اقتصاد صدى - قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، تشكيل لجنة تحقيق رسمية مشتركة في تفجير مقر قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي في مدينة صور اللبنانية، في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر 1982، وذلك في أعقاب "توفر قرائن جديدة لم يتم طرحها على لجنة عسكرية إسرائيلية تشكّلت في أعقاب التفجير، تعزز إمكانية أن انهيار المبنى يعود إلى عملية".
جاء ذلك بناء على توصية من لجنة أمنية إسرائيلية مشتركة، تشكلت في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، مكوّنة من الجيش والشاباك والشرطة، للنظر في كافة المعلومات المتوفرة إلى جانب جمع معلومات جديدة بشأن التفجير الذي أودى بحياة عشرات الجنود وعناصر الأمن الإسرائيليين، بحسب ما جاء في بيان صدر اليوم، الأحد، عن الجيش الإسرائيلي.
وجاء في بيان الجيش الإسرائيلي أن فريق التحقيق الذي قدمت التوصية "كُلّف بالنظر فيما إذا كان هناك مجال للتوصية بتشكيل لجنة تحقيق مكملة تابعة للجيش".
وأوضح البيان أن رئيس هيئة في الشاباك (موازٍ لرتبة ميجر جنرال في الجيش) أدار الفريق بمشاركة الجهات المهنية من مجالات الاستخبارات، والتكنولوجيا، المواد المتفجرة، والتراث/ التاريخ، والقضاء.
ولفت البيان إلى أن "الفريق الذي ضم الجهات المختصة من الجيش الشاباك والشرطة، عمل على مدار شهرين تقريبًا وبعد عمل مكثف قدم نتائج العمل وتوصيته لرئيس الأركان".
وتقضي التوصية، بحسب البيان، "تشكيل لجنة تحقيق رسمية مشتركة، وذلك على ضوء النتائج الجديدة، التي لم يتم طرحها على ‘لجنة زوريع‘ والنائب العسكري الرئيسي في ذلك الوقت".
وشدد البيان على أن القرائن الجديدة "تعزز إمكانية أن انهيار المبنى كان يعود إلى عملية تخريبية"، على حد تعبيره.
وأفاد البيان بأن "لجنة التحقيق المكملة التي سيتم تكليفها من قبل رئيس الأركان، وبالتعاون مع الشاباك والشرطة، سيرأسها الميجر جنرال (متقاعد) أمير أبو العافية، حيث ستنظر في النتائج التي خلص إليها الفريق وغيرها من المواد".
وسيتعين على اللجنة "صياغة موقف نهائي من هذا الموضوع".
وأوضح بيان جيش الاحتلال أن 76 شخصًا من أفراد أجهزة الأمن الإسرائيلية، بينهم جنود وأفراد شرطة في ‘حرس الحدود‘، وأفراد من الشاباك قتلوا في التفجيرات، وكذلك 15 لبنانيا كانوا معتقلين في مقر الاحتلال.
كما وأصيب أشخاص آخرون كان يتواجدون داخل المبنى بجروح الذي تم تفجيره.
وعلى مدار سنوات، تبّنت المقاومة اللبنانية تفجير المبنى، لكن الاحتلال الإسرائيلي كان يؤكد أن الحادث عبارة عن انفجار عرضي وليس تفجيرًا متعمّدًا. والعام الماضي، تشكّلت لجنة مشتركة من الأجهزة الأمنية للتحقيق في التفجير مجددًا، ونشرت توصيتها اليوم، الأحد.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2020، دعا المسؤول السابق في جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، تسفي بندوري، السلطات الأمنية الإسرائيلية إلى الاعتراف بأن تفجير مقر قيادة الجيش الإسرائيلي في مدينة صور اللبنانية، في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1982، لم ينجم عن تسرب الغاز، مثلما ادعى تحقيق أجري حينذاك، وإنما نجم عن هجوم انتحاري بسيارة مفخخة.
وذكر تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" عام 2020، عن أن تفجير مقر قيادة قوات الاحتلال الإسرائيلي في صور كان أول هجوم ينفذه "حزب الله"، فيما امتنعت أجهزة الأمن الإسرائيلية عن وصفه كهجوم انتحاري وإنما انفجار ناجم عن تسرب غاز.
وحسب الصحيفة، فإن هذا "الإهمال" تسبب بهجمات لاحقة نفذها "حزب الله" في لبنان، بواسطة سيارات مفخخة، بينها تفجير استهدف مقرا للقوات الإسرائيلية وآخر استهدف مقر القوات المتعددة الجنسيات، وأسفرت عن مقتل المئات من قوات الاحتلال الإسرائيلي والقوات الأجنبية.
واعتبر مسؤول سابق في الشاباك أن سبب تستر الشاباك والجيش الإسرائيلي على حقيقة الانفجار هو أن "المبنى يقع على بعد 70 مترا عن الشارع ولم يكن سورا حوله، وإنما بوابة عبارة عن حبل. ولو كانت هناك تحذيرات وكان هذا هجوما فعلا، فإن الحديث يدور عن إهمال إجرامي من جانب الشاباك. كذلك أدرك رفول (رئيس أركان الجيش الإسرائيلي رفائيل إيتان) بسرعة بأنه إذا كان الحديث يدور عن هجوم، فإنه قد يكلفه دفع ثمن ذلك بمنصبه. فشعب إسرائيل لن يمر مر الكرام على كارثة كهذه".
وقرر إيتان بعد الانفجار مباشرة تشكيل لجنة تحقيق برئاسة الضابط برتبة لواء، مئير زوريع، وطالبه بإنهاء مهمته خلال ثمانية أيام. وقال رئيس دائرة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية وعضو لجنة التحقيق، عاموس غلبواع، إنه "كان هناك شعور بأن عليك إعطاء إجابة للجمهور وبسرعة".
وقررت لجنة زوريع أن الانفجار نجم عن تسرب غاز وتجاهلت، حسب الصحيفة، قرائن وأدلة عديدة حول انفجار سيارة مفخخة، من طراز بيجو 504، اقتحمت المبنى بسرعة كبير قبل الانفجار بثوان معدودة.
من جانبه، امتنع حزب الله عن تبني مسؤوليته، لكن كتيبا نُشر في بيروت لاحقا، خصص الفصل الأول فيه للشاب أحمد قصير، منفذ الهجوم والذي أصبح يعرف بأنه الشهيد الأول لحزب الله. ويحيي حزب الله "يوم الشهيد" في 11 تشرين الثاني/نوفمبر كل عام. كما تم بناء نصب تذكاري في قريته، وأطلق على اسمه شارعا في طهران، ويحرص أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، على ذكر اسمه خطاباته في "يوم الشهيد".