قد يستغرب القارئ من العنوان الذي جاء على عكس المسمى الذي أطلقه منظمي المؤتمر بما يسمى بمؤتمر العودة (النكبة ٧٥) وعل  رأسهم أمين أبو راشد، وهو المؤتمر الذي سيعقد في السابع والعشرين من أيار (٥)  ٢٠٢٣ تحت شعار " ٧٥ عاماً وإنا لعائدون" وهو المؤتمر الذي ترعاه حركة حماس ومؤسساتها المالية والإعلامية والسياسية مثال مؤسسة مؤتمر فلسطينيي أوروبا، والمركز الفلسطيني للإعلام، ومركز العدالة الفلسطيني الذي مقره السويد.
إن مخالفة عنوان المقال لعنوان المؤتمر جاء كإشارة إلى خطورة عواقب هذا المؤتمر الذي يعقد على أنه أداة سياسية لتحقيق حلم العودة لشعبنا الفلسطيني، في الوقت الذي تتفشى عنه الحزبية الضيقة بما تمثله وتسعى إليه حركة حماس من محاولات لتقديم نفسها ممثلاً بديلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني أينما وجد.
إن سعي ومحاولات حماس الالتفاف على تمثيل م.ت.ف للشعب الفلسطيني لم يأتي محض تخطيط ورغبة إخوانية حمساوية فقط، أو محض صدفة تاريخية تأسست منذ تاريخ عقد مؤتمر العودة المزعوم الأول عام ٢٠٠٣، بل أن ذلك السعي وتلك المحاولات قد بدأت إخوانية منذ قيام م.ت.ف عام ١٩٦٤وانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة حركة فتح عام ١٩٦٥ ولغاية يومنا هذا من عقد هذا المؤتمر المشوه والمشبوه.
إن العودة إلى قراءة التاريخ ستفيد كل صاحب بصيرة وعقل في قراءة وادراك مسار ودور جماعة الإخوان وربيبتهم حماس منذ نشأتهم الأولى عام ١٩٢٨، وتحولهم الثاني بإطار حركة المقاومة الإسلامية حماس في أواخر عام ١٩٨٧ بالانتفاضة الفلسطينية الأولى وصولاً إلى تحولهم الثالث كأدوات لما سمي بالربيع العربي والشواهد كثيرة عبر المراحل التاريخية على دورهم التخريبي والعبثي، وواضح وصريح من فلسطين بالانقسام عام ٢٠٠٧ إلى تونس وسوريا وليبيا إلى مصر في ٢٠١٠ وما بعد.
ما بين النشوء والتحولات الجيوسياسية في دور، وإعادة تخطيط أهداف جماعة الإخوان وربيبتهم حركة حماس فقد كانت البداية بعد الحرب العالمية الثانية والتي انتقل فيها مركز ثقل جماعة الإخوان من بريطانيا دولة الولادة والرعاية بعد أفول نجمها إلى حيث سطع نجم الولايات المتحدة الأمريكية بعد هذه الحرب.
