تمثل تصريحات رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ونائبه تطوراً في برنامج الحركة السياسي؛ وهي تصريحات اكثر وضوحاً من الوثائق السياسية السابقة للحركة. لكن هذه التصريحات لم تأتِ في الزمان والمكان الصحيحين، فمن حيث الزمان جاءت متأخرة حيث تتعرض حركة حماس والشعب الفلسطيني لضغطٍ عسكري هائلٍ من قبل التحالف الأمريكي الإسرائيلي، والموقف الغربي الأكثر تشدداً اتجاهها منذ نشأتها. ومن حيث المكان فإنها لم تأتِ في إطار تفاهمٍ وطني شامل وعبر الهيئة الرسمية الفلسطينية الممثلة للشعب الفلسطيني في الهيئات الدولية والعربية.
وبما أن هذا الأمر قد حصل، فإن هذا التطور يحتاج إلى تواصل فلسطيني داخلي لاستثماره بالطريقة المثلى وأنْ لا يتحول إلى مزيد من الضغط، أو يضيع سدى، أو اعترافاً مجانياً. وفي هذا الصدد فإنّ الأطراف الفلسطينية كافة تتحمل مسؤولية التحرك والبناء على هذه التصريحات السياسية دون تأخير لعل وعسى أنْ تتمكن من لمّ الشمل السياسي بعد أنْ فشل شلال الدم النازف في غزة والضفة على يد الاحتلال الإسرائيلي على مدار سبعين يوماً متواصلة.
فالحكمة تقتضي لقاء السياسيين الفلسطينيين لتدبير أوضاع الناس، ولتنسيق الجهود لوقف العدوان، ولتعزيز الصمود، ولتضميد الجراح في غزة والضفة، ولتوحيد البرنامج السياسي للفلسطينيين، ولتنظيم تحركاتهم السياسية للاستفادة من مجالات الحركة الممكنة لهم بتناغم دقيق لتوحيد البوصلة الوطنية والسياسية؛ لحماية وحدة الشعب والأرض، ولمنح الأمل للمواطنين، ولفتح آفاق المستقبل.
آن الأوان اليوم لتحرك النخب الفلسطينية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية للضغط على الطرفين علناً وبشكل مباشر عبر سلسلة تحركات متعددة وبمسارات متوازية لإجبارهما على التواصل والبدء بتوحيد برامجها السياسية وجهودهما لوقف العدوان واستعادة التوازن الفلسطيني الداخلي بعيد سنوات الانقسام الطويلة.