على مدار ١٥ عاما، تشكل تحالف الـ "بريكس" من كل من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا. تم عقد المؤتمر السنوي هذا العام ما بين ٢٢-٢٤ آب الفائت في جنوب افريقيا، وتم الاتفاق على ضم ٦ دول جديدة، لتشمل كلا من مصر والامارات والسعودية واثيوبيا والارجنتين وإيران، لتصبح ١١ دولة في هذا التحالف مع بداية ٢٠٢٤, الذي قد نشهد معه تحول النظام العالمي في القرن الواحد والعشرين:

 - من نظام أحادي الى متعدد القطبية.

- من هيمنة الدولار الى عملة اخرى (هناك منافسة بين الدول الكبرى وهذا ما قد يدفع هذه الدول لتبني العملة الرقمية لتجاوز المنافسة).

- من النيوليبرالية الى اشتراكية جديدة متوسطة تجمع دولا متقدمة في القارة الآسيوية والافريقية وامريكا اللاتينية.
تحالف مثير، ومن المهم جداً لنا كفلسطينيين هو الوجود وإيجابية وقوة العلاقات الدبلوماسية مع هذه الدول المتحالفة. تقدم فلسطين بطلب الانضمام هو تخطيط استراتيجي دبلوماسي على أساس قاعدة الربح في رسم خارطة السياسة الخارجية والعلاقات الدولية, ان تعزز فلسطين مكانتها بين (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا، مصر والامارات والسعودية واثيوبيا والارجنتين وايران)، هو نقطة مهمة تصب في مصلحة القضية الفلسطينية. موقف "بريكس" من القضية عادل وإيجابي، حيث طالب الإعلان الختامي للقمة بدعم قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، وكذلك مبادرة السلام العربية الهادفة إلى تنفيذ حل الدولتين، وإنشاء دولة فلسطين، وعبروا عن رفضهم للاستيطان وعنف المستوطنين المتصاعد, وأكدوا دعمهم لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين، "الأونروا"، وتعهدوا بتقديم المزيد من المساعدات الدولية لتحسين الوضع الإنساني للشعب الفلسطيني.

يقلقني ان زعماء دول "بريكس" دعوا إلى دعم المفاوضات المباشرة التي تؤدي إلى إنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة, فهي هنا تتعامل مع "المفاوضات" كغاية وليس كوسيلة، وهذا موضوع حساس علينا ان نتعلم من تجربة ٣٠ عاما من تبني "المفاوضات"، وان نذكر من منطلق علمي ان المفاوضات هي احدى الأدوات السلمية المتبعة في حل الصراعات, وهنا يتوجب التفكير بأدوات أخرى, من غير المنطقي ان نستمر بتكرار نفس العبارات وتبني نفس الاستراتيجيات متوقعين نتائج مختلفة. فيما اذا انضمت فلسطين، فهذا سيعزز مكانتها سياسيا واقتصاديا، حيث سيفتح أفق التعامل مع عملة جديدة في ظل الحرمان من عملة مستقلة والتبعية العميقة للشيكل الاسرائيلي من جهة وللدولار الامريكي من جهة اخرى.

من المثير ان أكثر من 22 دولة صغيرة وكبيرة قدمت طلبات للانضمام إلى المجموعة, مما يدعو للمقارنة او المنافسة لحد ما مع مجموعة السبع ومجموعة العشرين. والموضوع الأكثر حساسية لهذه المجموعة هو كيفية الحد من أهمية الدولار كعملة احتياطية عالمية. إن اقتصادات مجموعة الـ "بريكس" أكبر من اقتصادات مجموعة السبع مجتمعة. ولكن عملة جديدة جذابة تنافس الدولار لا يمكن تحقيقها بوقت قريب. ومع ذلك، فإن الاتفاقيات الثنائية لمزيد من التجارة التي تشمل العملات الوطنية بدلا من الدولار تنمو بسرعة. إن استغلال هيمنة الدولار لفرض عقوبات تقودها الولايات المتحدة سيعجل بزوال الدولار، ولهذا نتخيل ظهور عملة جديدة قد تكون الكترونية لتجنب خلاف السباق بين هذه الدول، فهناك منافسة صريحة بين الصين والهند عند الحديث عن عملة، أي البلدين هي الأجدر مثلا للتبني في "بريكس"، ولتجنب انهيار هذا التحالف المتجه نحو تعديل ميزان القوى الدولية ممكن ان تتوحد المجموعة بإصدار عملة رقمية جديدة.

يرى بعص المحللين ان وجود مجموعة بريكس مهدد فيما اذا تحولت لكتلة واحدة بقيادة الصين! هناك اتهامات عديدة لوسمها بـ"الكتلة غير الليبرالية" التي تنافس الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وضد الديمقراطيات في العالم. ولكن هناك العديد من القوى التي تعارض ولا ترغب الهند أو الأرجنتين أو البرازيل في احتضان الشعبوية الديكتاتورية في الصين. ويسعى كل من  المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وتركيا، ومصر إلى تحديد موقع بين الكتلتين الكبيرتين. بالنسبة لهذه البلدان، فإن فائدة الانتماء إلى المجموعة الصاعدة هي حماية نفسها من الضغوط غير المبررة للانضمام إلى معسكرات الولايات المتحدة أو الصين، من خلال إضفاء الطابع الرسمي على عدم الانحياز وهذا ما شهدناه عندما رفضت أغلب هذه البلدان بالفعل الانحياز إلى أحد الجانبين في حرب روسيا وأوكرانيا. 

- دلال عريقات: أستاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي, كلية الدراسات العليا, الجامعة العربية الأمريكية.