تشهد الفترة الراهنة تحديات وفرصًا كبيرة لمجتمعنا الفلسطيني، حيث تتطلب الظروف الراهنة رؤى استراتيجية مبتكرة تؤدي إلى تحقيق التغيير المنشود. تبقى هناك نقطة مهمة للنقاش وهي: هل التغيير بالأسماء يمثل السبيل الأمثل لتحقيق تغيير إيجابي أم أن التركيز يجب أن يكون على تغيير السياسات والإجراءات؟ هذا السؤال يعتبر أمرًا أساسيًّا يستحق التفكير العميق من قِبل النخبة السياسية في المجتمع الفلسطيني ورغم أهمية التجديد والتغيير، إلا أن الأمر الأكثر أهمية من ذلك هو: ماذا ستفعل هذه الأسماء الجديدة؟ هنا تكمن الحقيقة الأكبر: ليس المهم فقط تغيير الأسماء، بل الأهم بكثير ما سيقدمونه من عمل وجهد لتحقيق التغيير الإيجابي والمستدام؛ وهذا ما لا يتم نقاشه للأسف!!.
في سياق الواقع الفلسطيني، يمكن أن يكون التغيير بالأسماء مجرد قشة على سطح الماء إذا لم يتم دعمه بخطط واضحة لتطوير السياسات وتنفيذها بفعالية. إذا كانت النخبة السياسية تسعى إلى تحقيق تغيير إيجابي، يجب أن يكون هذا التغيير مبنيًا على أسس قوية من الرؤى والإستراتيجيات؛ بمعنى السؤال هو ليس من؟ وإنما ماذا؟ ولماذا؟ وكيف؟
قد يكون استبدال الأسماء في المناصب والمؤسسات تصرفاً مهماً ومطلوبا على كافة المستويات، ولكنه ليس العنصر الأساسي في تحقيق النهضة السياسية والاقتصادية والاجتماعية....الخ التي يتطلع إليها الشعب الفلسطيني. فالمطلوب هو التركيز على تغيير السياسات والأدوات والاستراتيجيات لتحقيق تحسينات فعلية في حياة الناس التي أصبحت لا تثق بأي فعل كان!!
النخبة السياسية الفلسطينية يجب أن تتخذ موقفاً واضحاً وجريئاً فيما يتعلق بالسياسات الوطنية، وأن ترتكز على الأولويات التي تخدم مصلحة الشعب وتعزز من وحدته. يجب أن تكون لديها رؤية استراتيجية تشمل خطط عمل حقيقية ليست وهمية محددة تسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتحسين ظروف حياة شعبنا.
إذاً، علينا أن نركز على الجوانب العملية والواقعية للتغيير، بدلاً من الانشغال بتغيير الأسماء دون وجود تحرك حقيقي. هذا لا يعني تجاهل أهمية القيادة والشخصيات الجديدة، بل يعني أنه يجب أن تكون هذه الشخصيات قادة حقيقيين يمتلكون الرؤية والمبادئ والاستراتيجيات التي تساهم في تحقيق التغيير المرجو.
قد يكون الانتقال إلى شخصيات جديدة في الحكومات أو المؤسسات ظاهريًا كأحد أشكال التغيير، ولكن الأهم هو ما سيحملونه من رؤى وأفعال. فقد ثبت بالفعل أن تغيير الأشخاص دون تغيير النهج يمكن أن يؤدي إلى نتائج محبطة.
لذا، على النخبة والمثقفين أن يعكفوا على تحليل التحديات المعاصرة وتقديم رؤى جديدة تستند إلى خبراتهم وتعليماتهم. لا شكَّ أن تجديد الأسماء يمكن أن يكون له دوره في تحفيز الناس وتجديد الأمل، لكن النجاح الحقيقي يبنى على أسسٍ أقوى من ذلك، يتضمن التفكير الواعي والخطط العملية والتفاني في تحقيق تحول إيجابي يخدم المجتمع بأكمله.
من الجوانب الهامة للتغيير الفعّال هو التفكير المبتكر واستبدال الروتين بأفكار جديدة. يجب أن يكون لدى النخبة والمثقفين القدرة على التحلي بالجرأة في تقديم أفكار جريئة واستثنائية تمتاز بالإبداع والتجديد. المجتمع الفلسطيني بحاجة إلى شخصيات تعرف كيفية تقديم أفكار تحطم الحواجز وتفتح آفاقًا جديدة للتقدم.
بالإضافة إلى ذلك، من المهم أن يكون لديهم المقدرة على التواصل المؤثر والقدرة على إلهام الآخرين للمشاركة في رحلة التغيير. وأن يكون لدى الأسماء الجدد دور هام في توجيه الشارع الفلسطيني نحو القضايا الهامة وتوجيههم نحو العمل الجماعي لتحقيق التغيير.
إذا كنتم تسعون إلى تحقيق فرق حقيقي في المجتمع الفلسطيني، فعليكم أن تتجاوزوا حدود تغيير الأسماء وتسعوا إلى تغيير الواقع من خلال سياسات وإطار ناظم يتم محاسبة تلك الأسماء الجديدة عليه في تحقيقه من عدمه. لأن المستقبل يحتاج إلى تحول حقيقي ومستدام، وهذا لن يكون ممكنًا إلا من خلال إرادة قوية وسياسات مبتكرة بلياقة شبابية.