على مدار 56 يوماً على الحرب الإسرائيلية على غزة؛ بما حملته من جرائم الحرب ضد الإنسانية والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، لم نرَ قيادة سياسية "في رام الله وغزة" موحدة متصلة بالواقع تستوعب طبيعة العدوان الإسرائيلي وآثاره الحالية والمستقبلية. تعيد نكبة غزة 2023 إلى الأذهان تشرذم القيادة السياسية إبان النكبة الفلسطينية عام 1948 بين "المجلسيون" أنصار آل الحسيني وقيادة الحاج أمين للمجلس الإسلامي الأعلى و"المعارضون" أنصار آل النشاشيبي المعارضون للحسينية والمجلس الإسلامي.
ومع بدء المرحلة الثانية من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بعد هدنة امتدت لسبع أيام متتالية، فإنّ الاحتلال يسعى إلى تهجير المواطنين من قطاع غزة لصحراء سيناء المصرية بعد نزوح أغلب المواطنين من شمال قطاع غزة نحو جنوب القطاع في المرحلة الأولى من هذه الحرب الأمر الذي جعل جُل سكان قطاع غزة في الشطر الجنوبي للقطاع ذي المساحة الصغيرة.
إنّ هذا التشرذم على مستوى القيادة السياسية أبقى كل طرف من الأطراف الرئيسية منها أسير تحالفاته السابقة وأدواته الممارسة على مدار سنوات الانقسام دون النظر إلى المصلحة الوطنية العليا المتعلقة بصمود أبناء الشعب الفلسطيني في وطنه، وصد العدوان الإسرائيلي المستمر على الأرض والشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية.
هذا المقال لم يخصص للتنظير أو التفكير أو مناقشة ما العمل قبل فوات الأوان أو قبل قيام حكومة الاحتلال بجريمة الإبادة الجماعية من خلال التهجير المستمر نحو الجنوب 2023، أو لمناشدة الحكمة والحصافة فيها أو في بعض القيادة السياسية الفلسطينية في رام الله والدوحة وبيروت وغزة أو زعماء الفصائل الفلسطينية المختلفة من يمينها إلى يسارها.
هذا المقال صرخة جديدة لهم جميعا لتحمل مسؤولياتهم الوطنية لحماية القضية وأن يكون على قدر الأمانة التي يحملونها؛ كي لا يكرروا تنفيذ تيّه جديد للشعب الفلسطيني بفرقتهم كالتغريبة الفلسطينية قبل 76 عاما دون عودة، أو دون تحقيق أياً من أهداف أو تطلعات الشعب الفلسطيني. أنتم وحدكم تتحملون التيّه الجديد أمام التاريخ الذي لن يرحم أحداً منكم. ألم يكفي 76 سنة من التيه واللجوء والمعاناة والألم أم على الأجيال الجديدة ان تتحمل مأساة القيادة السياسية وفرقتها واهتمامها بمصالحها الفئوية والخاصة على حساب مصلحة الشعب الفلسطيني الذي يستحق قيادة وطنية منتخبة منه وتعبر عن قواه الحية وتحمل آماله وآلامه وتبعد عنه التيّه السياسي من جديد.