قام الرئيس محمود عباس بزيارة الصين لمدة أربعة أيام، وجاءت هذه الزيارة في الوقت الذي تسعى فيه بكين للعب دور أكبر في سياسات الشرق الأوسط والتنافس على موارد الطاقة.
علينا أولاً أن نفهم موقف الصين من العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية. لعقود من الزمان في عهد ماو تسي تونغ لم تحاول الصين البقاء خارج الصراع بل انحازت الصين إلى فلسطين. كان القادة الصينيون السابقون مثل ماو تسي تونغ ودنغ شياو بينغ يقدمون دعما غير مشروط لثورة التحرير التي يقودها الشهيد ياسر عرفات الذي أطلقوا عليه "الصديق القديم للشعب الصيني". حصلت منظمة التحرير الفلسطينية على أموال وأسلحة من الصين.
كانت الحالة الفلسطينية مثالاً نادراً على تدخل الصين بشكل مباشر في شؤون الشرق الأوسط. بصرف النظر عن كونه نموذجا للسياسة الخارجية المثالية للصين خلال هذه الفترة، فإن دعم فلسطين مثل أيضا حسابات بكين السياسية. ولما كانت فلسطين تحظى بتأييد واسع من الدول العربية الأخرى، فقد ساعدها موقف الصين في كسب نفوذها في العالم الثالث. في ظل هذه الظروف لم تكن الصين مستعدة لقبول مبادرات إيجابية من إسرائيل. على الرغم من أن إسرائيل كانت أول دولة في الشرق الأوسط تعترف بتأسيس جمهورية الصين الشعبية، إلا أن البلدين لن يقيما علاقات دبلوماسية رسمية حتى العام 1992.
خلال الثمانينيات، بدأت الصين في التخلي عن الدبلوماسية المدفوعة أيديولوجيا كجزء من عملية الإصلاح والانفتاح. وبدأت تقترب تدريجياً من إسرائيل. السبب بسيط للغاية: تكنولوجيا الدفاع الإسرائيلية كانت جذابة للصين. كانت التكنولوجيا والاستثمارات الإسرائيلية المتقدمة تتوافق أيضا بشكل جيد مع الاحتياجات التنموية للصين. اليوم، أصبحت التبادلات العسكرية والتعاون الاقتصادي بين الصين وإسرائيل ركيزتين أساسيتين للعلاقات الثنائية. في الوقت نفسه، تغير موقف الصين من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من إدانة أحادية الجانب لإسرائيل إلى موقف محايد.
في وقت سابق، في أيار 2021، طرح وزير الخارجية الصيني وانغ يي "اقتراح الصين المكون من أربع نقاط" للتوصل إلى سلام إسرائيلي فلسطيني: 1) وقف إطلاق النار ووقف العنف. 2) تقديم المساعدات الإنسانية، مع قيام إسرائيل برفع "الحصار عن غزة" لضمان وصول المساعدات. 3) "العمل النشط" من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتعزيز السلام. 4) في نهاية المطاف "استئناف محادثات السلام على أساس" حل الدولتين "في أقرب وقت ممكن لإنشاء دولة فلسطين المستقلة التي تتمتع بسيادة كاملة وعاصمتها القدس الشرقية وعلى أساس حدود العام 1967.
في حين تتمتع الصين وإسرائيل بعلاقات قوية، لاسيما في القطاع الاقتصادي، تركز الدبلوماسية الصينية الأخيرة في الشرق الأوسط على الدول العربية، وكانت أكثر المدافعين صراحةً عن فلسطين على المسرح الدولي. واستضافة الرئيس عباس وسط فترة متوترة بشكل خاص في القضية الفلسطينية ترسل رسالة دعم قوية سيتردد صداها لدى شركاء الصين العرب في منطقة الخليج.
من الآن فصاعدا، ستواصل الصين الاهتمام بقضيتنا الفلسطينية، والمشاركة بنشاط في مساعي المجتمع الدولي لدفع محادثات ومفاوضات السلام، ودعم ودفع عملية السلام في الشرق الأوسط، والقيام بدور نشط في دفع عجلة السلام الشامل وتسوية عادلة ودائمة للقضية الفلسطينية.