75 عاماً مرت على نكبة الشعب العربي الفلسطيني، منذ عام 1948، أدت إلى قيام المستعمرة الإسرائيلية على جزء ومن ثم احتلال كامل خارطة فلسطين، وتشريد نصف الفلسطينيين خارج وطنهم، وتبديد هويتهم الوطنية، وتحويل حقوقهم المقرة من قبل الأمم المتحدة بالقرارين: 1- قرار التقسيم 181، 2- قرار حق عودة اللاجئين 194، تحويلها إلى القرار 302 الخاص بتشكيل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وهكذا تمكنت المستعمرة وحلفاؤها وأسيادها الاستعمار الأوروبي والأميركي، من تحويل قضية الشعب الفلسطيني من قضية سياسية إلى قضية إنسانية، ناس غلابى، مقاطيع، يتوسلون لقمة العيش في مخيمات اللجوء والتشرد.

وهكذا نجحت الحركة الصهيونية من احتلال فلسطين، وانتزاع شرعية وجودها ومشروعها الاستعماري على أرض فلسطين، ولكنها أخفقت في طرد كل الشعب الفلسطيني عن وطنه الذي لا وطن له غيره، وهكذا سجلت الصهيونية ومستعمرتها فشلاً استراتيجياً في مسعاها وهدفها وبرنامجها في إنهاء شعب فلسطين من على أرضه، إذ بقي نصفه صامداً متشبثاً بمدنه وقراه، رغم كل مظاهر التضييق والتمييز والاضطهاد والقتل والاعتقال، إذ بقي صامداً إلى اليوم أكثر من سبعة ملايين عربي فلسطيني على كامل خارطة فلسطين، وهم شعب، وليسوا جالية، أقلية، غلبانه، تتوسل الحياة، بل شعب ينتزع حقه في الحياة، عبر النضال والعناد والمثابرة، يؤرقون المستعمرة، لأنهم سيكونوا أداة هزيمتها وإندحارها وفشل مشروعها برمته.

نجح المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، في احتلال كامل خارطة فلسطين، ولكنه فشل في طرد كل الشعب الفلسطيني عن وطنه، وهذا هو الاستخلاص المرئي الموجود الواقع على الأرض وفي الميدان وداخل مسامات أرض فلسطين، تلك هي النتيجة والخلاصة التي تشكل الأرضية الواقعية الإنسانية المتصادمة، المجسدة للمشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني.

ماذا بشأن المستقبل؟؟ ذلك هو السؤال الجوهري المطلوب البحث عن إجاباته، من لدن الفلسطينيين، ذلك أن نجاح المستعمرة لم يعتمد فقط على مبادرات الحركة الصهيونية، ودعم البلدان الاستعمارية لها، وتواطؤ أطراف إقليمية معها، بل يعود إلى الخلل في الأداء الفلسطيني، سواء من قبل القيادة التقليدية الفلسطينية، قبل عام 1948 وامتداداتها وما بقي منها بعد عام 1948، وآخر ما تسجله القيادات الفلسطينية من تمزق وشرذمة وأنانية حزبية وشخصية، تقدم خدماتها لعدوها المستعمر مجاناً، عبر استمرار الانقسام العنوان الأبرز الذي يجتاح القوى السياسية الفلسطينية، سواء في مناطق 67 بين سلطتي فتح وحماس، بين رام الله وغزة، بين الضفة والقطاع، وفي مناطق 48 بين القائمتين البرلمانيتين: 1- القائمة المشتركة اليسارية القومية، 2- والقائمة الموحدة الإسلامية.

ليس صدفة، ولا بريئاً، وليس ذكاء، من يعمل على الحفاظ على بقاء الانقسام، في مناطق 48، وفي مناطق 67، إنها برمجة منظمة تحتانية استخبارية خبيثة تُغذيه أجهزة المستعمرة وأدواتها، لبقاء الانقسام الفلسطيني عنواناً مفيداً لصالح المستعمرة، فهل من إفاقة، من يقظة، فلسطينية؟؟.