صدى نيوز - عقد الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة جلسة نقاش مسودة تقرير بعنوان: "حول الشفافية في العلاقة المالية ما بين السلطة الوطنية الفلسطينية ودولة الإحتلال"، تهدف إلى تسليط الضوء على مدى شفافية العلاقة المالية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، ضمن مجالاتها المتعددة، والخروج بتوصيات ومقترحات لتطوير السياسات والإجراءات المتعلقة بإدارة المال العام، ذات العلاقة مع الجانب الإسرائيلي، من أجل تعزيز الحوكمة في إدارة المال العام.
أمان: العمل على بعض القضايا المالية العالقة سيرفد الخزينة العامة بإيرادات تخفف من وطأة الأزمة المالية.
افتتحت الجلسة هامة زيدان، مديرة العمليات في ائتلاف أمان، منوّهة أن الفريق الأهلي يعمل على إنتاج تقارير ذات علاقة بالمال العام، وتكمن أهمية التقرير المذكور بأنه يشخّص واقع الحال، ويرفع توصياته للجهات ذات العلاقة، موضحة أن اتفاقية أوسلو وما تمخض عنها من بروتوكولات اقتصادية تحكم العلاقة المالية مع الاحتلال قد انتهت صلاحيتها أصلاً، ولم تعد مناسبة للتحكم في الوضع القائم. كما أضافت زيدان أن التقرير يأتي في وقت والحكومة الفلسطينية الجديدة التاسعة عشرة قيد التشكيل، آملة بأن تكون الأخيرة أكثر انفتاحاً وتعاوناً مع المجتمع المدني، وأن تستثمر في مخرجات التقرير وتوصياته للاشتباك مع الاحتلال في المحافل الدولية، وذلك على غرار ما تخوضه فلسطين كالدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا على دولة الاحتلال بارتكابها جرائم إبادة في قطاع غزة، إضافة لعلاج بعض القضايا المالية العالقة والمطروحة في التقرير، والذي ما إن حُلّت؛ سترفد الخزينة العامة بإيرادات جيدة تعمل على التخفيف من الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية.
واستعرض التقرير الباحث مؤيد عفانة، عضو الفريق الأهلي، معدداً أوجه العلاقة المالية التي تتمحور بين السلطة الفلسطينية واسرائيل، والتي تتم من خلالها سرقات الاحتلال المستمرة، مثل: المقاصة، ضريبة الدخل للعمال، التحويلات الطبية، صافي الإقراض من (الكهرباء والمياه، والصرف الصحي)، الترددات والاتصالات، وقضايا متنوعة أخرى غير مدرجة كتوضيح معين.
مستوى الشفافية في العلاقة المالية بين السلطة الوطنية ودولة الاحتلال "متدنية"
ولخص التقرير أن مستوى الشفافية في العلاقة المالية بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل "متدن"، وذلك في بنودها ومجالاتها ومحاورها كافة، حيث أنّ إسرائيل (كسلطة احتلال) تعتمد نهجاً أحادياً انتقائياً في العلاقة المالية مع السلطة الفلسطينية، كما أن العلاقة المالية مرتبطة بشكل وثيق بالمسار السياسي، ولا يمكن التعامل معها من منظور اقتصادي فقط، حيث تزداد الخصومات كحالة ابتزاز في كل مرحلة سياسية.
وقد استنتج التقرير أيضا أن بروتوكول باريس الاقتصادي، الذي كان مقرراً للفترة الانتقالية 1994-1999، هو بروتوكول فضفاض، يعتمد على اجتماعات اللجنة الاقتصادية المشتركة، والتي لم تعد صالحة، إضافة أن إسرائيل لا تلتزم بها، بل تخترقها على الدوام.
الاحتلال يستخدم المقاصة كأداة لعقاب الشعب الفلسطيني
وقد أضحت إيرادات المقاصة، والتي تشكل العمود الفقري للموازنة العامة، (تشكل ثلثي الإيرادات العامة، و75% من إجماليّ الإيرادات الضريبية)، أداةً بيد إسرائيل لمعاقبة الشعب الفلسطيني، عبر الخصومات والاقتطاعات وحجز الأموال، التي بلغت قبل العدوان على غزة حوالي (23.2%) من إجمالي إيرادات المقاصّة، وتصل مع الحجوزات للنفقات المتعلقة بقطاع غزة إلى أكثر من (50%) من إيرادات المقاصّة. وما تزال شهية إسرائيل مفتوحة لسرقة أموال أكثر في هذا المجال، ناهيك عن صافي الإقراض، الذي ازداد بشكل غير مسبوق في السنوات الخمس الأخيرة.
الانفكاك الاقتصادي يحتاج الى آليات عمل فاعلة تنعكس على البيانات الكمية في كافة المجالات
علاوة على ذلك، ورغم تضمين خطة التنمية الوطنية 2021-2023، والاستراتيجيات القطاعية لإدارة المال العام والاقتصاد الوطني وغيرها، وخطط الإصلاح، على الانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل؛ فإنّ البيانات الكمية تشير إلى عكس ذلك، إذ يوجد تشابك وتداخل في العلاقة المالية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل في العديد من مجالات تلك العلاقة، ما يعمّق من تدني الشفافية والتشتت، ومثال ذلك: نقاط الربط الكهربائي للهيئات المحلية، وشركات التوزيع، والقطاع الخاص، التي تصل إلى 250 نقطة.