إن دلالات إعادة تمركز ثقل جماعة الإخوان في الولايات المتحدة الأمريكية يتركز في الدور المفتوح الاقليمي والدولي لهذه الجماعة حتى ارتقت إلى حجم التنظيم الدولي، وهذا لم يكن ليحصل لو لا أن دور جماعة الإخوان قد توافق مع أهداف الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا التي أمسكت برقابهم من اللحظة الأولى وأدارت عبرهم مصالحها وحماية سياساتها بالمنطقة العربية، وتحديداً في صناعة التطرف والاستثمار بالعاطفة الدينية واستغلالها في الحرب على الحركات والأنظمة الوطنية والثورية بعد عهد الاستقلال، والشواهد لتلك المراحل ماثلة ومستمرة منذ التحالف مع الملك فاروق في مصر ضد حزب الوفد، حيث أطلقت جماعة الإخوان شعارها المعروف آنذاك " الله مع الملك" في مواجهة الشعار الجماهيري " الشعب مع الوفد"، وهذا يفصح عن دور أنثروبولوجي غربي عميق في تحديد مجالات الدعوة الاسلامية التي تقمصت مسؤوليتها جماعة الإخوان، ومن هنا بدأت تُبنى برامج الجماعة ويتحدد دورها السياسي والدعوي، وبدأت حملات الاستهداف للأنظمة والأحزاب والحركات القومية العربية كمهمة دعوية كَفَرَت وخونت وحاربت فيها جماعة الإخوان تلك الانظمة والأحزاب والحركات وتآمرت على استقلالها واستقرارها واخرجتها عن الملة وعلى رأس أولئك نظام الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر، في الوقت أن العربية هي لغة تنزيل القرآن المجيد حيث قال الله تعالى في كتابه الكريم " إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تَعقِلون"، والجزيرة العربية هي أصل وموطن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فأين ما يستحق النفي والرفض والانكار في السعي لوحدة الأمة العربية والتي شرفها الله جل وعلا بالقرآن وبمحمدٍ مبشراً ونذيراً للعالمين، وعلى هذا المنوال استمر مسلسل جماعة الإخوان كتنظيم إسلاموي سياسي من الداخل يهدم الداخل بقرار من الخارج.
في الحالة الفلسطينية لقد طالت يد الإسرائيليين ما طالته من جماعة الإخوان واعادة تنظيم صفوفهم عبر ما عرف بالمجمع الاسلامي في غزة في سبعينات القرن الماضي، واللقاءات المكثفة مع اسحاق رابين، وجادي زوهر رئيس ما كان يسمى بالإدارة المدنية التي نتج عنها ترخيص المجمع الإسلامي كجمعية خيرية، وقد انشبت جماعة الإخوان عبر هذا المجمع في غزة والضفة أسنانها وأظافرها في جسد التنظيمات الفلسطينية وم.ت.ف ككيان سياسي ومعنوي للشعب الفلسطيني، واعتدت جسدياً ومعنوياً بكل ما أوتيت من قوة على رموز العمل الوطني من رجالات م.ت.ف في كل مكان وزمان استطاعت عليه، وتحركت بذلك تحت سمع وبصر سلطات الاحتلال الإسرائيلي ومخابراته، كما انشبت ألسِنَة خطبائها عبر منابر رسول الله بالتشويه والتشكيك والاتهام ل/ م.ت.ف، حتى تجرأوا على الشهداء الذين قضوا على طريق المقاومة والكفاح المسلح  ضد إسرائيل بأوصاف يندى لها الجبين.  ولم تنبس جماعة الإخوان وفي أي مناسبة أو خطبة جمعة أو جامعة ولو بجملة أو عبارة عن الاحتلال وممارساته، ولا الدعوة لمقاومة الاحتلال، ولا مواجهة مشاريع التصفية السياسية التي كانت أحد أدواتها روابط القرى العميلة التي تأسست عام ١٩٧٨ بعد نجاح قوائم م.ت.ف في انتخابات البلديات عام ١٩٧٦،  بل تصدت جماعة الإخوان لكل عمل وطني وحتى للأعمال التطوعية والشبابية ذات المشرب الوطني المنظم وأكالوا لها كل اتهام وتجريح وتشويه..السؤال لماذا؟ ولمصلحة من؟
ببساطة إن م.ت.ف ومختلف التنظيمات الفلسطينية هي العدو الرئيس لإسرائيل وأي توسع وانتشار لوجود فصائل م.ت.ف فهذا يعني توسع المقاومة، وتصاعد وتيرة الوعي والعمل الوطني، وتقصير عمر الاحتلال، فلماذا حملت جماعة الإخوان عبء التصدي لفصائل م.ت.ف على الرغم من وحدة الهوية والأهداف الوطنية مع احترام اختلاف الوسائل، لماذا لم يكن منبر رسول الله منبراً لمقاومة الإحتلال، وإن لم يقل خيراً كان عليه أن يصمت، هذا ابسط قواعد الخير والشر.
