كان المزارع يسكن في غرفة بالمزرعة عندما توفي والده الذي كان يسكن بغرفة بالإيجار مما اضطره أن يأخذ والدته لتسكن معه وزوجته واطفاله في الغرفة ذاتها وكله أمل بأن يحظى برضى الله والوالدين على الرغم من عدم رضى زوجته ، فالغرفة صغيرة وبالكاد تتسع لهم . 

لم تمض سنة وهم على هذا الحال حتى جاء نبأ وفاة والد زوجته وبسبب سفر أخوتها لأنهم يعملون خارج البلاد أخذت والدتها لتسكن معهم في الغرفة ذاتها مع زوجها وأطفالها وحماتها بالرغم من ضيق الحال والمكان، ولكن بقاء الحال من المحال . كانت الغرفة ضيقة أصلا فهي بنيت لتكون  لشخص واحد وهو حارس المزرعة الذي كان سعيدا عندما عمل بها وقال له صاحبها أنه سيسكن بها وكان سعيدا أكثر عندما تزوج ووافقت زوجته أن تسكن معه بها ولولا موافقتها لما استطاع أن يتزوج لعدم قدرته على تأسيس عش زوجية غيره، وحمد الله وسجد عندما رزقه بإبنه البكر وبكى فرحا عندما رزق بالمولودة بعد سنة. 

في ليلة شتاء وبرد قارص وفي زاوية الغرفة الضيقة يضع المزارع وعاء على الموقد يضع به بضع من عرانيس الذرة ليدفئ المكان ولتشعرهم بالشبع بعد أكلها .

 لم يتوقع أن يطرق الباب في مثل هذا الوقت ولم يتوقع أن يسمع صوت صاحب المزرعة وهو ينادي بأعلى صوته : افتح الباب ... اعتقد انه جاء ليطرد امه وام زوجته وأنه علم من جيران المزرعة بوجودهما عنده او انه جاء لينذره بانهاء عمله بها، أوكل أمره الى الله وفتح الباب واذ بصاحب المزرعة يحمل ديكا بين يديه ويقول له إنه ديك مشاكس ويزعج دجاج الخم ويطلب منه أن يجد له مكانا بالغرفة. ولانه صاحب المزرعة ومالك الغرفة قال له : على الرحب والسعة ودخل به الى الغرفة وأخبرهم بأن ضيف جديد انضم لسكان الغرفة وانه ديك صاحب المزرعة وصاحب المأوى فعليهم احترامه. ومن حقه الصياح في اي وقت في المساء او الصباح . وفي ذات مساء وهو يجلس ويفكر كيف سيعيش هذا الديك معهم والغرفة لا تتسع لهم واذ بمناد ينادي ويده تنزل قصاعقة على باب الغرفة الصغيرة وعندما نظر وجد صاحب المزرعة يحمل بيده أرنب ويقول له إن هذا الأرنب مريض ولا يحتمل برد الشتاء وطلب منه أن يسكنه الغرفة حتى ينقضي هذا الفصل وسينظر بأمره، إصطنع إبتسامة على وجهه وحمل الأرنب ودخل المنزل وسط ذهول من فيه وانزعاج الديك، ولكنه لا يملك من أمره شيئ فصاحب المزرعة طلب منه ذلك ولا خيار لديه ولو كان يستطيع لأخذ زوجته وامه وامها واولاده ورحل وترك الديك بالغرفة ولكن قدر الله وما شاء فعل. 

لم يمض سوى اسبوع على احضار الارنب وبينما يحاول ان يتجاهل صياح الديك وبول الارنب الذي يسيل على وجهه حتى سمع ذات الصوت… نعم صوت صاحب المزرعة يصرخ وينادي افتح الباب. ذهب مسرعا معتقدا انه سيأخذ الارنب فلا رائحة كريهة بالغرفة او سيذبح الديك فلا صياح داخلها بعد اليوم ، واذ به يجر نعجة ويقول له ابقها عندك فإنها لا تدر الحليب بسبب البرد ولكن احذر فحليبها ليس لك ولا لأولادك وزوجتك وأمك وحماتك ولا بأس ان شرب منه الديك او الارنب. لم يستطع العيش ولم يستطع تحمل رائحة الغرفة الكريهة ولم يحتمل سماع صوت بكاء اطفاله وأنين زوجته وصوت بكاء أمه على حالها وحاله وصوت حماته ودعائها لأبنائها بالعودة سالمين من الخارج. 

ولما فقد الأمل ذهب الى كبير أصحاب المزارع وشكى له الحال فاستدعى صاحب المزرعة وطلب منه أن يأخذ الديك من غرفة المزارع فناموا جميعا مسرورين الا الارنب الذي اعتاد على وجوده والصياح. ولكن المزارع طمع بلطف كبير اصحاب المزارع وعاد اليه طالبا منه أن يشفق على اهل بيته فأمر صاحب المزرعة بأخد الأرنب من هناك. فشكره على لطفه قائلا سنستحمل النعجة ولا نريد أن نثقل على صاحب المزرعة ولننتظر حتى يمتلئ ثديها ويدر حليبا لترضع حملها ولكن مع اصرار امه زوجته وامها ذهب الى كبير اصحاب المزارع طالبا منه ان يشفق عليه وعلى من اهله ويأمر بإخراج النعجة من الغرفة فأشفق عليه وأمر بإخراجها.فقبل يديه شاكرا داعيا له بطول البقاء وعاد الى الغرفة فرحا منتصرا. وهو يشعر أن الغرفة قد كبرت ونسي انها كانت بالاصل لا تتسع لمن فيها.