بات مطلب توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني احد اهم البنود الاساسية في الغالبية العظمى ان لم يكن كل التصريحات، واللقاءات، والمواقف الصادرة عن مختلف القوى والفصائل ولا تكاد تخلو كلمة للرئيس ابو مازن او تصريحات المسؤولين من هذا المطلب بدعوة جميع الاطراف والمجتمع الدولي لتوفير الحماية الدولية الفورية فلماذا هذا المطلب؟ ما المقصود بالحماية الدولية واي حماية يريدها الشعب الفلسطيني؟ وتأتي اهمية هذا المطلب لدواعي عديدة تكتسب اهمية بالغة نظرا لعدة عوامل يحددها الواقع تحت الاحتلال وما تخطط له حكومة نتنياهو - بن غفير ضمن اجندتها المعلنة للمستقبل القريب، والارتفاع الحاد في مسلسل الاعتداءات التي تمارسها بحق المدنيين العزل، وما قد يجري تنفيذه من مجازر دموية في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
 ومن هنا لا بد من التأكيد على اهمية طلب الحماية من الامم المتحدة ومؤسساتها، ومن المحاور الاساسية لهذا المطلب هو في تحمل البعد القانوني على جميع الاراضي المحتلة الذي يعني الصفة القانونية لها بوصفها اراضي محتلة، ووجود قوة احتلال لشعب اخر وفي الحالة الفلسطينية تمثل اعمالا اصيلا لحقه في التمتع بالحماية كشعب يرزح تحت نير الاحتلال بالقوة العسكرية، والاستيطان الاستعماري المباشر مع اختلاف انه ليس قوة احتلال من دولة لدولة اخرى، وانما ببعده الوجودي والتهديد باستمرار وبقاء الشعب الواقع تحت الاحتلال اي الشعب الفلسطيني في هذه الحالة تحت خطر الاقتلاع والتهجير القسري ضمن حملات ممنهجة من التطهير العرقي اما الحماية ببعدها السياسي فانها تحمل هي الاخرى الشيء الكثير فالمطلب على المستوى الدولي يعني بالمباشر اعترافا دوليا بالماساة التي يخلفها واقع الاحتلال في الاراضي الفلسطينية المحتلة، ومن الاهمية التحرك على هذا المستوى صحيح ان هناك ادانات، وشجب، واستنكار واسع لكن مطلب الحماية هو الترجمة السياسية والعملية القانونية المباشرة لحالة الشجب الاخذ بالتوسع بفعل جرائم الاحتلال لكنها لا تكفي، وهي بذلك ارتقاء بمستوى مسؤولية المجتمع الدولي تجاه ما يجري من جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني سواء الحروب الدموية على قطاع غزة وما خلفته من قتل وتدمير وضحايا او الاعدامات، وحرق البيوت، والقتل اليومي في الضفة الغربية والقدس وما جرى في جنين مثال حي وصريح لهذه الافعال الشنيعة كونه ضحية هذه السياسات العنصرية الفاشية، والحماية تحمل قيمة عالية في حال بدء بالعمل عليها من جهة، واعلان عالمي صريح باعترافه بتقصيره طوال العقود الماضية عن واجبه في حماية الحق في الحياة للشعب الفلسطيني، ومنح الاحساس للضحايا ايضا بعدم افلات المجرمين من العقاب من جهة اخرى  .
الحماية الدولية تعني بداية الاعتراف العالمي بما حل من ويلات ونكبات وان القوة القائمة بالاحتلال لم يعد بامكانها التصرف واستمرار الافعال العدوانية التي بقيت تمارسها حتى الان وتقوم بها باصرار ووقاحة دون خوف او اكتراث بردة فعل المجتمع الدولي، وايضا الاهم هو اعتراف بالولاية السياسية، والقانونية، والجغرافية للشعب الفلسطيني على ارض وطنه ودولته القابعة تحت الاحتلال الذي يقوم بنهب خيراتها وثرواتها، والسيطرة على مواردها، وفتوى لاهاي الصادرة في التاسع من تموز من العام 2004 والتي كانت ذكراها قبل ايام قليلة تشير بوضوح لهذه الولاية على الجغرافيا التي تشمل الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة، وان الاستيطان والواقع الناشيء من اجراءات الاحتلال فيها يمثل اعمال غير مشروعة وغير قانونية وجريمة حرب بموجب القانون الدولي .
