صدى نيوز - ارتفع عدد المعتقلين في فرنسا خلال موجة الاحتجاجات على مقتل الفتى نائل برصاص الشرطة في ضواحي باريس، في حين حذرت مذكرة للاستخبارات من اتساع رقعة العنف خلال الليالي المقبلة.

وقالت وزارة الداخلية -اليوم الجمعة- إن السلطات اعتقلت 875 شخصا بعد اندلاع مواجهات بين الشرطة والمحتجين لثالث ليلة على التوالي في أنحاء البلاد.

وقالت مصادر مقربة من وزير الداخلية إن عددا كبيرا من المعتقلين تتراوح أعمارهم بين 14 و18 عاما.

وأعلنت الوزارة أيضا إصابة 249 شرطيا ودركيا مساء أمس الخميس -ليس بينهم أي إصابة خطرة- وأشارت إلى أن السلطات نشرت 40 ألف عنصر من قوات الأمن على كامل الأراضي الفرنسية من بينهم 5 آلاف في باريس.

في غضون ذلك، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر بالشرطة أن مذكرة للاستخبارات حذرت من أن العنف قد يصبح "معمما" في البلاد خلال الليالي المقبلة ويتسم بأعمال "تستهدف الشرطة ورموز الدولة".

"قصف بالهاون"

وتفقدت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن برفقة وزير الداخلية جيرالد دارمانان -صباح اليوم- مركز شرطة إيفري كوركورون بضاحية باريس الجنوبية بعد تعرضه "لقصف بقذائف الهاون" ليلا، وفقا لمصادر بالشرطة الفرنسية.

وتحدثت بورن مع المسؤولين عن مركز الشرطة وأعربت عن دعمها لهم، وشددت على أن "جميع الخيارات ممكنة لاستعادة النظام في البلاد".

واستبقت رئيسة الوزراء زيارتها لمركز الشرطة بتغريدة على تويتر نددت فيها بأعمال العنف وقالت إن تلك الأفعال "لا تطاق ولا يمكن تبريرها".

في تلك الأثناء، غادر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، حيث اضطر لاختصار مشاركته والعودة إلى فرنسا مع تسارع الأحداث.

وترأس ماكرون فور عودته اليوم اجتماعا جديدا لخلية الأزمة الوزارية. وقال الإليزيه إن الرئيس "مستعد لاعتماد آلية للحفاظ على الأمن من دون محاذير".

وكان الرئيس الفرنسي عقد صباح أمس الخميس الاجتماع الأول لخلية الأزمة الوزارية قبل أن يتوجه إلى بروكسل، وقد ندد خلال الاجتماع بأعمال عنف غير مبررة، حسب وصفه.

توصية من الأمم المتحدة

ودخلت الأمم المتحدة على خط الأزمة، إذ قالت اليوم إن على فرنسا معالجة المشاكل العنصرية "المتجذرة" في صفوف قوات الأمن.

وقالت الناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان رافينا شمداساني خلال مؤتمر صحفي في جنيف "نشعر بالقلق حيال مقتل شخص يبلغ من العمر 17 عاما من أصول شمال أفريقية على أيدي الشرطة في فرنسا، الثلاثاء".

وتابعت "حان الوقت ليعالج هذا البلد بجدية مشاكل العنصرية والتمييز العنصري المتجذرة في صفوف قوات الأمن".

كما شددت شمداساني على أهمية التجمع السلمي، وقالت "ندعو السلطات على الدوام لضمان أن تحترم الشرطة لدى استخدامها القوة مبادئ المساواة والضرورة والتناسب وعدم التمييز والحذر والمساءلة، عند تعاملها مع العناصر المسببة للعنف خلال المظاهرات".

وأضافت "يجب التحقيق سريعا في أي اتهامات بالاستخدام غير المتناسب للقوة".

كما علقت أطراف خارجية أخرى على الأزمة، إذ أعربت الحكومة الألمانية عن قلقها بشأن التطورات في فرنسا.

واشتعلت شرارة الاحتجاجات في فرنسا عقب مقتل الفتى الذي عُرّف فقط باسمه والحرف الأول من اسم عائلته "نائل م." (17 عاما) برصاصة في صدره أطلقها عليه شرطي عند نقطة تفتيش مروري الثلاثاء الماضي.

وسرعان ما انتقلت الاحتجاجات والصدامات مع الشرطة من ضواحي باريس -لا سيما منطقة نانتير حيث قُتل نائل- إلى مختلف المدن الفرنسية.

حظر تجول ليلي

وقررت 4 مدن قريبة من العاصمة باريس فرض حظر تجول ليلي -بعضها لعدة أيام- في كل أو بعض الأحياء، وعلى الجميع أو على القاصرين فقط.

وفي العاصمة، تعرضت بعض المتاجر في حي لي آل وشارع ريفولي -الذي يؤدي إلى متحف اللوفر- إلى "التخريب" و"النهب وحتى الحرق"، وفقا لمسؤول رفيع المستوى في الشرطة الوطنية.

وأظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي حرائق عديدة في أنحاء بالبلاد منها محطة حافلات في ضاحية تقع شمال باريس ومحطة ترام في ليون.

وفي منطقة باريس، توقفت خدمات الحافلات والترام عن العمل اعتبارا من الساعة 9 مساء أمس الخميس (7 مساء بتوقيت غرينتش).

وأفادت مصادر محلية بأن العنف امتد إلى مدن نانت ومرسيليا وليل، حيث أحرقت ممتلكات عمومية وخاصة.

ففي مرسيليا، ثاني مدن فرنسا، تضررت واجهة مكتبة البلدية، وفقا لما قالته البلدية. وفي منطقة الميناء القديم الشهيرة المطلة على البحر المتوسط، دارت مواجهات بين الشرطة ومجموعة أشخاص تراوح عددهم بين 100 و150 شخصا.

ووجهت النيابة الفرنسية تهمة القتل العمد إلى الشرطي الذي أطلق النار على نائل، ووُضع قيد الحبس الاحتياطي.

وأمس الخميس، خرجت مسيرة لتكريم ذكرى الفتى أطلقت الشرطة في نهايتها الغاز المسيل للدموع على مشاركين فيها.