الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) هو أحد فروع علم الحاسوب، حيث ظهر هذا المصطلح للمرة الأولى في عام 1956، ومع التطور الهائل والسريع وغير المسبوق للذكاء الاصطناعي في مجالات العمل والمهام التي يستحوذ عليها من البشر، تمكَّن الذكاء الاصطناعي من تنفيذ هذه المهام خلال دقائق أو ربما ثوانٍ مقارنة بتنفيذها من قِبل الإنسان الذي قد يستغرق منه وقتاً يصل أحيانا إلى أيام وربما أسابيع أو أشهر، فبعض أنظمة الأتمتة المتزايدة لبعض الوظائف والخوارزميات أصبحت تعمل دون إشراف بشري مباشر وبالتالي فإن عدم الارتياح لهذا التطور الهائل يدق ناقوس الخطر. 
تزايدت الأصوات التي حذرت من المخاطر المستقبلية المحتملة للذكاء الاصطناعي مما يعني أن معدل التطور للذكاء الاصطناعي سيكون مضاعفاً في المستقبل القريب، وكل هذا وما زلنا في المراحل المبكرة جداً لما يستطيع فعله حقاً. اختلفت الآراء وتعددت السيناريوهات التي أشار إليها العديد من خبراء علم الحاسوب حول الآثار المتوقعة للذكاء الاصطناعي على مستقبل الإنسان، حيث رأى البعض أنها ثورة علمية تخضع لخدمة البشرية ورفاهيتها، بينما حذّر البعض الآخر من تهديد الذكاء الاصطناعي على الإنسان، في حين ذهب البعض الآخر إلى إمكانية ظهور المجتمع الذي تحكمه الآلة وتتحكم به. وستركز هذه المقالة على المخاطر والمخاوف المستقبلية المحتملة للذكاء الاصطناعي بالرغم من أن له فوائد جوهرية  تعود على المجتمع والأفراد إضافة إلى تأثيره الإيجابي على الاقتصاد الذي سيتزايد في السنوات القليلة المقبلة وفقاً لما أشار إليه الخبراء والباحثون الاقتصاديون، ويتضح ذلك من خلال الإقبال الكبير على استخدام GhactGPT  وهو أشهر تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي حيث شهد إقبالاً كبيراً قُدٍّر بما يقارب 100 مليون مستخدم منذ ظهوره في نوفمبر 2022 حتى يناير 2023، في حين تجاوز عدد المستخدمين لهذا البرنامج مليون مستخدم في أول خمسة أيام منذ إطلاقه. ووفقاً لتقرير صادر عن”MarketsandMarkets” فقد بلغت عائدات الذكاء الاصطناعي التوليدي حوالي 86.9 مليار دولار في عام 2022 ومن المتوقع أن يبلغ معدل النمو السنوي 36.2% حتى عام 2027.   
مع كثرة الحديث عن الذكاء الاصطناعي منذ عقودٍ طويلة إلا أن هذا المفهوم لا يزال غامضاُ، وقبل استعراض هذه المخاوف التي أشار إليها العديد من الخبراء، لابد من الوقوف أولاً على مفهوم الذكاء الاصطناعي.  
تعددت مفاهيم الذكاء الاصطناعي التي أشار إليها الخبراء في هذا المجال فمنهم من عرَّفه على أنه العلم الذي يتعلق بإكساب الآلات صفة الذكاء من خلال قيام جهاز الحاسوب بمحاكاة قدرات التفكير البشري باستخدام خوارزميات محددة ثم البدء بتحليل المعلومات لتوليد أفكار جديدة من خلال البيانات المخزنة في ذاكرته. ومنهم من عرَّفه على أنه علم وهندسة صنع الآلات الذكية.
بات مصطلح الذكاء الاصطناعي مصدراً للقلق ويشكل مخاوفاً كبيرة في الأوساط العلمية وذلك على ضوء مخاوف متزايدة من خروج خوارزميات هذا الذكاء عن السيطرة مع ظهور أنظمة ذكية تستوعب بيئتها وتتخذ إجراءات وقرارات سلبية وسط تحذيرات في أن يتطور الذكاء الاصطناعي بطرح قضايا وتحديات أخلاقية وأمنية وسياسية واقتصادية. ووفقاً لعدد من الخبراء في هذا المجال، فإن تقنيات الذكاء الاصطناعي قد تكون أدوات مثيرة للخوف في حال أسيئ استخدامها خاصة مع الطفرة التكنولوجية بسبب دخول خوارزميات هذا الذكاء في كل تفاصيل الحياة. 
