الموضوع مهين ويبعث على الحزن والخجل، أراقب صفحات الأدباء كلما أصدر كاتب فلسطيني أو عربي رواية أو ديواناً، فأجد هناك ما يحزنني، والغريب أنني نفسي أتورط في هذا المشهد، فأقرأ ما أكتبه في صفحتي حزيناً أو كأني شخص آخر، غير مصدّق أنني كذلك، أتحدث عن انشغال الكاتب الفلسطيني العربي في الترويج لكتابه بطريقة توسلية، ومهينة حقاً.
انظروا هذه اللغة: "أعلن يا أصدقاء عن توقيع روايتي في مكان كذا وبتاريخ كذا، بستنّاكم، اوعوا ما تيجوا، وخبروا أصحابكم، وسيكون هناك حفلات توقيع أخرى في أماكن كثيرة سأعلن عنها في حينها".
هذا خطاب يتكرر باستمرار في صفحات الأدباء الذين يصدرون كتاباً ويرغبون، وهذا حقهم، في بيعه وتوقيعه للقراء، الغريب أن بعض هؤلاء من الكتاب الكبار المكرّسين، الذي صدرت لهم العشرات من الكتب المهمة.
كيف يحدث ذلك ولماذا؟
للأسف المسؤول عن هذا الحزن هي دور النشر، التي من واجبها أن تتولى مهمة تسويق الكتب، لمَ لا يكون داخل دور النشر طواقم إعلامية تتولى مهمة كتابة إعلانات، وتقارير صحافيةـ وتنظيم حفلات توقيع للكاتب، وإيصال رسائل للمشتركين في الدار من القراء يبلغونهم فيها صدور كتاب جديد للكاتب الفلاني.
في أوروبا، لا يفعل الكاتب أي شيء باستثناء الحضور بكامل الاحترام والهيبة، إلى حفل التوقيع لنقاش كتابه الموقّع أصلاً قبل ذلك دون ذكر أسماء المُهدى لهم، يقدمه شخص ما، ثم يقرأ الكاتب بعضاً من نصوصه ويتلقى أسئلة واستفسارات، ويدور نقاش، ثم يغادر بهدوء.. هذا ما يحدث في العالم الذي يحترم الكاتب ويقدر عقله ووجوده وتأثيره.
يا للمفارقة، في معرض الكتاب في فلسطين القادم سوف يتورط أدباء كثر، ربّما أكون واحداً منهم، في نشر إعلان على صفحاتهم يدعون فيها الناس للحضور لتوقيع كتابهم الجديد، لا بديل لهم غير ذلك، ما دامت دور نشرنا جميعها، تتركنا وتتركهم في مهب التوسل من القراء للحضور لشراء الكتاب.
من يستطيع تغيير المشهد المحزن؟.. اتحاد الناشرين؟ وزارة الثقافة؟ أم أن التغيير يبدأ من انتفاضة الكاتب، وتمرده على شروط النشر؟!