صدى نيوز - عبرت دولة فلسطين عن ترحيبها وتقديرها للمرافعة القانونية منقطعة النظير المقدمة من قبل جمهورية جنوب افريقيا أمام محكمة العدل الدولية في اطار جهودها لمحاكمة إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، لانتهاكاتها الفظيعة وواسعة النطاق لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. 

سلطت جنوب افريقيا ضمن مرافعتها الضوء على الادلة الدامغة على كون إسرائيل تخرق التزاماتها وفق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها بشكل متعمد وواسع النطاق، فهي ترتكب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وفشلت باتخاذ إجراءات للوقاية من وقوع جريمة الإبادة الجماعية، وتتبنى سياسات من شأنها أن تحقق الإبادة الجماعية، وتسمح بالخطاب التحريضي الذي يدعو لإيقاع هذه الجريمة ضد الشعب الفلسطيني ويبرر الممارسات المنضوية تحتها، وهو ما يعد دليلاً على ضرورة وضع حد لهذه الممارسات الشنيعة من ارتكاب للمجازر والفظائع، وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني، من منطلق احترام الحياة البشرية والحفاظ عليها. 

وقالت وزارة الخارجية والمغتربين في بيان لها "اتخذت جنوب افريقيا هذه الخطوة الشجاعة والمستندة للمبادئ السامية، لتولي مسؤولياتها والتزاماتها كدولة طرف في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وتعبيراً عن وعيها بأن المبادئ الواردة في تلك الاتفاقية ذات طبيعية الزامية وليست اختيارية، كما أقدمت جنوب إفريقيا على هذه الخطوة في لحظة مصيرية للشعب الفلسطيني والمجتمع الدولي، ومفترق طرق سيكون له تبعات عالمية في سياق العدوان الذي تشنه إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، على الحقيقة والإنسانية وسيادة القانون، كما يظهر من ممارساتها في قطاع غزة".

وأضافت "علاوة على ذلك، تعتبر الخطوة المتخذة من طرف جنوب إفريقيا على درجة عالية من الأهمية في ظل الفشل المستمر للمجتمع الدولي في تولي مسؤولياته لضمان الأمن والسلام، والوقوف على التزاماته في الوقاية من جريمة الإبادة الجماعية، إذ فضح الشلل السياسي الذي بات يتسم به المجتمع الدولي أزمة ازدواجية المعايير التي تهدد مصداقية وجدوى النظام الدولي، فالجرائم التي ترتكبها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بحق الرجال والنساء والأطفال الفلسطينيين، والتي من شأنها أن تنهك شعب بأكمله، كانت بمثابة صدمة للضمير العالمي تتطلب من كافة دول وشعوب العالم الوقوف من أجل العدالة، إذ لا يسع هذا الضمير للصمت في وجه جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، بل ينهض للسعي لتحقيق العدالة والمساءلة لحماية أبناء الشعب الفلسطيني وضمان كرامتهم وحقهم بالحياة، وهي حقوق لطالما حرمنا منها".

وتابعت "إن النظام الدولي مدين لجنوب إفريقيا لما اتخذته على عاتقها من مسؤولية بدلاً من أن تقف متفرجة بينما يتم الهتك بمبادئ وثوابت القانون الدولي لتحقيق منافع سياسية، وعلى حساب الحياة الإنسانية ووجود شعب بأكمله، فأصوات الملايين من كافة شعوب العالم التي اتخذت من الشوارع ميداناً للتعبير عن رفضها الاجرام الإسرائيلي وجدت صداها في التصرف القانوني لجنوب إفريقيا، كما أن الشعب الفلسطيني في غزة، وفي كل مكان، يتشرب الأمل مما بدر من جنوب إفريقيا من تأكيدٍ على أنه بإمكان الإنسانية والأخلاق أن تنتصرا على العنصرية والعدوانية وازدواجية المعايير، والتأكيد على الالتزام السياسي والقانوني والأخلاقي للوقوف في وجه الإبادة الجماعية والتصدي لها". 

وأكدت أن القضية الموضوعة أمام محكمة العدل الدولية ذات طبيعة قانونية وليست سياسية، وعليه، يتعين على المحكمة أن تتخذ من القانون معياراً للتوصل لحكمها إزاء هذه القضية المصيرية، وأن تتجنب الوقوع في كمائن الكراهية والانحياز والعنصرية والفوقية وازدواجية المعايير، والتأكيد على رفضها القطعي لأي محاولات لتسييس إجراءات التقاضي، أو توظيف الخطاب العدواني، إذ أن دولة فلسطين على ثقة بأن محكمة العدل الدولية ستدافع عن استقلاليتها وستتحمل التزامها بالحكم وفقاً للقانون والتصدي للإفلات من العقاب، وذلك أقل ما يتوقع منها لكونها المؤسسة القضائية الأسمى في العالم.  
سيظل الشعب الفلسطيني مديناً بالعرفان لحكومة جنوب إفريقيا وشعبها الشجاع، على وقوفهم في وجه الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، وانحيازهم للإنسانية، في أصعب المراحل التي مرت على الشعب الفلسطيني منذ عقود، فصداقتنا التاريخية كانت وستظل مستندة لالتزامنا المتبادل بالحرية والمساواة والعدالة، وستبقى هذه الصداقة نموذجاً حياً للتضامن الفعال والشراكات المبنية على المبادئ، للسعي من أجل تحقيق هذه الغايات السامية. 

وقالت "تحية لجمهورية جنوب إفريقيا الصديقة، ولكل شعب محب للسلام في كافة أنحاء العالم، والشعوب التي وقفت إلى جانب الشعب الفلسطيني عندما احتاج الدعم والإسناد أكثر من أي وقت مضى".