الأكثر إثارة في مواقف وبرامج جماعة الإخوان في فلسطين دعوتهم من على منبر رسول الله للشباب الفلسطيني في ثمانينيات القرن الماضي بالخروج للجهاد في أفغانستان لمواجهة الغزو السوفييتي الموسوم بالشيوعية، وترك فلسطين لقدرها مع الاحتلال الإسرائيلي..!!  لقد كانت دعوة لحرف الوعي الوطني، وتصدير مقومات المعركة والمقاومة والتضحية إلى خارج فلسطين، وتوفير كل سبل الاسترخاء للاحتلال الاسرائيلي، وتمكين ذلك الاحتلال الغاشم من شعبنا وملاحقة العمل الفدائي وتصويره بالعمل العبثي ما دون فتوى الجماعة للموت بأفغانستان أو في أي مكان تلقى جماعة الإخوان فيه مصالحها.
لقد جاء ما يسمى بمؤتمر العودة المزمع عقده في مالمو بالسويد بيوم 27/5/2023 إلا ليكشف عن عمق المؤامرة على شرعية ووحدانية تمثيل م.ت.ف للشعب الفلسطيني أينما تواجد، ولكي لا نطيل التفصيل التاريخي سأنتقل إلى مرحلة التحول الثانية في تاريخ ودور جماعة الإخوان بإطار ما عرف في أواخر عام ١٩٨٧ بحركة المقاومة الإسلامية حماس، وهو التحول الذي لم تتغير فيه الوجوه كثيراً بل حافظت إسرائيل على نصيب الأسد من حصتها في هذا التحول، وأيضاً ساعدت على قيام حركة حماس وإعطائها حرية التحرك والنشاط بالانتفاضة الأولى (انتفاضة الحجارة) ولم تخلو هذه المساعدة من قيام إسرائيل بأعمال التلميع والترويج لهذه الحركة التي بادرت إلى التعارض والصدام مع القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة آنذاك عبر التلاعب على توجيه فعاليات الانتفاضة، وشرذمت الحالة الوطنية الموحدة ضد الاحتلال، وإصدار بيانات لجماهير الانتفاضة بإسم حركة المقاومة الإسلامية حماس بشكل موازٍ ومتعارض لبيانات القيادة الوطنية الموحدة، وانتقلت بشكل دراماتيكي مخطط للاعتداء على نشطاء فصائل العمل الوطني بالانتفاضة في المدن والمخيمات والأرياف وحرف وجهة المواجهة مع الاحتلال، وتخفيف ضغط الانتفاضة عن كاهل إسرائيل وسمعتها التي بدأت تتآكل بسبب سياساتها القمعية التي ادانها آنذاك العالم أجمع..!!
لنأتي إلى إتفاق أوسلو ومخرجاته والذي كان موقف حماس منه أنه مشروع حرام شرعاً، وتنازلاً عن أرض فلسطين أرض الوقف الاسلامي والذي يذكرنا بالعمليات التفجيرية التي شنتها حماس داخل إسرائيل لخلط الأوراق وتحميل إسرائيل السلطة الوطنية الفلسطينية مسؤولية هذه العمليات بحكم الولاية السياسية والجغرافية، وإلى جانب تحريم المشاركة بالانتخابات الرئاسية والتشريعية الأولى في ٢٠ كانون الثاني (يناير) ١٩٩٦ إنتهاءً إلى تحليل المحرم والمشاركة بالانتخابات الرئاسية عام ٢٠٠٥، والتشريعية عام ٢٠٠٦، وهنا كان خوض حماس لتلك الانتخابات تعبيراً عن مشاركة حماس القلق الإسرائيلي من الاستمرار بتنفيذ الاتفاقيات مع م.ت.ف والالتزام بتحقيق السلام بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران ١٩٦٧، وهو القلق الذي أنتج مخطط الاغتيال لرئيس وزراء إسرائيل اسحاق رابين بأيدي إسرائيلية دينية متطرفة في تشرين ثاني (نوفمبر) ١٩٩٥، ليكون هذا الاغتيال هو الخطوة الأولى للتراجع عن الاتفاقيات من جهة، وتسليم حركة حماس دفة العبث والفوضى في مستقبل الشعب الفلسطيني عبر العبث والفوضى في مفهوم الولاية السياسية والجغرافية التي تمثلها م.ت.ف استناداً لاتفاق أوسلو.
