خاص اقتصاد صدى- دفع قرار رفع أسعار أغلب أصناف الدخان في فلسطين، المواطنين الفلسطينيين للاتجاه نحو "الدخان الأردني المُهرب" من الأسواق الأردنية، والذي يدخل السوق الفلسطينية بعد تهريبه من قبل تجار أو مواطنين عبر الجسر.
وحسب رصد اقتصاد صدى، فإن أسعار دخان (LM) المُهرب من الأردن يُباع للمواطن الفلسطيني بـ21 شيكلاً، بينما يبلغ سعره في الأسواق الفلسطينية 26 شيكلاً، بفارق 5 شواكل للعلبة الواحدة.
كما يبلغ سعر دخان (مالبورو) المُهرب من الأردن 23 شيكلاً، وفي السوق الفلسطينية 29 شيكلاً، أي بفارق 6 شواكل للعلبة الواحدة.
"الدخان الأردني المهرب".. منتشر بالأسواق من الأساس، ولكن ما حصل هو إقبال زائد عليه، مقابل عزوف عن الشراء من الشركات الفلسطينية التي تستورد الدخان، بعد رفع الأسعار، نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطن الفلسطيني، فوجد الفلسطينيون فيه الملجأ لهم في ظل انعدام الحلول المنصفة للغلاء.
وحسب بعض المواطنين الفلسطينيين المدخنين وفق متابعة اقتصاد صدى لآرائهم فإن "الدخان الأردني في السوق، جودته عالية، وأسعاره منطقية وجيدة" أو عالاقل أرخص من سعر الدخان في الأراضي الفلسطينية.
أزمة ارتفاع أسعار معظم أصناف الدخان في فلسطين بدأت بعد أن أقرت إسرائيل ارتفاع الضريبة على منتجات التدخين لديها، لأسباب أرجعتها أولاً لموازنة ميزانية الحرب الإسرائيلية، وثانياً لـ"منع التدخين وتعزيز نمط الحياة الصحي".
وفي هذه الحالة، تكون فلسطين مجبرة على الالتزام بنفس درجة الرفع لدى الإسرائيليين بسبب "التعرفة الجمركية"، وهي اتفاقية وحدة جمركية بين فلسطين وإسرائيل.
ويشار إلى أن مستوى المعيشة في دولة الاحتلال مرتفع كثيراً إذا ما قورن بمستوى المعيشة لدى الفلسطينيين، فالرواتب عالية جداً، حيث يبلغ الحد الأدنى من الرواتب في إسرائيل 5880 شيكلاً، بينما يصل الحد الأدنى للرواتب في فلسطين 1880 شيكلاً، مع الإشارة إلى أزمة الرواتب العميقة التي يعاني منها موظفو القطاع العام على مدار سنوات، والتي تفاقمت بحدة في الآونة الأخيرة، ومع تضرر القطاع الخاص بتداعيات حرب غزة المستمرة منذ 5 أشهر، بالإضافة لمنع آلاف العمال الفلسطينيين من التوجه للعمل في الداخل المحتل منذ بدء الحرب.
وتشير هذه الأرقام إلى أن الدخل للفرد الإسرائيلي غير متكافئ كلياً مع الدخل للفلسطيني، في ظل الأوضاع الطبيعية، فكيف إذا في ظل وضع اقتصادي مميت، وانقطاع للرواتب، وتوقفها لدى شريحة كبيرة في المجتمع وهم "العمال".
وأكد مراسل اقتصاد صدى أن معظم أصناف الدخان في الأسواق الفلسطينية طرأ ارتفاع على ثمنها بقيمة شيكلين (2 شيكل)، منها المالبورو ووينستون وبارليمنت وأصناف أخرى.
ويرى مراقبون أنه على الجهات المختصة الفلسطينية وخاصة وزارة المالية، أن لا تكتفي بإلقاء اللوم على "التعرفة الجمركية"، بل بإيجاد حلول منطقية وعادلة وجريئة، تحفظ ما تبقى من أموال قليلة في جيوب الفلسطينيين.
ووفق المصادر فإن وزارة المالية الفلسطينية تعمل أحيانا على دعم أسعار البترول (كالغاز والسولار والبنزين) عند ارتفاعها، لكن سيكون من الصعوبة دعم الدخان أيضاً.
وبالعودة إلى الخاسر الأكبر من هذه المسألة، فهم موزعو الدخان في فلسطين، والشركات الفلسطينية التي لم يعد عليها إقبالاً كبيراً كما كان سابقاً.
فارتفاع الأسعار بدأ يؤثر على الاقتصاد الفلسطيني المتهالك أصلاً، وعلى ميزانية السلطة والجمارك الفلسطينية وإيرادات الحكومة الفلسطينية، وهو يزيد العبء، فالجهات الفلسطينية ليست قادرة على التحكم بالأسعار داخل فلسطين، في وقت يبحث فيه المواطن على السعر الأرخص في أي منتج كان، وسط أسئلة كثيرة تُطرح منها (متى سيتم إنصاف الفلسطينيين)؟
موزع دخان لاقتصاد صدى: "نحن الخاسر الأكبر"
وفي ذات السياق، أوضح موزع دخان في حديث مع اقتصاد صدى تداعيات الارتفاع الذي طرأ على أسعار أغلب أصناف التدخين في السوق الفلسطينية، تزامناً مع إعلان إسرائيل عن ارتفاع الضريبة على منتجات التدخين في إسرائيل.
وقال: "السبب الرئيسي هو الجمرك الإسرائيلي الذي ارتفع 9% لكروز الدخان الواحد".
وعن ارتفاع السعر لشيكلين إضافيين، قال: " لأن أسعار الدخان متفاوتة في فلسطين، قاموا بعمل تسوية، ورفع السعر شيكلين على كل عبوة تدخين".
ووفق الموزع في حديثه مع اقتصاد صدى، فإن الأسعار في إسرائيل ارتفعت بسبب الخسائر التي منيت بها جراء الحرب، وعدم الإقبال على شراء المعسل والكحول، أي الأمور غير الأساسية".
ولفت الموزع إلى أن إقبال الفلسطينيين على شراء الدخان مع الوضع الاقتصادي المحلي الصعب في فلسطين، سيئاً قبل ارتفاع الأسعار المقرر، خاصة مع توقف العمال الفلسطينيين عن العمل في إسرائيل حيث كانوا يشكلون النسبة الأكبر من المقبلين على شراء الدخان.
وقال: "سجلت مبيعاتنا تراجعاً من 50% إلى 70%، ومع ارتفاع الأسعار الجديد، واستمرار الأزمة المالية، نتوقع أن تصل نسبة تراجع المبيعات إلى 80%".
وأشار إلى أن أصناف دخان الكابيتال والامبريال لم يطرأ عليها رفع لغاية الآن، لكن من المتوقع أن ترتفع.
واشتكى من خسائر كبيرة يعاني منها التجار قائلاً: "نحن كتجار لدينا خسائر كبيرة لأننا ندفع مبالغ كبيرة مقابل ربح بسيط جداً".
وتابع قائلاً: "نحن التجار الخاسر الأكبر من هذه المعادلة، فمن كل 1000 شيكل يعود الربح لنا بـ7 شواكل فقط، بدون مصاريف (اي مصاريف التشغيل والموظفين والنقل.. الخ)، ومع استمرار ذلك سيصبح عملنا غير مجدٍ".
ولفت إلى أن تجار التدخين يتعرضون لمضايقات مالية من البنوك بسبب فرض عمولات على الإيداع النقدي.
وقال: "نأمل أن يتجه الناس لخطوة مقاطعة الدخان بشكل كامل".