صدى نيوز - (أ ف ب) -يستقبل يورغ بروفيت، مرشّح حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتشدد لرئاسة بلدية نوردهاوزن في ولاية تورينغن الواقعة في ألمانيا الشرقية سابقا، الناخبين عند منصة حملته بابتسامة عريضة.
يعد بروفيت الأوفر حظا للفوز في الجولة الثانية للانتخابات الرامية الأحد لاختيار رئيس بلدية للمدينة المزدهرة رغم صغر مساحتها والتي تعد 40 ألف نسمة.
لكن فوز رجل الأعمال السابق البالغ من العمر 61 عاما سيكون بمثابة "كارثة"، برأي القائمين على إدارة المؤسسة التذكارية لمعسكر اعتقال قريب يعود إلى الحقبة النازية.
احتُجز حوالى 60 ألف شخص في معسكر السخرة ميتلباو دورا الذي كان تابعا لمعسكر الاعتقال بوخنفالد، والواقع على بعد ستة كيلومترات فقط عن وسط نوردهاوزن.
أُجبر المعتقلون فيه على تصنيع صواريخ "في-2" في ظل ظروف وحشية تحت الأرض إذ عمل واحد تقريبا من كل ثلاثة منهم حتى الموت.
وأكد مدير المؤسسة التذكارية لبوخنفالد وميتلباو دورا ينس كريستيان فاغنر لفرانس برس أن الهيئة لن ترحّب بالتأكيد برئيس بلدية من حزب البديل من أجل ألمانيا لدى تنظيمها مناسبات لاستذكار الأحداث في الموقع.
وقال إن "البديل من أجل ألمانيا هو حزب يميني متطرف يعد فكره مطابقا أو على الأقل مشابها إلى حد كبير في العديد من المجالات لفكر الاشتراكيين الوطنيين (النازيين)".
حصل بروفيت على 42,1 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى لانتخابات رئاسة البلدية في وقت سابق هذا الشهر، فيما فاز خصمه كاي بوخمان بـ23,7 في المئة فقط.
وتراجع العديد من السكان عن تأييد المرشح المستقل بوخمان الذي تولى السلطة على مدى السنوات الست الماضية، بعدما اختلف مرّات عدة مع مجلس بلدية المدينة.
أدى الجدل إلى دعوات لبداية جديدة وبالتالي دخل بروفيت على خط المنافسة.
وعلى غرار العديد من أعضاء الحزب اليميني المتشدد، اتُّهم بروفيت بالتطرف وبتحوير التاريخ.
وفي مدونة عام 2020، أفاد بأن قوات الحلفاء التي حررت معسكر ميتلباو دورا لم يكن همّها غير التلصص على تكنولوجيا الصواريخ في الموقع.
كما دعا إلى وضع حد لـ"شولدكولت" أي "عقيدة الشعور بالذنب"، في إشارة إلى مساعي البلاد لتذكّر المحرقة والتعلّم من أخطاء الماضي.
لكن يبدو أن الجدل لم ينجح في ثني الناخبين.
وقال فاغنر "كل ما أسمعه من نوردهاوزن.. يدل على أنه سيتم انتخاب بروفيت، ليس بالرغم من مواقف تحوير التاريخ هذه، بل تحديدا بفضل هذا النوع من المواقف".
كشف استطلاع نشرته مؤسسة "فريدريش إيبرت" هذا الأسبوع أن المواقف اليمينية المتطرّفة تنتشر في ألمانيا.
ويمكن حاليا تصنيف ثمانية في المئة من الألمان على أنهم يتبنون مواقف يمينية متشددة واضحة، مقارنة مع اثنين إلى ثلاثة في المئة في السنوات السابقة، وفق المؤسسة.
وسيكون فوز بروفيت الحلقة الأخيرة ضمن سلسلة نجاحات حققها حزب البديل من أجل ألمانيا الذي تأسس عام 2013 كمجموعة مناهضة لليورو قبل أن يستغل مشاعر الغضب السائدة حيال موجة الهجرة الكبيرة التي شهدتها ألمانيا مؤخرا.
وحصل الحزب في حزيران/يونيو على أول منصب له على الإطلاق في إدارة مقاطعة في تورينغن أيضا، بينما تولى في الشهر التالي لأول مرة رئاسة بلدية في ساكسونيا أنهالت المجاورة.
على الصعيد الوطني، نال الحزب 22 في المئة في استطلاعات الرأي الأخيرة ليتقدّم على حزب المستشار أولاف شولتس الاشتراكي الديموقراطي (يسار وسط) متخلّفا ببضع نقاط فقط عن الحزب المحافظ المعارض الرئيسي.
يحظى البديل من أجل ألمانيا بحضور قوي في تورينغن على وجه الخصوص حيث كشف استطلاع نشرته شبكة "إم دي آر" الإقليمية للبث مؤخرا بأن نسب التأييد له تبلغ حوالى 34 في المئة.
من المقرر أن تجري تورينغن انتخابات لاختيار أعضاء برلمانها الإقليمي في أيلول/سبتمبر 2024، إلى جانب ولايتين أخريين من ألمانيا الشرقية سابقا هما براندنبورغ وساكسونيا.
يرجّح فاغنر فوز الحزب في اقتراع واحد على الأقل من عمليات التصويت هذه.
وقال "أعتقدت أن الألمان تعلّموا من ماضيهم. لكنني أشعر بالقلق حاليا من أن.. هذا الفكر سينتشر مجددا بشكل كبير في ألمانيا وسيكسبون الغالبية".
وفي مبنى بلدية نوردهاوزن حيث بدأ بعض الناخبين الإدلاء بأصواتهم، يشاطر خبير التكنولوجيا المتقاعد يورغن يونغرهاوزن (75 عاما) فاغنر مخاوفه. وقال إن رئيس بلدية من اليمين المتشدد "ليس خيارا جيدا" بالنسبة لنوردهاوزن "خصوصا في ضوء تاريخنا".
لكن في القسم الخلفي لمنصة حملة تابعة لحزب البديل من أجل ألمانيا، يعتقد ميكانيكي السيارات المتقاعد غرد فيله (62 عاما) أن فوز بروفيت "سيكون إيجابيا بالنسبة لنوردهاوزن".
وقال لفرانس برس "إنه صاحب مشاريع ويتعامل أصحاب المشاريع مع الأمور عادة بشكل محدد الأهداف".
وأضاف أن رئيس بلدية من حزب البديل من أجل ألمانيا يعني "رياحا جديدة، وليس رياحا جديدة فحسب، بل جيّدة أيضا".