خــــاص صدى نيوز - شهدت الحلبة الإعلامية في الأيام الأخيرة تراشقًا إعلاميًا بين حركتي "فتح"، و "حماس"، بلغ ذروته بإصدار تصريحات من مستويات عالية من الحركتين، مع اختلاف برز بشكل لافت للمتابعين يتعلق بخلاف بدأ تظهر معاله بشكل محدود في السنوات الأخيرة يتعلق بالساحة الأوروبية.

في السابع والعشرين من شهر مايو/ أيار الجاري، ستشهد مدينة مالمو في السويد، انعقاد مؤتمر "فلسطينيي أوروبا" الذي ينظم منذ 20 عامًا في مدن مختلفة من دول أوروبا، وذلك بحضور شخصيات فلسطينية مغتربة، وأخرى عربية ودولية ونشطاء، إلى جانب حضور أكثر من 20 ألف فلسطيني يعيشون في دول أوروبية مختلفة.

وعلى غير العادة، خرجت هذا العام بيانات كثيرة وتحمل لغة أكثر تشددًا تجاه المؤتمر خاصة من قبل حركة "فتح"، وبعض فصائل منظمة التحرير، وحتى قيادات من السلطة الفلسطينية، فيما ردت قيادات من "حماس" عليها، ما دفع الكثير من المواطنين والمتابعين والمراقبين للتساؤول حول ما يجري.

"صدى نيوز" وبعد اتصالات عديدة أجرتها مع شخصيات من داخل وخارج فلسطين، اطلعت على التفاصيل التي أدت لتفجر الخلافات الفلسطينية وانتقالها من الساحة الداخلية إلى الدولية وتحديدًا أوروبا.

تقول مصادر فلسطينية من أوروبا لـ "صدى نيوز"، إن القائمين على المؤتمر وزعوا في الآونة الأخيرة العديد من الأوراق على شخصيات فلسطينية وعربية ودولية، حول أهمية المؤتمر هذا العام ليكون بمثابة استفتاء شعبي على ضرورة إحداث تغيير في منظمة التحرير، والعمل على إعادة بنائها مجددًا، وتشكيل مجلس وطني جديد، إلى جانب تشكيل المجلس المركزي، وهو الأمر الذي قد يكون أغضب السلطة الفلسطينية.

وبحسب مصادر من داخل فلسطين، فإن غضب حركة "فتح" وقيادة السلطة وبعض فصائل منظمة التحرير يعود إلى أن القائمين على هذا المؤتمر هم شخصيات مغتربة معروفة بولائها وانتمائها لحركة "حماس" ولوجود علاقات بينها وبين قيادات من جماعة الإخوان المسلمين يتواجدون في أنحاء دول أوروبا.

وتشير تلك المصادر، إلى أن تلك الشخصيات لها علاقات مباشرة مع قيادة حركة حماس، وخاصة خالد مشعل وموسى أبو مرزوق، وعلى اتصال دائم معهما وخاصة الأخير الذي يعتبر الشخصية الأهم في تشكيل هذه العلاقات منذ سنوات طويلة.

وتقول المصادر الأخرى من أوروبا، إن هذا المؤتمر بدأ مع بدايات انتفاضة الأقصى التي اندلعت نهاية عام 2000، ووجهت دعوات حينها لتشكيل لجنة، بهدف عقد مؤتمر تأسيسي للجاليات تشارك فيه الشخصيات والفعاليات المختلفة، وكان يشارك العديد من قيادات حركة "فتح" فيه، وبعد حدوث الانقسام داخل فلسطين، بدأت شخصيات محسوبة على "حماس"، في السيطرة على المؤتمر بأساليب وتكتيكات مختلفة اتبعتها حتى سيطروا بشكل كامل عليه، حتى بات هذا المؤتمر الشعبي (مهرجان) يتبنى وجهة نظر واحدة تتعلق بحماس، وينظم بدعم مطلق من جماعة الإخوان في أوروبا.

وتقدر التكلفة للمؤتمر الذي يعقد سنويًا في عاصمة أوروبية مختلفة عن الأخرى، بأنها تصل إلى 2 مليون يورو، وهو مبلغ كبير، يتم تغطية نفقاته من خلال دعم "حماس" وجماعة الإخوان في أوروبا بشكل خاص، كما تقول مصادر لـ "صدى نيوز".