وتعني الحماية فيما تعني ايضا وفق المواثيق الدولية ان تناط بالامم المتحدة بعد توفير الحماية اتخاذ الاجراءات العملية لمهمة انهاء الاحتلال كون الحماية بشكلها المباشر هي حماية مؤقتة اي حتى نيل الشعب الواقع تحت الاحتلال لحقه في تجسيد استقلاله الوطني ومن حق "الاقليم" الواقع تحت الاحتلال المطالبة بالحماية وتوفيرها من شأنه ليس فقط الحماية العملية المباشرة للسكان، وانما توثيق ورصد جرائم الاحتلال ومتابعة ونشر التقارير للجهات ذات العلاقة، وهي بالتاكيد اي قوات الحماية التي نحلم بها ان تصل الى بلادنا يوما لوقف مسلسل ممارسات الاحتلال التي يجب ان يندى لها جبين الانسانية لبشاعتها واستمرارها هي قوات يقع على عاتقها في ذات الوقت مهمات محددة واضحة اذ انها ليست قوات لحلف الاطلسي وهي ليست بغرض فض النزاع بين خصمين متحاربين على اعتبار ان ما يجري صراع مسلح هو ليس كذلك ابدا وانما شعب محتل يواجه قوة احتلال، وقوة الحماية ليست لحفظ السلام مثلا او ان تتحول هذه القوات الى شكل من اشكال الوصاية الدائمة في الاراضي الفلسطينية المحتلة بل هي من الامم المتحدة، وتحت مظلتها وتحمل مهمة محددة هي حماية الشعب الفلسطيني على ارضه حتى انهاء الاحتلال عنها .
مجمل الاسباب او التطورات الراهنة، وامكانية الدخول في فصل جديد اكثر دموية وعدوانية للاحتلال ومستوطنيه على ضوء ما يجري من استباحة كاملة للارض الفلسطينية في معظم القرى، والبلدات والاعتداء على المزروعات والممتلكات تدعونا جميعا للبدء بحملة دولية واسعة بطلب محدد هو توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وفق مقتضيات الاعراف الدولية ذات الصلة التوجه بجهد سياسي دبلوماسي تقوده منظمة التحرير الفلسطينية والمجلس الوطني على وجه الخصوص للاصدقاء في الاتحادات الدولية برلمانات،هيئات، وحكومات العالم لبناء جبهة دولية واسعة النطاق وايجاد تأثير عبر حملات مناصرة اممية باوسع اشكالها لاتخاذ ما يمكن من تدابير للجم العدوان الاحتلالي خطوته المباشرة تمثل مقياسا لقوة الارادة الدولية هو تنفيذ الحماية الفورية، ووضع الاليات العملية اللازمة للبدء بالحماية على ارض الواقع الى جانب اعمال حق المساءلة القانونية للقوة القائمة بالاحتلال اذ ان الحماية لوحدها هي اجراء يتيم وخطوة منفردة اذا لم تترافق مع اجراءات المحاسبة والمحاكمة للاحتلال وجرائمه التي يجب ان لا تغيب عن جدول الاعمال الدولي في كل المحافل والمنابر الدولية  والتي كان اخرها مجلس منظمات حقوق الانسان في جنيف المطالب على اهمية ما يصدر عنه من مواقف بتبني توصيات ورفعها للامين العام للامم المتحدة للشروع في تأمين الحماية الدولية الفورية للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال  .
دون اي تردد او مواربة ودون تأخير في ظل الوضع القائم السعي الحثيث لهذا المطلب الهام واخراجه خارج الشعار المطلبي والخطابي الى قوة المطلب بمعناه الرسمي والقانوني الفعلي بهدفين الاول الحماية الدولية الكاملة المباشرة، والثاني بالمحاسبة على سجل الجرائم الحافل لتاريخ الاحتلال الاسود واعمالهما من شأنه ان يجنب الشعب الفلسطيني الكثير من المعاناة مما هو قادم، ومن شأنه ايضا جبر الضرر للضحايا الذين سقطوا وانصاف لوجع ومعاناة الناس في بلادنا الذين اكتووا بنار الاحتلال، وما زالت فاتورة الدم تتواصل رغم هذه السنوات الطويلة التي لم يحرك ازاءها العالم ساكنا، وكأن الشعب الفلسطيني يعيش في كوكب اخر او لا اهمية لما يجري بحقه-  صحيح ان غياب الارادة الدولية حتى الان هو امر يبعث على الخجل، وهناك تطورات كبرى تعم العالم تحمل متغيرات كبيرة بانتظار كوكب الارض، ولكن ربما تكون هذه المتغيرات ايضا مقدمة لاحداث تغير نوعي ولو بطيء ومتدحرج يلبي حقوق الشعب الفلسطيني والشعوب المقهورة الحماية الدولية التي تخشاها اسرائيل قوة الاحتلال، وتنظر لها بخطورة وتعمل بكل امكاناتها لاجهاض اي جهد دولي تجاه تحقيقها يجب ان نصر عليها فلسطينيا، وعربيا، وتجنيد شبكات الاصدقاء لتأمينها يرافق ذلك حركة شعبية اهلية مجتمعية تؤدي الى بناء تحالف دولي واسع عنوانه انهاء الاحتلال عن ارض دولة فلسطين وحق تقرير المصير المدخل فيه دوليا من خلال الحماية الفورية نعم هو مطلب ليس سهل لكنه ممكن وليس مستحيل .