من نافل القول إن الإجماع القومي وقت الملمات والأزمات ضرورة وطنية للشعوب تتجلى في أتون  المعركة وبشكل خاص لدى المجتمعات التي تعيش الصراع وارهاصاته وعذاباته، ليس فقط لتضميد الجراح والتخفيف من الأعباء وشد أزر الأفراد وخاصة الفئات الاجتماعية الأكثر تضررا وذلك من خلال التضامن الاجتماعي والتعاون لمواجهة الكارثة التي حلت بالمجتمع، بل لتقوية الجبهة الداخلية أثناء المعركة الأمر الذي يقتضي انصهار جميع الجهود في بوتقة المعركة بما ينسجم مع البوصلة الوطنية الحافظة لوجود الشعب الفلسطيني وقدرته على المقاومة وحفظ جذوة نضاله الوطني؛ لتعظيم القدرة على المواجهة.
الإجماع القومي لا يلغي النقاش والبحث والتقييم للحدث أو تبعاته لكنه يضع أولية الخلاص من التبعات وتجاوز التحديات وآثاره الآنية على المجادلة في أسباب الحدث وإلقاء المسؤولية عن الخسائر بالمعنى التقني أو التضحيات بالمعنى القيمي. الأمر الذي يتطلب الفطنة والحصافة معاً لتغليب مصلحة الأمة ولمنع تآكل الجبهة الداخلية، ويتطلب الحكمة في إيجاد حلول لمعالجة المشكلات والتحديات الآنية، وآليات لتحقيق نتائج تنسجم مع أو تضاهي حجم التضحيات الجسام التي قدمها الشعب على مذبح الحرية والاستقلال.
الإجماع القومي، بغض النظر عن الاختلاف السياسي والاجتماعي والثقافي بين الفاعلين السياسيين، هي البوصلة "الوطنية" الفلسطينية التي تشير إلى توحيد جهود الأطراف الفلسطينية كخلية النحل في الخطاب والرؤية والرواية في مواجهة آلة الدمار الإسرائيلية، وضمان عدم انفراط العُقد الذهبي "الوحدة الوطنية" للفلسطينيين في جميع أنحاء المعمورة الحامي للشعب والأرض والقضية.
إنَّ الحفاظ على العُقد الذهبي يقتضي التمسك بالخطاب الوحدوي للمؤسسات والأفراد المجندين بالفطرة لحماية الشعب، وعدم الخروج عن الاجماع الوطني ببث روح الفرقة وانعدام الرؤية والتشفي بالآخرين أو النيل منهم أثناء المعركة أو ترك ظهرهم عارياً فيها، أو منح الأعداء فرصة لقتل الروح وسقوط القلاع وترك غزة وحيدة.  
ما أشبه غزة ببيروت كما البحر تجمعهما المقاومة والموت القادم من إسرائيل، فالاختلاف الوحيد لدى الفلسطينيين لا مكان آخر للمقاومة ورجالها سوى غزة وأهلها، كما الوحدة "العُقد الذهبي للفلسطينيين" سر المنعة، والإصرار، والتحدي، والنهوض الدائم، وسند الأمل الباقي فيّنا.