تنعقد قمة العشرين في دلهي العاصمة الهندية بعد إنعقاد قمة بركس في جوهانسبوغ وقمة آسيان في جاكارتا، وهذا ما يجعل من قمة العشرين التي تنعقد في التاسع من سبتمبر الحالي توصف عند المحللين بالقمة الحاضنة للإستخلاصات كونها جامعة للقوى المتباينة السياسية منها والإقتصادية فهي تضم روسيا الاتحادية القادمة من مستنقع أوكرانيا كما تضم الولايات الأمريكية المشتبكة حول الأحادية القطبية كما تضم الصين الشعبية الطامحة بدور أوسع والدولة المستضيفة الهند صاحبة النمو المتصاعد التي تأمل بمكانة أفضل في بيت القرار الدولي.
وعلى الرغم من الغياب المتوقع للرئيس الروسي بوتين والغياب الدبلوماسي للرئيس الصيني شي جين بيغ نتيجة الخلاف الحدودي الصيني الهندي إلا أن الأنظار ما زالت تتجه لظروف إنعقادها ...لاسيما وأنها تعتبر واحدة من المحطات السياسية المهمة في المحافل الدولية ليس فقط لظروف توقيتها أو لمكان إنعقادها فحسب لكن لأن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أصبح اللاعب الأساس في التواصل والتجسير في بين الكتله الشرقية الغائبة الحاضرة والكتلة الغربية التي أكدت على حضورها ...
وهذا ما يجعل الرئيس مودي يقوم بدور الوساطة والتجسير بدلاً عن الرئيس الصيني تشي الذي كان لاعب أساس منذ إعلان بالي في القمة السابقة وكما يتوقع المتابعين أن تزداد مكانة الهند مكانه إضافية بما يجعلها قادرة لإيجاد مساحة نفوذ أوسع في البعد الجيواستراتيجي من جهة وتشكيل بديل أمثل لإستثمار الموارد البشرية وهو ما قد يجعل الهند تصبح المكان الأفضل لتوطين الصناعات التكنولوجيه.
وبالإضافة للدول العشرين تستضيف القمة أيضأ مجموعة من رؤساء الدول من بينهم الرئيس الإماراتي محمد بن زايد والسلطان العُماني هيثم بن طارق والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالإضافه لولي العهد السعودي محمد بن سلمان صاحب المقعد الدائم وهو ما يجعل من الظل العربي له إمتداد كبير بهذه القمة التي تنعقد لمدة يومين لتناول كما يتوقع بعض السياسيين الملف السعودي الأمريكي ببنوده الثلاث وأمن البحر الأحمر والخليج إضافة للملف الأوكراني وهي ملفات مفتوحة بحاجة لإستدراك في بعض جوانبها.
القمة التي ينتظر أن تناقش بالإضافه للقضايا السياسية والأمنية والإقتصادية أزمة الدول النامية التي لم تستجب إقتصادياتها للإصلاحات الطبيعية التي قدمها صندوق النقد الدولي حيث باتت بحاجة لعناية خاصة من هذه القمة كما تأمل بالحصول على رزم إستثنائية إستثمارية ومالية يراعى فيها ظروف الدول العشرة المستهدفة والتي من بينها ثلاث دول عربية هي تونس ومصر إضافة إلى لبنان التي تأمل مجتمعاتها بالحد من نزيف التضخم والسيطرة على تدهور قيمة العملة النقدية.
إذن قمة العشرون تنعقد وسط ظروف دولية ليست صحية وظروف سياسية وإقتصادية حادة لحد الإشتباك وهذا ما يجعل منها محطة مفصلية ينتظر أن تحمل منطلق جديد تجعل من الحاد منفرج من التوافق خيار لتكون بذلك الإتجاه الذي يعمل على وقف أجواء المشاحنة والابتعاد عن جوانب الخلاف بالعودة إلى لغة الحوار والتنسيق المشترك...
فلا أحد يستطيع الغاء أحد إلا بحرب تدميرية ستجعل من الكرة الارضية مكان غير قابل للعيش تلك هي النتيجة التي لا يريدها أحد وهي الرسالة المفيدة التي تقف عليها الدبلوماسية الأردنية بالتزامها بالقيم الانسانية وبالسلم الدولي والتي تأمل من الجميع أن يردد ما يحمله الرئيس مودي من كلمة تحمل عبارة سلام.