لقد استبقت إسرائيل مخطط إعادة حماس للواجهة السياسية بديلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية بالانسحاب الأحادي الجانب من غزة فيما عرف أيضاً بخطة فك الارتباط بقيادة شارون عام ٢٠٠٥ ودون الاتفاق مع م.ت.ف او السلطة الوطنية على السواء، وهو الانسحاب الذي أسس بشكل واضح للانقلاب في غزة، عام ٢٠٠٧، وتمكين إسرائيل من أدوات ومبررات تسويف التفاوض، والتراجع عن الاتفاقيات بذريعة عدم وحدة الولاية السياسية والجغرافية للأراضي الفلسطينية، وليس هناك أدنى مبالغة في قراءة مستوى التخطيط الإسرائيلي الاستراتيجي لتنفيذ انسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة إلا أن يكون هناك بديلاً سياسي يُشَكل حسب الرغبة تارةً تهديداً، وتارةً أخرى بديلاً تفاوضي، أيهما أنفع لإسرائيل عدا أن تبقى م.ت.ف والسلطة الوطنية الفلسطينية تقودان الحال والمصير السياسي الوطني للشعب الفلسطيني، واستمرار التمسك بالحقوق الوطنية الفلسطينية وعلى رأسها حق العودة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام ١٩٦٧، ناهيكم عن أن المشاريع السياسية التصفوية للقضية الفلسطينية التي صاغتها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل مع الرئيس الراحل محمد مرسي وحركة حماس فيما عرف بمخطط الدولة الفلسطينية ذات الحدود المؤقتة " ايغور لاند"، وما كشف عنه الكونغرس الأمريكي من وثيقة في تموز ٢٠١٣ موقعة من محمد مرسي، بحضور المرشد العام محمد بديع، وخيرت الشاطر بالحصول على مبلغ ٨ مليار دولار مقابل ترك ٤٠% من أراضي سيناء للفلسطينيين لإقامة دولتهم وانهاء الصراع مع اسرائيل، وكل تلك المخططات التي عملت عليها وشاركت بها جماعة الإخوان وربيبتهم حركة حماس ما كانت هي إلا الحلول التي تتحقق معها الأحلام الجيوسياسية الصهيونية الإسرائيلية.
السؤال الحيوي، ما هو الهدف أو الأهداف السياسية وغيرها لمؤتمر العودة الذي تعقده حركة حماس في السويد/ مالمو بعد القراءة التاريخية لدور جماعة الإخوان وربيبتهم حركة حماس على السواء؟ إن الذي يتكشف هو علاقات وأدوار ومهمات لجماعة الإخوان وحماس لم تتزحزح عن فكر ومفهوم المؤامرة والتوظيف والتشغيل خدمة لمصالح قوى الاستعمار العالمي تاريخياً، وخدمة لإسرائيل في محاربة خصومها واعدائها، وتأمين بقاء إسرائيل في حالة تفوق واستقرار وذلك بتعميق الاحباط والتفكك والانقسام والشرذمة في الأمة العربية عموماً، والشعب الفلسطيني خصوصاً، ناهيكم عن مسرحيات المقاومة بروح المقاولة بإطلاق الصواريخ التي أعترف قادة حماس مؤخراً بآن نتائجها كانت (صفر)، والزعم بخوض أربعة حروب على غزة لم تنثر إلا رائحة الدم والموت والهدم والفقر والضياع والخوف من المستقبل، والاستغلال السياسي والاقتصادي والاجتماعي في أرجاء غزة المختطفة والمرهونة لعصابة سياسية، فما الذي سيأتي عليه ما يسمى بمؤتمر العودة أو مؤتمر فلسطينيي أوروبا الذي تقيمه حركة حماس الهاربة من جحيم غزة إلى تركيا، وقطر، وماليزيا حيث الوفرة بأعمال البزنس، ورفاهية الخطاب السياسي، وحيث تملأ أرصدة قياداتها البنكية المليارات من الدولارات؟ وكيف سيغير مؤتمر مالمو البوصلة لتحقيق العودة إلى فلسطين وعن اي برنامج عودة سيتحدث المؤتمر؟ حيث الأوْلى بالمؤتمر إن صدق أن يطالب بإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية وإعادة الوحدة للنظام السياسي الفلسطيني، وأن يطالب قيادة حماس (المقاومة) أن تعود إلى غزة، وأن تعيد قيادة حماس كل الأموال المنهوبة من جيوب المسلمين والمتضامنين مع شعبنا على ذمة الصمود، وإعادة الإعمار، وتمكين المقاومة الغارقة بالمقاولة السياسية.
