الاقتباس من المؤكد أنه يُعزى إلى الكاتب والفيلسوف جورج سانتايانا، وفي شكله الأصلي كان يقول: "الذين لا يستطيعون تذكر الماضي محكومون بتكراره." ويقول كارل ماركس إن "التاريخ يعيد نفسه في المرة الأولى كمأساة، وفي المرة الثانية كمهزلة".
عندما يحاول الناس التنبؤ بالمستقبل، يمكن أن يكون من المفيد النظر إلى الماضي وتقييم اتجاهات اليوم، هل عنوان المقال مجرد تاريخ وحاضر، أم هناك تشابهات بين اللحظة الحالية والحقب السابقة واستخراج استنتاجات استنادًا إلى الاتجاهات الحالية.
يكرر التاريخ نفسه وسيظل يكرر نفسه لفترة طويلة جداً، ما لم يكن الناس قادرين على حل اختلافاتهم وبدء العلاقة من جديد، وأن يكونوا على استعداد للتعلم من الماضي ووضع آليات وأدوات جديدة أجل مستوى أفضل من العيش والحرية.
الاحتلال سيستمر ما لم نغير إستراتيجياتنا السريعة و/أو طويلة الأمد، وليس على طريقة الماضي. كما يفعل البعض في تصريحاته الإعلامية، وخصوصاً بان العالم سريع متغير، والكل يبحث عن الحفاظ على مصالحه الإقليمية والعالمية والرغبة في المزيد من ثبات سياساته ولو على حساب شعبنا الذي يعاني ما لم يعانيه أي شعب آخر. نأمل في يوم ما أن يتوقف التاريخ عن تكرار نفسه مع الاحتلال، ولكن حتى ذلك اليوم يجب علينا أن نتعلم مواجهته مع المتغيرات كما هي الآن.
يقول أبي الفلاح الذي عاش النكسة وسمع من جدي حكاية النكبة "اللي بتذكروش الماضي مُدانون بتكراره" أننا يجب أن نتذكر دائمًا التاريخ، لأنه إذا لم نفعل ذلك، ستحدث هذه المأساة مرة أخرى. مشاهدات أبي للجوع في غزة ذكرته بالفظائع التي عاشها هو وجدي وأنا؟!
يتكرر الاحتلال الإسرائيلي لأننا لا نأخذ الوقت والجهد لحل المشكلات الخاصة بنا؟! ندفنها وننكرها، نخفيها عن ضميرنا. ثم نكرر المعارك والصراعات لأننا لم نتعلم من ماضينا.
قتل شعبنا في غزة وطولكرم وجنين وأريحا وجباليا ورفح..... وكل المدن الفلسطينية يظهر أن التاريخ ما زال يتكرر. تظهر الفيديوهات المرسلة من قطاع غزة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة أن كل شيء يمكن أن يزداد سوءًا؛ وأن الإبادة الجماعية في غزة هي نسخة أكبر وجعاً مما حدث بالماضي.
أعتقد أن الاحتلال الإسرائيلي لنا يُدمرنا ببطء، ما لم نستطيع وقفها. لو لم يكن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي دكتاتوراً، لما كان بإمكانه فعل كل الأشياء الشريرة التي يقوم بها. لقد قام دكتاتوريزن في التاريخ بأشياء فظيعة، ما يظهر لنا أن التاريخ يتكرر ويؤدي إلى قتل الأبرياء.
المشهد الذي يعيشه شعبنا يشير إلى تكرار التاريخ. في تاريخ الولايات المتحدة وأوروبا، مثل تلك التي وقعت في فرنسا وروسيا، التي منحت فرداً سلطة مطلقة - نابليون وستالين على التوالي - ينتهي بها الأمر بالإمبراطوريات الفاشلة والدكتاتوريات القمعية.
البشرية تعيش الحاضر بكل مشاعرها الإنسانية، ما نعيش في فلسطين وبالتحديد قطاع غزة؛ واقعٌ لم تعشه البشرية من قبل. كوارث وقتل بشتى الوسائل يقشعر لها الجسد؛ تُتداول عبر وسائل الإعلام العالمية إلى نقل حي ومباشر دون أي إحساس من قبل المؤسسات الدولية والدول التي تعتبر نفسها أسياد الديمقراطية. لقد أصبحت غزة عاصمة المذابح الجماعية والمهازل الإنسانية بكل ما فيها من دموية جنونية لم يشهدها التاريخ البشري من قبل.