قفزاتٌ نوعيةٌ سريعة حققتها تقنيات الذكاء الاصطناعي كان أبرزها تطوير شبكات عصبية صناعية تحاكي في طريقة عملها أسلوب الدماغ البشري، أي أنها قادرة على التجريب والتعلم وتطوير نفسها ذاتياً دون تدخل الإنسان من خلال قدرتها على التعرف على الصور وفهم الكلام والترجمة من لغة إلى أخرى، وتحليل البيانات واتخاذ القرارات بدل الإنسان. كما تطرح استخدامات الذكاء الاصطناعي مخاطر رقمية مستقبلية تتمثل في صورة القرصنة الالكترونية واختراق البرمجيات واستغلال تقنياته في الدعايات من خلال الانتاج التلقائي للصور ومقاطع الفيديو المزيفة، وتزداد المخاوف من تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي في الأغراض العسكرية والتحكم في البيانات الشخصية. ويُذكر أن شركة سامسونج SAMSUNG قد منعت موظفيها خاصة العاملين في قسم الأجهزة المحمولة والأدوات الكهربائية المنزلية من استخدام الذكاء الاصطناعي على أجهزتها خوفاً من أن المعلومات التي تُقدم للذكاء الاصطناعي تُخزن على خوادم خارجية لا يمكن استردادها أو حتى حذفها إضافة إلى المخاوف الأمنية التي يشعر بها موظفو الشركة.
كما أن هناك مخاوفاً أخرى للذكاء الاصطناعي تتمثل في الاحتيال من خلال استخدام هذا الذكاء في اختراق الحسابات البنكية وممارسة الاقناع الشخصي من خلال تقليد الخاطفين لصوت شخص معين، أما عن مشروع نيمبوس Nimbus العملاق وهو مشروع عسكري مشترك بين جوجل وأمازون والحكومة الإسرائيلية لتوفير خدمات سحابات الكترونية لصالح الحكومة الإسرائيلية وجيشها يتيح لهم استغلال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من خلال التحكم في كاميرات المراقبة وفق قاعدة بيانات تتيح التجسس على الفلسطينيين ومراقبتهم ومهاجمتهم والتعرف أيضا على النشطاء وأماكن تواجدهم.  
ووفقًا لشركة  Oxford Economicsللتحليل الاقتصادي، ستتولى الروبوتات أكثر من 20 مليون وظيفة في التصنيع بحلول عام 2030، وهناك من أشار أيضا إلى أن المهن التي تتطلب شهادات عليا لن تسلم من تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي. وهناك العديد من الدراسات التي أشارت إلى أن للتطور التكنولوجي وتقنيات الذكاء الاصطناعي القدرة على استبدال العديد من البشر ومن هذه الدراسات الدراسة التي نشرها معهد Future Today الأمريكي عن التهديد الذي يشكله الذكاء الاصطناعي على الصحافة في المستقبل القريب، والدراسة التي أصدرها المعهد السويدي لتقييم سوق العمل وسياسة التعليم التي أشارت إلى أن أبرز المهن التي ستنقرض هي مهن المحاسبين ومشغلي آلات الطباعة والنجارة والصناعات الكيماوية. كما أشار المنتدى الاقتصادي العالمي  The World Economic Forum إلى فقدان مليون وظيفة نتيجة للأتمتة، وهو ما يسمى بالإحلال الآلي الكامل، في حين أن هناك توقعات اقتصادية أشارت إلى إتاحة 133 مليون فرصة عمل في وظائف جديدة بتقنيات جديدة. 
وفي الختام، وبالرغم من أن هناك مخاوفاً كثيرة من أن تتجاوز هذه الآلة أو تتمرد على الإنسان إلا أن الأمر لا يزال غامضاً، فهذه الآلة حتى يومنا هذا لا تنتج إلا ما تمَّ إدخاله فيها والذكاء الاصطناعي ما زال يقوم على التكرار وليس الابتكار خاصة أن باستطاعته حتى الآن أن يتعامل مع اللغة، الصوت، السمع والنظر ولكنه يواجه إشكالية كبيرة في كيفية تعرفه على حاسة الشم، كما أن التنبؤ بدقة فيما يتعلق بتحديد الوظائف والمهن التي ستشهد انخفاضاً في الطلب والوظائف المستقبلية الجديدة يبقى من الأمور الصعبة حالياً..... ولا نعرف ما  الذي يخفيه لنا المستقبل.