إن ما يسمى بمؤتمر العودة، أو مؤتمر فلسطينيي أوروبا والحال مع غزة تحت الانقسام، وصم الآذان عن دعوات الوحدة الوطنية الفلسطينية، وإنهاء الانقسام إنما تشير بأن أعمال المؤتمر تنطوي على أهداف ومصالح مشبوهة، وسحب لمؤامرة الانقسام من غزة إلى الشتات وتقسيم المقسم وضرب وحدة شعبنا بمحاولة الالتفاف على شرعية ووحدانية م.ت.ف كممثل لشعبنا الفلسطيني وكيانه السياسي والمعنوي.
إن عقد ما يسمى بمؤتمر العودة تحت مظلة حركة حماس في أوروبا إنما يشي بمواصلة حماس واستمرائها الانخراط في مشاريع التصفية السياسية لقضية شعبنا، والتآمر على حقوق شعبنا بتواطؤها مع المسيحية الصهيونية في أوروبا والتي تشكل الحاضنة الأساسية لتفوق إسرائيل واستمرار حرب التصفية الوجودية لشعبنا على أرضه.
إن تحالف حركة حماس عبر عقد هكذا مؤتمر مع المسيحية الصهيونية في أوروبا يكشف أن عهداً من التحالفات الدينية ما بين جماعة الإخوان في التنظيم الدولي والمسيحية الصهيونية عبر الحركات السياسية، والبرلمانيين، ومنظمات المجتمع المدني الأوروبية لإعادة استيعاب وتوظيف وتشغيل جماعة الإخوان وحركة حماس بما يربطها سياسياً وجغرافياً بفلسطين، والحفاظ على مكانة ودور لهم بحركة التحولات الدولية المتسارعة الحاصلة، ويتضح من شكل واتجاه اصطفاف جماعة الإخوان (التنظيم الدولي) وربيبتها حركة حماس في قاطرات المسيحية الصهيونية أن ليس لديهم إلا خيار التبعية للقوى الاستعمارية الغربية التي خلقت جماعة الإخوان ورعتها ولا زالت تسيطر عليها، والتي تعادي أبسط مفاهيم التحرر، والاستقلال الوطني، وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
إن تنظيم ورعاية حركة حماس لمؤتمر العودة أو مؤتمر فلسطينيي أوروبا ما هو إلا الطريق إلى الانخراط في أنظمة وجماعات الديانة الإبراهيمية الجديدة بدواعي الوسطية والتقريب بين الديانات والمعتقدات جميعها وليست الديانات السماوية فقط، وهذا يكشف عن أن تقمص جماعة الإخوان للدعوة الإسلامية عبر المراحل التاريخية ما كان إلا توجيهاً مركباً من الفعل الجيوسياسي في تمزيق جغرافيا وفكر الوحدة العربية والإسلامية على السواء، والفعل الانثروبولوجي في هدم الإنسان وتزييف التاريخ، وهدم منظومة القيم، والفكر، والمعرفة، والدين، والعادات والتقاليد في المجتمعات العربية، وإحلال التغريب والتبعية، وصناعة الجهل، وصناعة الفوضى، وصناعة الكراهية والتطرف، وصناعة الفساد.
هل هذا ما يتمناه شعبنا الفلسطيني المرابط الصامد؟، إن طريق مؤتمر العودة أو مؤتمر فلسطينيي أوروبا عبر مالمو هو الطريق إلى جهنم الشعب الفلسطيني في الشتات كما هي جهنم شعبنا الفلسطيني في غزة التي صنعتها حماس.