صدى نيوز - أفاد تقرير أعده جنود إسرائيليون في الاحتياط عند الحدود اللبنانية بأن جهوزية القوات الإسرائيلية ومواقعها العسكرية عند هذه الحدود ساء في الأشهر الأخيرة أكثر مما كان الوضع عليه في الماضي، بينما وزير الأمن، يوآف غالانت، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، والناطق العسكري يكررون القول إن الجيش في حالة جهوزية غير مسبوقة ضد حزب الله، وفقا لمفوض شكاوى الجنود السابق، الجنرال المتقاعد يتسحاق بريك.
وأشار بريك في مقال في صحيفة "معاريف" اليوم، الأحد، إلى أنه عندما كان مفوضا لشكاوي الجنود قبل خمس سنوات، "مررت في جميع المواقع العسكرية عند حدود لبنان وهضبة الجولان، على مدار أسبوعين. وزرت كل واحد من المواقع لمدة أربع ساعات، ووجدت انعدام كفاءة وغياب جهوزية للعمليات الأمنية الاعتيادية وكذلك للحرب".
وأضاف أنه ״مرّت خمس سنوات ولم يحدث شيئا جيدا"، وحسب تقرير جنود سرية الاحتياط الذين خدموا في المواقع العسكرية عند الحدود الشمالية، قبل ثلاثة أشهر من نشوب الحرب الحالية على غزة، فإنه "ليس فقط أنه لم يتغير شيئا نحو الإيجاب، وإنما العكس هو الصحيح، فقد استمر التدهور بكامل القوة وهو مستمر حتى يومنا هذا".
وتابع بريك أنه "تخيلوا ماذا كان سيحدث لو هاجم حزب الله بواسطة قوات كوماندوز من ’قوة رضوان’ مواقعنا وبلدات حدود الشمال، بالتزامن مع هجوم حماس في غلاف غزة في 7 أكتوبر الماضي. ولو هاجم حزب الله في 7 أكتوبر، لما تواجدت في المواقع العسكرية أي قوة للجيش الإسرائيلي ستقف في طريقه، وكان حزب الله سيجتاح الجليل، ويدخل إلى البلدات ومعسكرات الجيش الإسرائيلي بحرية، وبمرافقة إطلاق آلاف الصواريخ والقذائف الصاروخية والطائرات بدون طيار يوميا على الجبهة الداخلية الإسرائيلية ويتسبب بدمار وخسائر كبيرة. وكنا سنستيقظ على يوم أسود لا يمكن فيه استدعاء جنود الاحتياط، وكنا سننتظر معجزات".
ولفت إلى أقوال المراسلين والمحللين العسكريين الإسرائيليين وبينهم جنرالات متقاعدون في القنوات التلفزيونية الكبرى، قبل هجوم 7 أكتوبر، حول "الجيش الأقوى في الشرق الأوسط. وهؤلاء أنفسهم يواصلون ذر الرماد في عيون الجمهور بعد الهجوم على غلاف غزة أيضا. وأنصح الجميع بأن يتعاملوا مع أقوالهم على أنها محدودة الضمان، فليس منهم ستسمعون عن صورة الوضع الحقيقية".
وتناول بريك ملخص وثيقة جنود الاحتياط التي وصفها بـ"الصادمة". ووفقا للوثيقة، فإن "الخطر الأساسي في الجبهة اللبنانية هو محاولة احتلال قوات مشاة تابعة لحزب الله – ’قوة رضوان’ – عدد من المواقع العسكرية والبلدات عند خط الحدود كإنجاز إستراتيجي في الحرب. والعمليات الأمنية الإسرائيلية الاعتيادية في هذه الجبهة تسبب نسيان الوضع على حقيقته: لا توجد أي علاقة بين جهوزية المواقع وبين هذا السيناريو".
وأضافت الوثيقة: "ليس فقط أن المواقع العسكرية ليست جاهزة بمستوى يتلاءم مع الخطر، وإنما هي ليست جاهزة للقتال بمستوى مواقع عسكرية في خطوط بمستوى خطورة أقل بكثير".
