اصدر الرئيس بتاريخ 1/2/2024 مرسوم رئاسي بشأن تاسيس المؤسسة الوطنية لتوثيق تاريخ فلسطين وحفظ الذاكرة، ونشر المرسوم بتاريخ 26/02/2024 في الجريدة الرسمية، وبتاريخ 28/04/2024 نشر قرار رقم (29) لسنة 2024 بشان تشكيل مجلس ادارة المؤسسة الوطنية تكون من (9) اعضاء برئاسة الدكتور زياد ابو عمرو. بعد الرجوع الى المرسوم نراه حدد في المادة (4) منه اهداف اربعة تسعى المؤسسة لتحقيقها، ما لفت انتباهنا الهدف الرابع من المرسوم والذي ينص على "المساهمة في اقتراح مناهج تعليمية مدرسية ومتطلبات جامعية متعلقة بتاريخ فلسطين والقضية الفلسطينية" نلاحظ ان هذا الهدف جدير بالتوقف امامه ومحاولة فهمه والغاية من وراء انشاء المؤسسة. ولغايات تحقيق اهداف المؤسسة فانها مكلفة بالقيام بعدد من المهام حسب ما ورد في المادة (5) من المرسوم اهمها الفقرة الاولى من المادة (5) ومنها "اعداد وتاليف الكتب والابحاث والدراسات المتعلقة بتاريخ فلسطين وتاريخ القضية الفلسطينية وتوثيقها" اما الفقرة (8) من ذات المادة فتنص على " تعزيز التعاون وتبادل الكتب والمنشورات والابحاث مع مؤسسات ومراكز البحث الفلسطينية والعربية والعالمية بما يخدم كتابة التاريخ الفلسطيني واهداف المؤسسة".
بالنظر الى ما ورد من الفقرة الرابعة من المادة الرابعة نجدها قد تتساوق مع الضغوط الامريكية- الاوروبية- الاسرائيلية التي تدعو الى تغيير المناهج الفلسطينية، خاصة عند النظر الى ما ورد في المادة (5) الفقرة (8) من المرسوم والذي ينص على كتابة التاريخ الفلسطيني وكان التاريخ الفلسطيني يحتاج الى اعادة كتابة او انه لم يكتب بعد، لتستكمل الفقرة (8) بعبارة وبما يتفق مع اهداف المؤسسة وكأن النص هنا يعيدنا الى الفقرة (4) من المادة (4) من المرسوم.
هنا يمكن لكل مختص او مهتم بالشان الوطني والسياسي ان يتسائل عن معنى تشكيل هذه المؤسسة بالرغم من وجود مؤسسات عديدة وكبيرة تعنى بالشان التاريخي والثقافي منها المكتبة الوطنية، ومؤسسة توثيق التراث، ومؤسسة الابداع والتميز، والمجلس الاعلى للثقافة ووزارة الثقافة وطيف واسع من مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني التي تعمل منذ سنوات على كتابة التاريخ الوطني كمؤسسة الدراسات الفلسطينية ومؤسسة مواطن ومركز مواطن وحفوق الانسان في جامعة بير زيت ومركز ابداع المعلم وغيرها.
كما ان وزارة التربية والتعليم وبالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني وجهات وشخصيات وازنة تقوم وقامت باعداد المناهج الدراسية الخاصة بالتاريخ الوطني، كما ان الجامعات الفلسطينية قامت ومن خلال اساتذتها باعداد الدراسات والكتب الجامعية المعنية بالتاريخ الفلسطينى. قد يقول البعض ان النص الوارد يتحدث عن اقتراح وليس الزام، نعم صحيح الا ان ما لافت في المرسوم ان الرئيس هو بذاته هو رئيس مجلس الامناء لذا فان اي مقترح يقدم له من مجلس الادارة ان حصل على موافقة الرئيس وتصديقه يصبح بمثابة اما قرار واجب التنفيذ او قانون او في حكمه.
ان توقيت اصدار المرسوم وتشكيل مجلس الادارة يتفق مع ما اعلن من ان السلطة وامريكا اقتربا من حل موضوع دفع رواتب الاسرى واسر الشهداء وتغيير المناهج ووقف التحريض.
فهل حل وزارة الاعلام قد يكون خطوة اولية لرفع اي مسئولية للسلطة عن الرقابة عن وسائل الاعلام وبالتالي عدم تحمل اي مسئولية عن ما يسمى بالتحريض في حال حصل من وجهت النظر الامريكية والاسرائيلية؟!!! ولماذا نحتاج الى مؤسسة جديدة بهياكل جديدة ومصاريف جديدة وموظفين جدد في هذا الوقت التي نعاني منه من ازمة مالية خانقة حيث تقوم الحكومة الفلسطينية بترشيد الانفاق والحد من عمليات التوظيف.
نامل ان لا يكون الغاية من انشاء هذه المؤسسة هو استجابة للضغوط الامريكية- الاوروبية- الاسرائيلية حول الرواية الفلسطينية وتاريخ فلسطين، وان تكون مجرد مناورة تضاف الى مصاف المناورات التي تنفذها السلطة للافلات من الضغوط الدولية.