(1) حكومة تسيير الأعمال
إثر قبول الرئيس الفلسطيني استقالة الحكومة الثامنة عشرة الاثنين الفارط، أُعلن عن تكليف الحكومة المستقيلة بتسيير الأعمال من قبل الرئيس الفلسطيني. هذا الإعلان سواء كان خبرا عابرا أم مرسوماً رئاسياً، فإنه يخالف أحكام القانون الأساسي الفلسطيني التي تنص المادة 78 منه أنه "عند انتهاء ولاية رئيس الوزراء وحكومته يمارسون أعمالهم مؤقتا باعتبارهم حكومة تسيير اعمال"؛ أي أن الحكومة من تلقاء نفسها وبحكم الدستور "القانون الأساسي" تتولى مهمة تسيير الأعمال دون الحاجة إلى تكليف الرئيس لها.
أما حدود عمل هذه الحكومة فقد رسمها القانون الأساسي فأنه لرئيس الوزراء والوزراء أنْ يتخذوا من القرارات إلا ما هو لازم وضروري لتسيير الأعمال التنفيذية لحين تشكيل الحكومة الجديدة؛ أي بمعنى آخر عدم الإتيان بقرارات تعرقل أو تحد من قدرة الحكومة القادمة من العمل كتعيينات في الوظائف العليا، أو تضع التزامات عليها جديدة لم تكن في الأصل الحكومة قد بدأت بها قبل الاستقالة أو الإعلان عن نيّة الاستقالة.
وعلى الرغم من أن القانون الأساسي لم يضع مدة زمنية محددة لعمر حكومة تسيير الأعمال إلا أن القانون الأساسي فرض على الرئيس تكليف رئيسا للوزراء وفقا لأحكام المادة 79 من القانون الأساسي خلال مهلة أقصاها أسبوعان من تاريخ انتهاء ولاية رئيس الحكومة. أي أنّ شرط سلامة استمرار حكومة تسيير الأعمال ومشروعة أعمالها مرهون بالاستخدام السوي للقواعد الدستورية واحترامها.
(2) حكومة الصلاحيات الكاملة
في ظني أن الحكومة القادمة هي حكومة إنقاذ وطني لازمة بغض النظر عن شكلها وطبيعتها وشخوص اعضائها، وانْ كانت حكومة الخبراء المستقلة "التكنوقراط" هي الأمثل في هذه المرحلة.
إن حق الرئيس المطلق بتعيين رئيس الحكومة وهو مساءل أمام الرئيس عن أعماله وأعمال حكومته إلا أن ذلك لا يلغي المشاورات التي يجريها الرئيس لاختياره مع القوى الفاعلة لضمان القدرة على العمل في الضفة والقطاع بحكم الأمر الواقع. وفي ذات الوقت لا يحد من كون الحكومة عند وبعد تشكيلها هي حكومة الشعب الفلسطيني، فالرئيس الحكومة حق اختيار أعضاء الحكومة دون تدخل من أحد، وواجب عليه ممارسة الاختصاصات والصلاحيات المنصوص عليها في القانون الأساسي دون تقاعس أو التخلي أو التنازل عن أيٍّ منها.
إن حكومة إنقاذ وطني مطالبة بإعادة الحياة للشعب الفلسطيني خاصة في قطاع غزة؛ توفير التمويل لإعادة الإعمار وبعث مصادر العمل والرزق، وتوحيد مؤسسات الدولة في الضفة والقطاع على أسس مهنية، والتحضير للانتخابات العامة، وفتح الطريق لمستقبل سياسي جامع للشعب الفلسطيني أمام المجتمع الدولي، حكومة كهذه لا تحتاج فقط ممارسة كامل صلاحياتها فقط أو حرية اختيار منهج العمل بل تحتاج الدعم والمساندة بذات القدر من المساءلة والرقابة على أعمالها.