العلاقات الامريكية مع حكومة نتنياهو ليست بحالة جيدة وهي علاقة متوترة بلا اتصالات طبيعية الا ان الولايات المتحدة لن تغير سياستها تجاه دولة الاحتلال حتى لو وصل غضب إدارة بايدن من نتنياهو للذروة واستمرت القطيعة بينهم على خلفية اضعاف القضاء بخطة الإصلاحات القضائية وتهديد القواسم المشتركة بين واشنطن وتل ابيب وحتى لو تحولت دولة لاحتلال الى دولة دينية تحكم بالشراع التوراتية بدلا من القانون المدني واستمرت حكومة نتنياهو في منح المتطرفين كل شيء في الدولة بداية من الانقضاض على الديموقراطية وتقزيم صلاحيات المحكمة العليا حتى الصلاحيات الدينية الواسعة , العلاقة بين أمريكا وإسرائيل لن تكسر خلافا لبعض التصريحات من بعض اركان إدارة بايدن فهي ليست اكثر من تهديدات لدفع نتنياهو تغيير سياسته الداخلية والخارجية بما فيها تعامله مع ملف الصراع , نعم يسعى نتنياهو لإعطاء المتطرفين من الأحزاب الدينية خاصة (بن غفير وسموترتش واريه درعي) الصلاحيات لحسم العلاقة مع الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس دون الاكتراث بان هذا سيدخل المنطقة في دائرة صراع دام لن ينتهي بسهولة. الواضح ان الإدارة الامريكية غاضبة من نتنياهو والائتلاف ولا تمتلك سياسة للضغط على نتنياهو اكثر من تجاهله ولا تستطع تخفيض العلاقة مع دولة الاحتلال لان علاقة واشنطن بدولة الاحتلال ترسمها وتقرها مؤسسات وهيئات ومجالس متعددة في واشنطن .

العلاقات بين إدارة بايدن ونتنياهو والكثير من أعضاء حكومته مشوشة وتكاد تكون محدودة ولم تبادر إدارة بايدن حتى الان بدعوة نتنياهو للبيت الأبيض لأسباب لها علاقة بالوضع الداخلي بدولة الاحتلال وأسباب لها علاقة بتعارض رؤية نتنياهو وإدارة بايدن فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني الا ان هذا الملف بات مؤخرا ليس من أولويات الاهتمام الامريكي لان إدارة بايدن باتت تعرب عن قلقها اكثر فيما يتعلق بتدهور الأوضاع في دولة الاحتلال بعد رفض نتنياهو تأجيل الإصلاحات القضائية او تخفيضها وبالتالي استئناف الحوار مع المعارضة الإسرائيلية التي وصلت مؤخرا الى طريق مسدود بفعل (مشروع المعقولية) الذي صوت عليه الكنيست بالقراءة الاولى والخاص بمصادرة صلاحيات المحكمة العليا لصالح حكومة نتنياهو وهو ما فجر الاحتجاجات في دولة الاحتلال لتصل الى حالة شلل لكافة مؤسسات الكيان واخطرها الاحتجاجات التي باتت تخرج من صفوف وحدات الجيش الإسرائيلي الذي انضم الى هذه الاحتجاجات بطريقة رفض التطوع في الوحدات الجوية والوحدات الطبية العاملة في الجيش واللافت ان التمرد وصل الوحدات الإسرائيلية الخاصة الهامة والحساسة .