تقرير للبنك الدولي: اسرائيل تحصل على 500% من القيمة المقدرة لإدارة إيرادات المقاصة
لخص التقرير أيضا أن دولة الاحتلال تستوفي ما نسبته 3% من إيرادات المقاصة، كبدل إدارة لها، وهي نسبة كبيرة تمّ إقرارها في العام 1994، حين كانت فيه إيرادات المقاصة محدودة، وكانت المعاملات ورقية ويدوية، ولا تتناسب مع تضاعف إيرادات المقاصة أكثر من (8) أضعاف. أشارت تقديرات البنك الدولي، أنه ومع التحول الرقمي لإدارة إيرادات المقاصة؛ فإن بدل إدارة إيرادات المقاصة لا تتجاوز (0.6%)، أي أنّ إسرائيل تحصل على 500% من القيمة المقدرة لإدارة إيرادات المقاصة.
الانقسام الفلسطيني يهدر الكثير من الإيرادات المستحقة للخزينة العامة
يساهم الانقسام الفلسطيني في عدم شفافية العلاقة المالية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، خاصة أنّ وثائق التعاملات المالية للشركات في قطاع غزة وإسرائيل غير متاحة لوزارة المالية، كما أنّ إسرائيل لا تعترف بتحويل الفواتير والتقاص إلا للشركات المسجلة لدى السلطة الفلسطينية (ما قبل الانقسام 2007)، الأمر الذي جعل العديد من الشركات التي أنشئت بعد ذلك غير مسجلة، وبهذا يتم إهدر إيرادات مستحقة للخزينة العامة.
يجب توفير إرادة سياسية لوضع حد للنزيف المالي واسترجاع المقدرات المنهوبة للخزينة العامة
رفع التقرير عدة توصيات التي من شأنها توحيد العمل لوضع حد للنزيف المالي والانعتاق من السيطرة الاسرائيلية على الموارد الاقتصادية للشعب الفلسطيني، والتي لا يمكن إنفاذها دون توفر إرادة سياسية، وتعاون بين مكونات الشعب الفلسطينيّ كافةً، حيث أوصى التقرير بضرورة إعداد استراتيجية وطنية متكاملة وإطلاقها؛ من أجل تحصيل حقوق الشعب الفلسطينيّ الاقتصادية والمالية المغتصبة من إسرائيل، تقوم على دراسة شاملة لكل مجالات العلاقة المالية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وإطلاق حملة ضغط ومناصرة لإنفاذ الحقوق الاقتصادية، من خلال لجنة لإدارة تلك الحملة من الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص والإعلام، بما يشمل السلك الدبلوماسي والمؤسسات الحقوقية. كما أوصى التقرير أيضا بضرورة رفع دعاوى حقوقية عالمية ضد إسرائيل وقرصنتها العلنية لأموال الشعب الفلسطيني، وتجنيد الدول الصديقة والمؤسسات الحقوقية في هذه الدعاوى.
وضع سياسات حكومية لتحفيز الاقتصاد المحلي وتعزيز المنتج الوطني
إضافة إلى ذلك، أوصى التقرير أيضا بالتحول نحو آليات عمل تكفل استقلالية السلطة الفلسطينية وحقّـها في أموالها وإيراداتها بهدف الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال، خاصة وأنّ إسرائيل لا تلتزم ببروتوكول باريس الاقتصادي، مثل إقرار قانون ضريبة القيمة المضافة المستجيب للواقع الفلسطيني، وغيره من القوانين. إضافة الى جملة من التوصيات تتعلق بتعزيز المنتج الوطني ووضع سياسات حكومية تجاه تحفيز الاقتصاد المحلي، وتعزيز الإيرادات المحلية، والتخفيف من الاعتماد على إيرادات المقاصّة، وإعمال مبادئ الشفافية ولو من جانب واحد بنشر الاتفاقيات، وإتاحة المعلومات للعامة.
اعتماد نظام محوسب لربط التعاملات المالية إلكترونيا (التقاصّ الالكتروني)
كما يجدر العمل على توحيد الملفات المالية مع إسرائيل من الحكومة، وعدم تشتتها بين الوزرات والسلطات والهيئات المختلفة؛ واعتماد التحول الرقمي في العلاقة المالية بين السلطة الفلسطينية في إسرائيل، من خلال نظام محوسب (التقاصّ الإلكترونيّ)، وربط التعاملات كافةً إلكترونياً، ومجالات العلاقة المالية كافةً، مثل: التحويلات الطبية، وضريبة الدخل للعمال الفلسطينيين العاملين داخل الخط الأخضر، وخدمات الكهرباء والماء وغيرها.
إضافة الى العمل على توفير مراقب مالي في الهيئات المحلية المرتبطة مباشرة مع الشركة الإسرائيلية المزودة للكهرباء، وضرورة العمل على إنفاذ قرارات الحكومة المتعلقة بربط الهيئات المحلية في نقاط ربط موحدة للكهرباء، وعدم منح أية استثناءات؛ من أجل الحدّ من تشتت هذا القطاع، وتعزيز حوكمته.