ويتم جلب الآلاف من الفلسطينيين سنويًا من عواصم أوروبية مختلفة لحضوره، ويتم توفير حافلات لنقلهم، والبعض عبر خطوط جوية يتم التنسيق معها ودفع تكاليف السفر والإقامة في الفنادق لمن يستطيع، بحسب ذات المصادر.

وتقول المصادر، إن نشاطات حركة حماس في أوروبا من خلال الشخصيات التي تتبع لها، نجحت في جمع فلسطينيي أوروبا حولها، وذلك من خلال الاهتمام بهم عبر تأسيس منتديات ومؤسسات شبابية وثقافية وغيره، وتضخ أموالًا طائلة فيها.

وتنتقد بعض الشخصيات الفلسطينية في أوروبا، حركة "فتح" ومنظمة التحرير وتقصيرهما في أداء الواجب تجاه المغتربين، والاكتفاء فقط بإصدار بعض البيانات، بدون أي تحرك فعلي وجاد لترتيب الأمور والأوضاع وتفعيل دورهما في الساحة الأوروبية، إلى جانب الفساد الذي استشرى في بعض المفاصل التي قادت في سنوات خلت هذا الملف من المسؤولين بحركة "فتح".

فيما انتقدت مصادر من حركة "فتح" في الخارج، المسؤولين عن ملف المغتربين بمنظمة التحرير، وملف الجاليات الأوروبية في المجلس الوطني عما يجري من تقصير، مرجعةً ظهور قوة حماس مقابل تراجع قوة "فتح" هناك لأسباب تتعلق بهذا التجاهل والتقصير، وهو الأمر ذاته الذي ينطبق على ما يجري في مخيمات الشتات.

وتقول المصادر، إن الموازنات المحددة للأقاليم والمناطق في أوروبا شبه معدومة، والزيارات التي يقوم بها قيادات رسمية فلسطينية، لا تشمل عقد لقاءات مع الجالية ولا يتم إطلاعها على ما يجري ويتم تجاهلها خلال الزيارات التي تنظم للدول الأوروبية.

ووفقًا لهذه المصادر، فإن هذا دفع حماس لكسب قوتها بالأفعال على حساب حركة فتح المتراجعة، كما أنه منح حماس أن تسير بخطط استراتيجية واضحة لكسب الساحة الدولية بعد أن كسبت الكثير من التقدم في الساحة العربية.

وتقول المصادر من أوروبا، إن هذه التجاذبات بين "فتح" و "حماس" أصبح لها آثار سلبية خاصة في ظل أن كل فصيل يحاول إظهار نفسه بأنه الأجدر بقيادة الشعب، وذلك من منطلق فصائلي وحزبي وليس وطني، وهذا له آثار مدمرة على جزء كبير من أبناء شعبنا، والأساس يجب أن يكون التنافس بين الطرفين على من يقدم أكثر للقضية الوطنية، وليس تربص كل طرف للآخر.

وتثير هذه التحركات التي تتهم بها "حماس" الكثير من التساؤلات في أوساط المراقبين حول موقف الجهات الأمنية والسياسية في أوروبا من السماح للحركة، التي تعتبرها "محظورة" بحجة "الإرهاب"، وعن الأموال المتنقلة للشخصيات التابعة لها، إلى جانب بعض القيود المفروضة من قبل أوروبا على "الإخوان المسلمين" وقياداتهم ممن يحملون الجنسية الأوروبية.

ويتساءل البعض، عن مساهمة المستوي الرسمي في أوروبا بشكل مباشر أو غير مباشر في نجاح "حماس" و "الإخوان" في تلك البلدان.

وتقول مصادر لـ "صدى نيوز"، إن قيادة حركة حماس اجتمعت عديد المرات في دول خارج فلسطين وداخلها خاصة قطاع غزة مع مسؤولين أوروبيين سواء كان على الصعيد الرسمي أو شبه الرسمي من شخصيات حكومية سابقة لا زالت فاعلة في بعض البلدان الأوروبية.

ووفقًا للمصادر، فإن موسى أبو مرزوق التقى بعديد من الشخصيات الأوروبية خلال السنوات السابقة، وكان هو من يقود حراكًا مع بعض تلك الشخصيات الحكومية السابقة لإزالة حركة حركة "حماس" من قائمة "الإرهاب" الأوروبية عبر رفع دعوى قضائية في محاكم أوروبية.