قيل أن نهر الفرات هو أحد أنهر الجنة وعند جفافه يكون إنذار النهاية وفي معركته تكون شرارة البداية من هنا تندرج أهمية الفرات التاريخية الذي ينحسر على كنوز من الذهب كما تذهب بعض الروايات، ومجراه يعتبر مجرى الدخول العذب كما يعتبر دجلة بوابة الخروج الآمن وهي الفلسفة التي حملتها دار الحكمة عندما قامت بتكوين التشكيل الهندسي للعمارة وتشييد بغداد فى عهد المنصور.
من هنا تأتي خصوصية الفرات ومن على شريانه يمكن إستنباط المعنى وبيان طبيعة الأحداث التي تدور على ضفتيه الشرقية التي أصبحت أمريكية المضمون ضمن تشكيلات ماطرة بعناوين متباينة وعلى الضفة الغربية حيث روسية ضمن حلف له إمتداده في الخاصرة الشرقية من العالم.
وهذا ما ينبئ أن الفرات على إمتداد شريانه وفحوى مضمون رسالته، سيتشكل خط حدودي جديد لتشكيل واقع آخر، جغرافيا سياسية جديدة وديموغرافية مجتمعية جديدة ممتدة من بغداد ومروراً بالأنبار إلى دير الزور والرقة ومن بعد ذلك إلى حلب ...وهو متغير خطير على الواقع السوري والعراقي كما على المنطقة لاسيما مع وجود حالة ا
إصطفافات ممتدة على ضفتي الفرات وهي ما وصفها بعض المتابعين بحالة الإصطفاف الإستراتيجي التي لا تنم عن تشكيلات مرحلية ...
وهذا ما يمكن مشاهدته في المعارك الدائرة على ضفاف الفرات الذي تدور رحاها في سوريا بهدف قطع شبكة الإمدادات اللوجستية بين إيران وسوريا وبين العراق حيث عمق النظام السوري وهو ما يظهر حالة التقسيم الحاصلة على رقعة الجغرافية السورية عبر مناطق نفوذ عدة، تركية وأخرى كردية في الشمال وديمقراطية حيث نفوذ قسد واخرى في الجنوب حيث السويداء وأما بقية المساحة الجغرافية فإنها تخضع بشكل نسبي للتحالف السوري الإيراني الروسي الذي يتمركز بشكل رئيس في الواجهة البحرية حيث موانئ طرطوس واللاذقية...
ومن باب آخر فإن الخطوط الواصلة بين السويداء في الجنوب السوري إلى عين الحلوة في لبنان يندرج في سياق متصل مع ما يحدث على ضفاف الفرات بذات حالة الإصطفاف الكامنة لكن ضمن حدود متوازية وهو أيضاً ما يعتبر خط تماس آخر يتم صياغة مفرداته بخطوط باتت واضحة للعيان ويمكن قرائتها من باب الإستخلاص الضمني في معادلة التكوين الحاصلة ..
وبهذا تكون الغرف المعتمة في الحرب العالمية الدائرة أخذت تنتقل جيوبها بشكل متسارع من أوكرانيا إلى إفريقيا ثمة إلى الشرق الأوسط حيث سوريا والعراق.
وهذا ما يدخل المنطقة بإسقاطات ثقيلة تستوجب اليقظة.
وبناءاً على هذه الإستخلاصات التحليلية فإنه يتوقع أن تزيد ثقل الأعباء على الأردن وعلى دوره الأساس في حماية المنطقة والعمق العربي فيها بعدما دخل بقواته البحرية مع القوات الدولية في حماية أمن الخليج الأمر الذي يتطلب من قوات التحالف الدولي العمل على تمكين الأردن ودعم ظروفه الإقتصادية والمعيشية إضافة للشؤون الأمنية والعسكرية التي تعتبر ركن أساس في حماية المنطقة والذود عن مجتمعاتها فإن مضمون السلم والأمن في المنطقة يبدأ من الأردن حيث رسالته.