شاهد العالم بزوغ فجر "ثورة الطلاب" في الجامعات الامريكية على مدار الأيام الأخيرة احتجاجاً على السياسة الأميركية تجاه المسألة الفلسطينية، وراقب العالم قمع إدارات الجامعات والشرطة الأمريكية لهذه الاحتجاجات. أدّت عملية القمع هذه إلى توسّع حركة الاحتجاج في الجامعات الأمريكية من جهة وفي جامعات أوروبية وآسيوية وعربية من جهة ثانية تضامناً مع احتجاجات الطلاب الأمريكيين أو بالأصح الطلاب في الجامعات الامريكية.
حركة الاحتجاج هذه جاءت لسببين الأول: مبني على القيم الإنسانية التي يحملها الطلاب بما تعلموه من حقوق وتعاليم دستورية وفي مقدمتها حق التعبير عن الرأي، والثاني: العمل الدؤوب الذي قامت به حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS) على مدار السنوات الماضية في الجامعات الأمريكية التي انضم إليها أعداد كبيرة من أساتذة الجامعات والطلبة الذين يرون الظلم الواقع على الفلسطينيين، ويرون دولة إسرائيل دولة استعمارية ودولة تمييز عنصري تقوم باحتلال الأراضي الفلسطينية بالقوة المسلحة وتمارس عملية تطهير عرقي للسكان الأصليين وتخرق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
في كل الأحوال، في ظني، فإن أي حركة احتجاجية في العالم تساند النضال الفلسطيني وحقه في تقرير المصير، وتناهض الظلم الحاق بالفلسطينيين، وتقف ضد جريمة الإبادة الجماعية التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية في قطاع غزة، تتطلب بالضرورة تضامن الشعب الفلسطيني؛ بفئاته وشرائحه وفصائليه المختلفة، مع حركة الاحتجاج الطلابية ومع الطلبة الذين يتعرضون للقمع من قبل السلطات الامريكية سواء الاعتداء عليهم أثناء فض وقفات وساحات الاحتجاج، أو تعرض الطلبة وأساتذة الجامعات ومسانديهم من المواطنين الأمريكيين للاعتقال غير القانوني، ومنع ممارستهم لحقهم بالتعبير عن آرائهم وتضامنهم مع الشعب الفلسطيني.
إن التضامن والتعاضد مع حركة الاحتجاج المؤيدة لفلسطين تمثل مساراً مهماً لتوسيع حركات الاحتجاج والتضامن مع الشعب الفلسطيني كي تنتقل مسألة وقف العدوان في بلدان العالم خاصة العالم الغربي من كونها جزء من أجندة السياسات الخارجية للدول، كما هو الحال اليوم، إلى كونها جزء من الانشغالات والاهتمامات والشأن الداخلي في تلك الدول. وهي مسار موازٍ للعلاقات الرسمية التي ترتبط بها الدول خاصة بعد قرار الرئيس الفلسطيني بـ "مقاطعة" الحاكم الرسمي في البيت الأبيض، يحتاج الفلسطينيون إلى تعميقه. وهي مسار لاستعادة روح التحالفات الثورية مع الطلاب الذين تحركهم المبادئ في تبنيهم للقضايا على عكس السياسيين الرسميين الذين تحركهم المصالح.
إن الحركة الطلابية الفلسطينية في الوطن والشتات؛ بمشاربها الفكرية وانتماءاتها السياسية وتنظيماتها الفصائلية المختلفة، محمولةٌ على تبني حركة تضامن مع حركة الاحتجاج "الثورة الطلابية" في جامعات الولايات المتحدة الأمريكية تشعرهم بروح التعاضد والاهتمام المشترك لهذا الجيل أو لجيل المستقبل الذي يعول عليه في المديّين المتوسط والطويل لإحداث التغيير في الموقف الأمريكي الرسمي تجاه المسألة الفلسطينية.