زار رئيس دولة الاحتلال (يتسحاق هرتصوع ) واشنطن لتمتين العلاقة مع واشنطن وبحث الملف النووي الايراني والقى كلمة امام الكونغرس الامريكي الذي قاطعه بعض النواب والخطير ان الخطاب ذاته ركز على التهديديات التي يتصور هرصوغ وغيره ان دولته تتعرض لها دون ان يذكر او حتى يذكره احد من أعضاء الكونغرس الأمريكي بالتهديديات التي تسببها دولة الاحتلال للأمن والاستقرار في الشرق الأوسط بسبب انكارها حل الدولتين والاستمرار في مخطط إدارة الصراع وتخفيضه مع الفلسطينيين وعدم حله او حتى التقدم بخطة سلام باستعادة الامل المفقود في المنطقة بإحلال السلام العادل والشامل وركز هرتصوغ على ضرورة ان يتحالف العالم مع دولته لمحاربة ايران ومنعها من تحقيق الوصول الى قنبلة نووية لان ذلك يشكل تهديدا للعالم باسره حسب قوله, حرض هرتصوغ الولايات المتحدة والعالم على ايران ,في المقابل طالب الولايات المتحدة الاستمرار في تعزيز مزيد من اتفاقات التطبيع في اطار (اتفاق ابرهام )الذي جلب لإسرائيل الكثير من المنافع واهمها اندماج دولة الاحتلال في المنطقة دون ان تقدم على انهاء الاحتلال حسب تعبير هرتصوغ . حاول هرتصوغ ان يثير عطف أعضاء الكونغرس لاستمرار دعم العلاقة بين أمريكا وإسرائيل وعدم تعريض هذه العلاقة للكسر من قبل إدارة بايدن بسبب نتنياهو الذي انهى للتو مكالمة صاخبة مع الرئيس الامريكي (جو بايدن ) تمت بوساطة السفير الأمريكي السابق في تل ابيب (توماس فريدمان) والذي حاول من خلال هذه المكالمة كسر الجمود في العلاقة بين الرئيس الامريكي ونتنياهو وبالتالي تهيئة العلاقة لتوجيه دعوة لنتنياهو لزيارة البيت الأبيض لكن على ما يبدو ان المكالمة فشلت في اصلاح العلاقة المتوترة مع نتنياهو لان نتنياهو حاول ان يوظف المكالمة لدعم سياسته الداخلية وبرنامج حكومته السياسي وهذا لم يقبل من قبل الرئيس الأمريكي (جو بايدن) شخصياَ ما رفع درجة التوتر بين الرجلين من جديد.

لا اعتقد ان تكسر إدارة بايدن العلاقة التي متنها (يتسحاق هرتصوغ) مع إسرائيل لكن يمكن ان تستمر إدارة بايدن في تجاهل نتنياهو والائتلاف المتطرف على خلفية عدم استجابته لوقف الإصلاحات القضائية والحد من صلاحيات المحكمة العليا التي ستصوت الكنيست عليها بالقراءتين الثانية والثالثة , زعم نتنياهو في بيان صدر عن مكتبه بعد المكالمة انه اتفق مع بايدن على اعتماد المشروع الذي يحد من المراجعة القضائية للإجراءات الحكومية وهذا ما نفاه المتحدث باسم الامن القومي الأمريكي (جون كيري) ما اثار قلق إدارة البيت الأبيض اكثر الذي طالب بحصول نتنياهو على موافقة واسعة من المعارضة لذلك , كما ان نتنياهو لم يصغ لنصائح بايدن بوقف الاستيطان في الأرض الفلسطينية حتى لو شكليا ونفى مكتب نتنياهو ان يكون بايدن قد طلب تجميد النشاط الاستيطاني ووقف مخطط ضم مناطق واسعة في الضفة الغربية وهذا يعني ان ما حاول هرتصوغ اصلاحه افسده بيان نتنياهو وزاد في توتير العلاقة مع إدارة البيت الأبيض وهذا يعني ان نتنياهو قد لا يدعى للبيت الأبيض الفترة القادمة ,الحقيقة ان نتنياهو يريد ان تستمر علاقته بالبيت الأبيض دون شروط بل وتدعم إدارة بايدن توجهاته اليمينية التي يسعي من خلالها اليمين المتطرف لتصفية الصراع وحسمه مع الفلسطينيين لان أي تنازل من قبل نتنياهو يعني ان الحبل الذي وضعته الأحزاب الدينية على رقبته سيضيق شيئا فشيئا ويوما بعد اخر بفعل تهديد الأحزاب الدينية المستمر بفرط الائتلاف واسقاط الحكومة.