صدى نيوز - في تحقيقٍ أجراه مركز حملة - المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي، اختبر قدرة سياسة إدارة المحتوى الخاصة بشركة ميتا في إدارة ومنع خطابات الكراهية والتحريض على العنف في الإعلانات الممولة على منصاتها، حيث كشف التحقيق عن حقيقةٍ تثير القلق: إنّ ميتا تربح ماليًا، من نشر المحتوى الضار على منصاتها. وكانت الإعلانات التي تدعو إلى اغتيال أفراد معيّنين والإعلانات التي تدعو إلى طرد الفلسطينيين/ات من الضفة الغربية إلى الأردن هي الدافع وراء هذا الاختبار الذي قام به حملة. 

سلّط التحقيق الذي أجراه مركز حملة الضوء على موافقات سريعة لتسعة عشر إعلانًا تتضمن خطابات كراهية وتحريض باللغة العبرية موجهة ضد العرب والفلسطينيين/ات في سياق الحرب على غزة. مما يظهر فشل آليات إنفاذ "المراجعة الآلية واليدوية" الخاصة بشركة ميتا والتي تهدف إلى حظر المحتوى الإعلاني التحريضي على منصاتها، والمكاسب المالية غير المقصودة التي حققتها الشركة من نشر هذا الخطاب.

اختبر التحقيق الذي أجراه مركز حملة مصنفات العنف في اللغة العبرية الخاصة بشركة ميتا وآليات تطبيق معايير الإعلان الآلية الخاصة بها. وقد عمل المركز على دعاية مكونة من تسعة عشرإعلانًا، تحتوي على خطابات كراهية وتحريض على العنف باللغة العبرية، عبر منصات ميتا. تضمّنت الإعلانات التي تمت الموافقة عليها دعوات لـ"محو غزة ونسائها وأطفالها وشيوخها" وغيرها من العبارات التحريضية التي تدعو بشكلٍ صريح إلى قتل الفلسطينيين، وحرق غزة بأكملها، وترحيل الناس إلى بلدانٍ أخرى، ودعوات إلى تنفيذ نكبة ثانية.

في هذا التحقيق، قام مركز حملة أيضًا باختبار نفس الإعلانات باللغة العربية، وكما هو الحال مع اللغة العبرية، تمت الموافقة على جميع الإعلانات العربية أيضًا، يأتي ذلك في أعقاب تطور مثير للقلق في فيسبوك الذي يسمح بحملات إعلانية تستهدف الفلسطينيين/ات بلغتهم الأم. على سبيل المثال، بدأ مؤخرًا ملف شخصي على فيسبوك يسمى "هاجروا الآن" بنشر إعلانات تدعو "العرب في يهودا والسامرة" إلى الهجرة إلى الأردن "قبل فوات الأوان"، تعتبر هذه اللغة المشفرة استخدامًا واضحًا للترهيب، ولا يجب أن يكون لها مكان على منصات ميتا. إضافةً إلى ذلك، لا ينبغي بالتأكيد أن تستفيد ميتا ماليًا من المجموعات التي تدير هذه الأنواع من إعلانات الكراهية.

بمجرد أن حصل مركز حملة على موافقة كاملة لجميع الإعلانات، قام المركز بمشاركة توثيق التحقيق مع موقع The Intercept، وبعد أن قام صحفيو The Intercept بالتواصل مع ميتا للتعليق، تلقى مركز حملة إشعارًا برفض الإعلانات باللغة العبرية بأثرٍ رجعي. إنّ مركز حملة يأمل أن تأخذ ميتا هذه القضية على محمل الجد، ومن المهم ملاحظة أنه لدى شركة التواصل الاجتماعي العملاقة، تاريخ حافل في الاعتذار عن مشكلات فردية دون أخذ أي إجراءات جدية لإيجاد حلول منهجية.

هدف التحقيق إلى تقييم قدرة المنصة على رصد ومنع نشر المحتوى الضار، وقد سلطت سرعة الموافقة المثيرة للقلق التي تمت خلال ساعة واحدة والنشر المجدول لهذه الإعلانات، الضوء على نقاط ضعفٍ كبيرة. من المهم الإشارة إلى أنه نظرًا للطبيعة التجريبية للاختبار، لم يكن مركز حملة ينوي إطلاق الإعلانات فعليًا، وتم إيقاف النشر قبل بدء ظهورها للجمهور.

تؤكد النتائج على ضرورة قيام ميتا بمعالجة أوجه القصور هذه، ليس فقط في مصنفاتها، ولكن أيضًا في بروتوكولات إدارة المحتوى الخاصة بها. لسنوات، أثارت منظمات المجتمع المدني الفلسطينية مخاوفها بشأن تصاعد انتهاكات الحقوق الرقمية الفلسطينية على منصات ميتا. كما أكد تقرير مستقل حول العناية الواجبة  بحقوق الإنسان  لـ منظمة الأعمال من أجل المسؤولية الاجتماعية (BSR)  في العام الماضي على القضايا المتعلقة بعدم وجود مصنّفات اللغة العبرية لتعمل على مواجهة خطابات الكراهية والتحريض. يستمر انتشار خطاب الكراهية والتحريض في تقويض التزام ميتا الواضح بحماية سلامة وكرامة جميع المستخدمين/ات على منصاتها. إن اعتراف ميتا بعدم كفاءة مصنفات الكلام العنيف العبرية بسبب عدم كفاية البيانات يؤدي إلى تفاقم هذه المخاوف. ومع ذلك، في آخر تحديثٍ رسمي للشركة بشأن حقوق الإنسان، أكدت شركة ميتا أنها أطلقت مصنفًا عبريًا فعالاً، لذلك نفترض أن المصنف يعمل عبر جميع المنصات. تؤكد هذه المشكلة المستمرة على الحاجة الفورية لميتا لمعالجة أوجه القصور في إدارة المحتوى لحماية الفلسطينيين/ات من المزيد من الأذى.

يدعو مركز حملة، شركة ميتا إلى منع المزيد من استغلال منصاتها بهدف نشر خطاب الكراهية والتحريض على العنف. يجب أن يتم ذلك حتى تتمكن ميتا من الوفاء بمسؤوليتها في حماية المجتمعات من الأذى. يجب التعامل مع النتائج التي تفيد بأن ميتا تجني فوائد مالية من المحتوى العنيف بمنتهى الجدية، ويأتي ذلك جنبًا إلى جنب مع دعوة ميتا إلى "التوقف عن تجريد إنسانية الفلسطينيين ​​وإسكات أصواتهم". تتحمل شركة ميتا مسؤولية أخلاقية وقانونية لمنع تداول خطاب الكراهية والتحريض عبر منصاتها، الذي يشكل خطرا متزايدا في ترجمة التحريض عبر الفضاء الافتراضي إلى عنف حقيقي يؤثر على الأفراد والمجتمعات الفلسطينية.