تابعتُ المسلسل بعد شهر رمضان، حالة من الإدمان أصابتني منذ مشاهدتي للحلقة الأولى، مشاعر وأفكار مختلفة تعصف بعقلي تجاه الشخصيات، تغيّرات وتقلبات متصاعدة سريعة، بين الظلم والظالم والمظلوم، بين التمرد والصبر، بين الأعراف والتقاليد والعادات، المرأة القوية والضعيفة، الرشوة.. السرقة.. الجنس.. الفقر.. الدين.. الأساطير.. الغدر.. القتل.. حبكة درامية ممتعة الأحداث؛ دراما شامية ملحمية متسارعة بولادة أحداث تأكل بعضها البعض!!
أتحدث عن مسلسل «العربجي»، وهي مهنة الشخص الذي يقود عربة يجرها حصان أو حمار، وأيضاً يطلق على شخص يتمتع بشخصيه قويـة. غير مبال بشيء أبـداً، يفعـل أي شيء بدون أي حساب لأي شخص لا يتبع الذوق العام في التعامل ولا يرضى عنه الناس أبداً.
يشارك في بطولة المسلسل كوكبة من أهم نجوم التمثيل في العالم العربي وهم: باسم ياخور، وسلّوم حداد، وديمة قندلفت، وميلاد يوسف، ونادين خوري، وفارس ياغي، وتسنيم باشا، وطارق مرعشلي، وشادي الصفدي، ومديحة كنيفاتي، وحسام الشاه، وحلا رجب، والمرحوم محمد قنوع. «العربجي» من تأليف عثمان جحا ومؤيد النابلسي، وإخراج سيف السبيعي.
تابعت الانتقادات التي تمت إثارتها بجدليتها على المسلسل مُبكراً بعد عرض حلقاته الأولى، حيث اتهمه كثيرون بأنه يشوه البيئة الشامية!! كما وُجهت انتقادات لمخرج العمل سيف الدين السبيعي الذي لم يحافظ على الهوية البصرية الشامية بتأثره بالنمط الأوروبي، حيث إن مسرح أحداث المسلسل هو الشام وليست أسكتلندا في القرون الوسطى!! وهاجم رواد مواقع التواصل الاجتماعي المسلسل لما يحتويه بشكل خاص على إهانة للمرأة وتصويرها على أنها أداة لجلب الذل والعار لأهلها على حد قولهم!!
كرامة العربجي لا تسمح له بقبول الأمر الواقع، إذ يقاتل ويتصارع من يريدون ظلمه، ويتعرض لمحاولة استغلال الحب من أجل إخضاعه. ويصر عبدو على خوض معارك، عناوينها: الدم والغيرة والحب واتهامات الشرف وصراع القيادة من يحكم من؟ من يحكم ماذا؟ من يحصل على أتباع يطيعون؟
وصادف موعد المسلسل في زمن الصراع العالمي بعد غزو أوكرانيا والعقوبات التي وقعت على روسيا بخصوص الطاقة والأمن الغذائي وبالأخص القمح، تعد روسيا أكبر مصدر للقمح في العالم وأكبر منتج بعد الصين والهند، وأوكرانيا أيضاً هي واحدة من أكبر خمس دول مصدرة للقمح في جميع أنحاء العالم؛ في المسلسل وبشكل غير مباشر يطرح أهمية من يحصل على محصول القمح يسيطر على الكل.
برمزية القمح للمنتوجات الزراعية نجد أن المسلسل دق ناقوس الخطر وما يحدث من اختلالات في موازين القوى الإنتاجية والتبعية والاعتماد على الغرب، وتدمير الأراضي الزراعية بسبب الحروب الداخلية في الوطن العربي من السودان، سورية، لبنان، فلسطين، اليمن، وحتى سوء إدارة الاعتماد على الذات من أجل حماية استقلالية وكيانية الدولة.
أستطيع القول، بأن العربجي هو الشخصية التي بدأنا نبحث عنها كعرب في جميع مناحي حياتنا؛ في المؤسسات التي تنهار أمام أعين المجتمع، في القطاع الخاص.. النادي... الجمعية.. الجامعة.. النقابة.. وحتى داخل العائلة وربما في علاقاتنا المختلفة!!!!