صدى نيوز - رأى محللون وخبراء عسكريون إسرائيليون، اليوم الأحد 14 مايو 2023، عقب إعلان وقف إطلاق والذي دخل حيز التنيفذ عند العاشرة من مساء أمس، أن "إسرائيل لم تحقق أهدافا هامة في عدوانها، باستثناء اغتيال قياديين عسكريين في الجهاد".
وأجمعوا في تقارير لهم نشرتها الصحف الإسرائيلية، بأن ذلك يأتي "بالرغم من التفوق العسكري الإسرائيلي الكبير قياسا بالجهاد، إلا أن إسرائيل لم تتمكن من إملاء إستراتيجية لإنهاء القتال"، وأن "عدوانا آخر على قطاع غزة هو مسألة وقت ليس أكثر".
وقال المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، إنه "طوال نهاية الأسبوع الماضي علقت إسرائيل أملها على أن تنجح المخابرات المصرية بتحقيق وقف إطلاق نار يبقى صامدا بعد دخوله إلى حيز التنفيذ، وبدا، ليس لأول مرة، أنه أسهل على الحكومة الإسرائيلية أن تبدأ عملية عسكرية في غزة من إنهائها".
وأضاف أن "إسرائيل، رغم تفوقها العسكري الواضح والضرر المحدود الذي ألحقته الجهاد بها، واجهت صعوبة في إملاء إستراتيجية خروج من العملية العسكرية، فقد كان واضحا لإسرائيل أنها لن تربح الكثير من استمرار العملية العسكرية، وأنه كلما طالت سيكون من الصعب رصد واستهداف أهداف في غزة. كما أن استهداف مدنيين فلسطينيين بالخطأ سيزداد وحسب. وهذا هو سبب توصية الجيش الإسرائيلي والشاباك، منذ الخميس الماضي، بالسعي إلى وقف إطلاق النار".
وأشار هرئيل إلى أن "استمرار المعركة كان ينطوي على خطر على صناع القرار في المستوى السياسي الإسرائيلي، بأن استمرار إطلاق القذائف الصاروخية على الجبهة الداخلية الإسرائيلية يمكن أن يدفع الجمهور إلى فقدان صبره وتراجع تأييده لخطوات الحكومة".
ولفت إلى أن "مفتاح وقف إطلاق النار لم يكن بالضرورة بأيدي إسرائيل. وربما استخلصت الجهاد دروسا من جولة القتال السابقة، في آب/أغسطس الماضي، وسعت إلى مواصلة المواجهة لفترة أطول. وحتى بدون إلحاق خسائر كثيرة في الجانب الإسرائيلي، فإن مجرد القدرة على مواصلة الصمود في مواجهة مع الجيش الإسرائيلي يمكن اعتبارها إنجازا بحد ذاتها. وإسرائيل، رغم نجاحها العسكري الأولي، كانت حبيسة حتى مساء أمس في فخ يُصعّب إنهاء العملية العسكرية، وأوضح بشكل كبير عدم وجود مخرج للوضع الإستراتيجي الشامل في غزة".
بدوره قارن رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق غيورا آيلاند، في حديث لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، بين نوعين من العمليات العسكرية الإسرائيلية. النوع الأول هدفها محدود والحفاظ على الوضع القائم، والنوع الثاني هو تغيير الوضع من أساسه. والعدوان الأخير على غزة هو من النوع الأول.
وأكد آيلاند أن "الواقع هو أن غزة تحولت منذ فترة إلى دولة مستقلة فعليا، فيما حكومة حماس في حالة توتر بين مصلحتين. الأولى ضمان حياة طبيعية لسكان غزة، والمصلحة الثانية هي الحفاظ على المقاومة ضد إسرائيل وأن تصبح قيادة للفلسطينيين في الضفة الغربية أيضا. ولدى إسرائيل القدرة على جعل حماس تفضل المصلحة الأولى، وكلما وسّعنا "الجزرات الاقتصادية" في فترات الهدوء، سننجح أكثر".
وأشار، إلى أن "نجاح الجهاد في إطالة المعركة، خلافا لمصلحة إسرائيل، وفيما "يتواجد نصف الدولة في الملاجئ، هو إنجاز آخر في ترسيخ قدرة الجهاد على الصمود".
ودعا آيلاند إلى "التوقف عن الإجراء المحرج، الذي يتكرر في أي عملية عسكرية، ومن خلاله يعقد رئيس الحكومة ووزير الأمن في إسرائيل – وانضم إليهما هذه المرة رئيس أركان الجيش ورئيس الشاباك – مؤتمرات صحافية يكيلون فيها مديحا ذاتيا ويبعثون برسائل تهديد. فهذا ليس لائقا، وليس محترما، وليس مقنعا، ويلحق ضررا بإسرائيل في العالم. وإذا تعقدت العملية العسكرية، ستبدو هذه المؤتمرات الصحافية كاستعراض مثير للشفقة".
وأشار إلى أن "الجيش الإسرائيلي يجري تحقيقا في أدائه بعد أي عملية عسكرية، "لكن لم يجر أبدا تحقيق حقيقي مع المستوى السياسي أيضا".
فيما اعتبر المحلل العسكري في هيئة البث العامة الإسرائيلية "كان" روعي شارون، أن "العدوان على غزة انتهى بترجيح كفة الميزان لصالح إسرائيل، بعد اغتيال ستة من قادة الجهاد "وبقاء حماس خارج القتال، وجهاز الأمن أظهر قدرات مخابراتية. وبات قادة المنظمات الإرهابية يدركون أنهم قد يدخلون في مهداف إسرائيل في أي وقت".
وأضاف أن "الجهاد سجلت لنفسها عدة إنجازات أيضا. فقد نجحت في شلّ سكان الجنوب، ودفعت مواطنين كثيرين – من النقب حتى وسط إسرائيل – للجري إلى الملاجئ، وتسببت بإصابات جسمانية ونفسية، واستمرت في إطلاق قذائف صاروخية باتجاه الأراضي الإسرائيلية حتى صافرة النهاية".
ورأى شارون أن "جميع الإنجازات العسكرية الإسرائيلية الأولية بقيت في المستوى التكتيكي. ومنذ عملية بزوغ الفجر العسكرية "العدوان على غزة في آب/أغسطس الماضي" مرّ تسعة أشهر. والهدوء الذي حققته تلك العملية صمد أقل من نصف سنة. والفترات بين جولة قتالية وأخرى آخذة بالتقلص، والعد التراجعي لمواجهة مقبلة بدأ الآن فعليا".
وقال، "حماس الحركة القوية الحاكمة في القطاع تواصل تعزيز قوتها وبناء قدرات عسكرية، لاستخدامها ضد إسرائيل في المستقبل. والعملية العسكرية الأخيرة انتهت بالفوز بالنقاط، انتصار مؤقت، وانتصار مع وقف التنفيذ".