صدى نيوز -(أ ف ب) -حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الإثنين من أنّ السودان يغرق في الموت والدمار بسرعة غير مسبوقة، وذلك في مؤتمر استضافته جنيف تعهّد فيه المانحون تقديم نحو 1,5 مليار دولار للمساعدة في تخفيف الأزمة الإنسانية في السودان والدول المجاورة التي تستضيف لاجئين فارين من القتال.
وقال منسّق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث في ختام المؤتمر الدولي "اليوم، أعلن مانحون عن قرابة 1,5 مليار دولار للاستجابة الإنسانية في السودان والمنطقة".
بعد شهرين ونيّف على اندلاع المعارك، تتخوّف الأمم المتحدة من اتّساع نطاق الأزمة إلى خارج البلاد بما يهدد استقرار دول إفريقية مجاورة.
وقال غوتيريش أمام المشاركين في المؤتمر إنّ "حجم وسرعة غرق السودان في الموت والدمار غير مسبوق. من دون دعم إضافي قوي يمكن أن يصبح السودان بسرعة مكاناً لانعدام القانون ولنشر عدم الأمان في أنحاء المنطقة".
ويشهد السودان منذ 15 نيسان/أبريل معارك بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو على إثر خلاف بينهما في النزاع على السلطة.
وتسبّب النزاع بمقتل أكثر من 2000 شخص، وفق آخر أرقام مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد). إلا أنّ الأعداد الفعليّة قد تكون أعلى بكثير، بحسب وكالات إغاثة ومنظّمات دوليّة.
بحسب الخارجية الأميركية قتل نحو 1100 شخص في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور التي تبعد عن الخرطوم مئات الكيلومترات. وحمّلت الخارجية الأميركية المسؤولية "الرئيسية" في ذلك إلى قوات الدعم السريع.
ووفق تقديرات للأمم المتّحدة، يحتاج 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف سكان السودان وعددهم نحو 45 مليوناً، للمساعدة في بلد كان يُعدّ من أكثر دول العالم فقرا حتى قبل اندلاع النزاع.
كذلك، تسبّبت المعارك بنزوح ما يقرب من 2,5 مليون شخص، لجأ 550 ألفا منهم الى دول الجوار، وفق المنظّمة الدوليّة للهجرة.
ووجّهت الأمم المتحدة نداءين لمعالجة الأزمة عبر الاستجابة الإنسانية داخل السودان والاستجابة لاحتياجات اللاجئين في الدول المجاورة، معلنة عن حاجتها إلى نحو ثلاثة مليارات دولار هذا العام لم تحصل سوى على أقل من 17 في المئة منها.
وقال غوتيريش "قبل اندلاع هذا النزاع، كان السودان يعاني بالفعل من أزمة إنسانية. وتصاعد هذا الأمر الآن إلى كارثة أثّرت على أكثر من نصف سكان البلاد. ومن الضروري منع الوضع من التدهور أكثر من ذلك".
وقال رئيس مجلس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني إن "لا حل سياسيا" للنزاع، متعهّدا تقديم 50 مليون دولار.
وتابع "الموقف الثابت والراسخ لدولة قطر هو دعم وحدة واستقلال وسيادة وسلامة أراضي السودان الشقيق ورفض أي شكل من أشكال التدخل في شؤونه الداخلية والاحترام الكامل لخيارات شعبه في الحرية والسلام والعدالة والازدهار"، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء القطرية.
ضاعفت ألمانيا مساهمتها إلى 200 مليون يورو (218 مليون دولار)، في حين تعهّد الاتحاد الأوروبي تقديم مساعدات إنسانية وتنموية بـ190 مليون يورو.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن النزاع يهدد بأزمة إنسانية قد تتخطى الحدود.
وشدد على أن أمن واستقرار السودان "جزء لا يتجزّأ" من الأمن القومي المصري.
وقال مفوّض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي إنه لمس شخصيا الأوضاع المزرية التي يعاني منها اللاجئون الذي وصلوا إلى مصر، وحض البلدان على إبقاء حدودها مفتوحة.
وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث إن النزاع يسبب "معاناة لا يمكن تحمّلها" و"تقوّض الاقتصاد وترفع اسعار سلع أساسية".
وتابع "نحن في سباق مع الزمن للتخزين المسبق للإمدادات قبل بداية موسم الأمطار".
مع بقاء الحقول الزراعية قاحلة بسبب شح الوقود وغيرها خلال الحرب، حذّرت منظمة الأمم المتحدة للاغذية والزراعة "فاو" الإثنين من أن الجوع سيزداد مع بدء موسم الجفاف بين حزيران/يونيو وايلول/سبتمبر.
تريد "فاو" اغتنام فرصة الهدوء النسبي في مناطق ريفية في السودان وموسم الزرع الحالي لزيادة إنتاج الأغذية المحلية وتوفير البذور والمعدات والماشية.
ووصف المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك الأزمة في السودان بأنها "برميل بارود" وبانها "نزاع متهور وعبثي يحدث في سياق من الإفلات من العقاب" و"لامبالاة بالحياة الإنسانية والكرامة".
وقال إن الهدنة المؤقتة تشكل فرصة لوضع حد لـ"بحر من المعاناة".
أفاد عدد من سكان الخرطوم وكالة فرانس برس بعدم سماع أي غارات أو طلقات مدفعية أو عمليات قتالية، ما يشكل متنفسا في ظل نقص حاد خدمات الرعاية الطبية والكهرباء والمياه وغيرها من الخدمات الأساسية.
وفي بيان الإثنين، أعربت الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وهيئة التنمية غير الحكومية بشرق إفريقيا (إيغاد)، عن قلقها إزاء "التدهور السريع للاوضاع في دارفور".
واعتبرت الآلية الثلاثية أن النزاع أخذ بعدا عرقيا في دارفور، وهو ما أدى إلى هجمات ضد أشخاص بسبب هوياتهم وإلى تهجير فئات مجتمعية.
والأحد، دخلت هدنة جديدة حيّز التنفيذ. وأعلنت الوساطة الاميركية-السعودية أن الطرفين التزما وقف إطلاق النار للسماح بمرور المساعدات الإنسانية".