أنّ كلارنس توماس ليس القاضي الوحيد الذي أُلقي الضوء على سلوكياته.
فقد باع زميله المحافظ نيل غورسوش، مباشرة بعد التصديق على تعيينه في المحكمة العليا في العام 2017، عقاراً كبيراً في كولورادو إلى المدير التنفيذي لشركة المحاماة "غرينبرغ توريغ"، التي ترافع بانتظام في قضايا أمام المحكمة العليا، وفقاً لصحيفة "بوليتيكو".
يحلّ كلّ هذا الجدل بعد عام مليء بالاضطرابات بالنسبة إلى المحكمة العليا.
فقد ألغت المحكمة الحماية الدستورية للإجهاض، وحدّت من وسائل الحكومة الفدرالية لمكافحة الاحتباس الحراري، كما عزّزت الحق في حمل السلاح.
كذلك، طالت المؤسسة تسريبات غير مسبوقة. فقد حصلت "بوليتيكو" على قرارها بشأن الإجهاض الذي سمح لـ15 ولاية بحظره، قبل نشره.
وبينما تعدّ جلسة استماع برلمانية بشأن أخلاقيات المحكمة العليا أمراً غير مسبوق، إلّا أنّ من النادر أيضاً أن تكون في قلب الجدل الذي يطال "هذا العدد من القضاة وهذا العدد من المواضيع"، حسبما يقول ستيفن شوين أستاذ القانون في جامعة إيلينوي في شيكاغو.
ويضيف أنّ ذلك ينسحب أيضاً على "مستويات الثقة والشعبية" المنخفضة تاريخياً، كما يقوّض صورة المحكمة التي يُفترض أن تكون "فريدة" و"مستقلّة".
وقال رئيس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ ديك دوربن في رسالته التي دعا فيها رئيس المحكمة العليا للإدلاء بشهادته، إنّ "عمليات الكشف التي طالت قضاة لا يحترمون المعايير الأخلاقية المتوقّعة في ازدياد".
وأرفق جون روبرتس ردّه على الدعوة بنسخة من المبادئ التوجيهية الأخلاقية للمحكمة العليا وبيان موقّع من القضاة التسعة، يعيدون فيه التأكيد على "المبادئ والممارسات الأخلاقية الأساسية".