بعد القمة الفلسطينية السعودية التي عقدت في الرياض في رمضان الماضي وما تبعها من لقاءات بين الجانبين والتي اوضح السعوديين فيها رغبتهم في عقد صفقة مع امريكا ومن ضمنها التطبيع مع اسرائيل وبعد ان اوضح ولي العهد السعودي موقف السعودية من القضية الفلسطيينية الثابت وفهمه للمبادرة العربية وشكل الدولة والعاصمة للدولة العتيد، اقترح الامير السعودي على القيادة الفلسطينية افكار خلاقة من الجانب الفلسطيني  تتعلق بالرؤيا الفلسطينية للتقدم في المسار السياسي مع اهمية ربطها في المسارات الاخرى والمتعلقة بالتنمية الاقتصادية وتعزيز سبل الاستثمار في الطاقة والتبادل التجاري والربط البيني وغيرها من المسارات الاخرى، قام الجانب الفلسطيني بأعداد افكار توضح الرؤية الفلسطينية لاعادة المسار السياسي للقضية الفلسطينية، وعلى ما يبدو ان السعودية تبنت هذه الافكار باطارها الجامع وليس التفصيلي، وعلى ما يبدو ان الرئيس ابو مازن نسق الامر مع الملك عبد الله والرئيس السيسي ، وكلف الرئيس كل من امين سر اللجنة التنفيذية السيد حسين الشيخ ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج في متابعة نقاش هذه الافكار مع الاطراف المعنية ومنها بكل تاكيد امريكا واسرائيل.

الافكار على ما يبدو جاءت محاولة فلسطينية جادة لاعادة مسار التسوية الى سياقه السياسي وبذات الوقت تنسجم هذه الافكار والتي هي اقرب للمبادئ  على ما يبدو مع التوجه السعودي القائم على تنفيذ الصفقة مع امريكا على مراحل ومنها بكل تاكيد التطبيع مع اسرائيل حيث من المتوقع ان السعودية ستقوم بالتطبيع التدريجي مع اسرائيل في سياق تنفيذ الاخيرة للالتزامات الواقعة عليها بحكم الصفقة خاصة وان السعودية لها مطالب استراتيجية من امريكا، هذه المطالب ستاخذ مدة زمنية لتنفيذها وبالتالي فمن الطبيعى ان تاتي الصفقة السعودية الامريكية على مراحل ومن ضمنها الصفقة مع اسرائيل.

 هذه الافكار ونقاشها ستكون على جدول الاعمال لزيارة مساعدة وزيرة الخارجية الامريكية حيث من المتوقع ان تزور المنطقة بتاريخ 24/8/2023 ستناقش من ضمنها مسائل امنية وسياسية واقتصادية اخرى، وكما ان زيارتها سترتب للزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية الامريكية خلال شهر ايلول القادم . 

الحراك الامريكي المتواتر يعكس الرغبة الامريكية  لتحقيق اختراق سعودي -اسرائيلي في مسار التطبيع وبذات الوقت تقديم خطوات اطار للفلسطينين تساهم في منح السعوديين ارضية للقبول في اتمام الصفقة المتوقعه بين امريكا والسعودية.

هذه الجهود المبذولة تعكس ما تسرب من ان الرئيس اجل تغيير الحكومة مع تعديل عليها الى نهاية العام الحالي انتظارا لحدوث انفراجه سياسية حقيقة و/او مالية و/او اقتصادية ملحوظة ولحين عقد المؤتمر الحركي في بداية شهر ديسمبر القادم ان صحت التسريبات.

 الملف السياسي وتطوراته في صلب متابعة الرئيس وكل من ماجد فرج وحسين الشيخ، الا ان الرئيس على ما يبدو اطلع رئيس الوزراء على طبيعة وعمق التحركات الفلسطينية ومن المنتظر ان تجمع مساعدة وزير الخارجية مع الرئيس ورئيس الحكومة وامين سر اللجنة التنفيذية خلال هذه الزيارة. 

ترافق مع التحضيرات لزيارة مساعدة وزير الخارجية الامريكية زيارة خاظفة قام بها رئيس المخابرات الاردنية يوم الخميس الموافق 17/8/2023 لرام الله بحث فيها عدد من المسائل الامنية  والسياسية الهامة بين الجانبين.

على الرغم انه لم يكشف النقاب عن طبيعة الافكار التي قدمها الرئيس للجانب السعودي وما تبعها من نقاش مع الجانب الامريكي والاسرائيلي وبتنسيق تام مع الاردن ومصر فانه من الواضح ان الرئيس ابو مازن يسعى من خلال هذه الافكار الى:
1.    تحقيق اختراق جديد في الموضوع السياسي وان كان هذا الاختراق ذات طابع تكتيكي ومرحلي، حتى وان كان يمنح الفلسطينين مسائل رمزية ذات ابعاد سياسية، ذات سياق مرحلي.


2.    ان هذه الافكار والاتفاق المنتظر ان حصل في سياق الاطار العام فانه لن يؤدي الى اعلان انتهاء الصراع العربي الاسرائيلي وبالتالي فان الرئيس بموجب الصفقة ان تمت لن يقدم تنازلا تاريخيا يتعلق بالمفهوم الوطني للقضية الفلسطينية بل سيترك للاجيال ان تقرر ما الذي ستختاره لاحقا.


3.    الرئيس يسعى لتحويل هذه الجهود للخروج من الحصار السياسي والمالي التي تتعرض له السلطة واعادة ضخ الاموال والاستثمارات وقبول فلسطين كدولة فاعلة في الاطار الاقتصادي والتنموي في المنطقة مما يؤسس لوجودها السياسي كلاعب له حقوق كما عليه التزامات.


4.    الرئيس يسعى الى ادخال غزة الى اطار العملية وكسر قرار اسرائيل وامريكا اعتبار قطاع غزة كيان ارهابي.


5.    اعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد من خلال قبول امريكا بالمنظمة كجسم مشروع ومقبول لممارسة العمل في امريكا وغيرها.


كل هذه المسائل ان نجحت فان ابو مازن يكون قد حقق جزء من احلامه السياسية بان اعاد للقضية اعتبارها ومنع تصفيتها، الاحداث والتطورات القادمة هي التي سترسم معالم المرحلة القادمة، فهل نرى اعلان مبادئ جديد بين اسرائيل والسلطة برعاية امريكية-سعودية اما اننا امام صفقة اقل من ذلك ؟؟؟ لننتظر ونرى؟؟؟!!!