وحسب بريك، فإن الجهوزية لمواجهة "سيناريوهات سهلة"، مثل اختطاف جنود أو تسلل قوة من حزب الله، فإن "هذه الجبهة في حالة جهوزية أقل أو أكثر"، لكن "حتى بالنسبة لهذه السيناريوهات، فإن مستوى الجهوزية متدن بشكل مفاجئ قياسا لهذه الجبهة الأكثر خطورة في دولة إسرائيل. والوثيقة تتحدث عن فجوات كثيرة في هذا المجال".
وتابع أن "الفجوة الأكبر فعلا تتعلق بالجهوزية لـ’السيناريو الإستراتيجي’ ومحاولة حزب الله احتلال مواقع الجيش الإسرائيلي في الحرب. وهذه خطة معروفة ومتداولة في الجيش. وتنقص أمور تافهة في كل موقع عملياتي عند الحدود بشكل سيسمح لحزب الله بإنجاز الاحتلال مجانا تقريبا".
وأشار إلى أن "الفجوات أساسية ولا يفترض أن تكون موجودة أبدا. كما أن المخاطر التي تذكرها الوثيقة ليست مخاطر نظرية، وإنما هي المخاطر المباشرة، مثل هجوم سرية لحزب الله على موقع للجيش الإسرائيلي. ولا يوجد أي سبب لمنح حزب الله هذا الإنجاز مجانا، وفي الوضع القائم هذا ما قد يحدث بكل تأكيد".
ولفت إلى أن "الاعتماد غير التناسبي أبدا على وسائل تكنولوجية غير موثوقة، وإهمال متطرف للتأهب العملياتي في المواقع العسكرية هو الصورة الحقيقية لخط المواقع الأمامي عند الحدود اللبنانية، مثلما وجده جنود سرية الاحتياط في حزيران/ يونيو العام 2023".
دمار جراء قصف إسرائيلي على بلدة الناقورة اللبنانية، الخميس الماضي (Getty Images)
ووفقا لبريك، فإنه "برأينا لا يوجد هنا أي شيء سري بالنسبة للعدو. ومقاتلو حزب الله يعرفون مواقع الجيش الإسرائيلي عند الحدود اللبنانية أفضل من كثيرين منا. وربما هم لا يرون كيف تبدو الأمور داخل الغرف السكنية، لكن بنية المواقع ومدة التواجد فيها أو غياب الأسلحة في الموقع يرونه جيدا من مسافة أمتار معدودة. ومن ناحية الجهوزية الحقيقية للبنية التحتية والجبهة للحرب، فإن الوضع صادم".
وأضاف أن "هذا الوضع كأنه يذكّر بمشكلة كلاسيكية من الحروب السابقة. ففي الانتفاضة الثانية، عندما كان الجيش الإسرائيلي راض عن نفسه بتنفيذ اعتقالات في القصبة في نابلس، نسي أنه بات منذ وقت طويل لا يعرف كيف ينفذ تحريك كتيبة إلى أي مكان. وقد اكتشفنا ذلك في حرب لبنان الثانية. ومن شدة الثقة بالذات بهذه القدرات، نسينا أنه إذا هاجموا المواقع العسكرية فعلا، فإنها فعليا ليست جاهزة أبدا بمستوى أساسي كبنية قتالية".
وأشار بريك إلى أن الجيش الإسرائيلي يقول لجنوده عند الحدود اللبنانية إنه "يوجد خطر حقيقي لهجوم بري ينفذه آلاف من مقاتلي حزب الله، وغايتهم الإستراتيجية هي احتلال مواقع عسكرية وبلدات محاذية للحدود. ورغم ذلك، الجيش الإسرائيلي لم يفعل الحد الأدنى الأساسي من أجل إحباط هذه الإمكانية، بأن يسلح ويجهز المواقع العسكرية والبلدات الموجودة عند الحدود لمواجهة هذا السيناريو بالضبط. وهذا الوضع لم يتغير حتى يومنا هذا".